مقالات

يوسف عبد المنان يكتب : ومشيناها خطي الحلقة

يوسف عبد المنان يكتب : ومشيناها خطي الحلقة ٢

 

توقفت قسرا عن متابعة خواطر مشيناها وصديقي المهندس على دقاش على درب تجربة قررنا خوض غمارها أن نزرع ونحصد بديلا للوظيفة ممحوقة المردود وارغمتني مشغوليات الحصاد المر لموسم زراعي بددنا فيه المال والوقت وحصدنا رماد الأسى ومر الليالي الطويلة في خريف انصرم وشتاء أقبل ولكن في النفس حسرة على أن دولة تنشد الإنتاج وسياساتها الاقتصادية والزراعية والاجتماعية تهزم أصحاب الغزائم لزراعة الأرض وفلاحة التراب اليباب

دولة لاتشجع الزراعة بل تدعم المستهلك وتطرد المنتج بسياسات عقيمة في وقت كان حريا بسياسة تحرير السوق تحرير التمويل وإلغاء احتكار البنك الزراعي لتمويل الزراعة وبعقود ازعان متوحشة تحيل كل عام مئات المزارعين من منتجين إلى

مستهلكين ومن دافعي ضرائب إلى متلقي إعانات وسماسرة عقارات ومضاربين في العملات بالسوق العربي يكسبون السهل وحتى لأنرسل الكلام على إطلاقه نضرب الأمثال لعل الناس يعقولون ولاننتظر أن يسمع المسؤولين قولا لأن البلاد الان ليس بها مسؤلا ولو عاش الشاعر عمر الطيب الدوس لكتب غير ماكتب في قصيدة سعاد

ماشفنا زول درج صغار
ماشفنا زول رضع بهم
مسؤول كبير في بلدنا اتعدم

كتب الدوش ماكتب حينما كان ببلادنا مسؤولين يقرأون مايكتب قبل أن يحل علينا زمانا لايقرا المسؤلين ولايكتبون وان قرأ أحدهم لايفهم لأن في قلبه وقر وفي قلبه صمم وفي عينه غشاوة كيف لدولة تنشد الإنتاج تبيع لمواطنيها المنتجين برميل الجازولين بسعر ٢٠٩ الف جنيه للبرميل الواحد في وقت يباع فيه برميل الجازولين في السوق السوداء بسعر ١٧١ الف جنيه

وتضيف وزارة المالية في الولاية ١٠ الف جنيه أخرى ليصبح على المزارع استلام برميل الجازولين بسعر ١١٩ الف جنيه يسددها المزارع في شهر ديسمبر زره بسعر الجوال ١٧ الف جنيه في الوقت الذي تجاوز سعر جوال الزره في السوق الحر ٤٥ الف جنيه لحظة توقيع المزارعين لعقد الازعان الذي يحرمه مذهب المالكيه ويعتبره الشافعية مكروها وفي شريعة شعبنا المغلوب على أمره يردد (مكرها أخاك لابطل)

إذا قدر لك الحصول على التمويل وقبضت المال فأنت لاتامن وصولك لزراعتك سالما لأن النهب ينتظرك من بوابة البنك الزراعي وصورة مزارعي منطقة العباسية تقلي شاخصة سبعة مزارعين قبض اي منهم تمويل أصغر قدره مليون وخمسمائة الف جنيها

ولبؤس حالهم استاجرو (تكتك) وقصدوا مزارعهم ولكن عصابات النهب كانت لهم بالمرصاد نهبت ماقبضوه والان ينتظرهم سداد مال نهب بعجز الدولة وفشلها الأمني رغم أن حكامها يتزينون بالانواط والنياشين كعسكر علينا فقط نحن الملتزمين بقانون الدولة المدنية التي ابتزلت وسامها كل مفلس فكريا وأخلاقيا

زرعنا بغير مال البنك الزراعي وجوره رغم استيفائنا لكل شروط التمويل لكن البنك الزراعي الدلنج الذي زجر الأستاذ كرتكيلا داؤود موسى من قدامي المعلمين بالدلنج ورده بفظاظة واحتقار ومد البنك وموظفيه الذين ترى في وجوههم التي عليها قتره إثر النعمة حتى أضحت وجوههم ناعمة وعن موظفي المصارف لن أحدثكم الان عن مجزرة بنك الثروة الحيوانية في آخر أيام

العام الماضي وكيف وزع البنك والدموع والأسى على مائة وعشرين اسرة ولرئيس مجلس إدارة بنك الثروة الحيوانية الصادق محمد وهو وزير تقلب في نعيم الإنقاذ من وزير مالية إلى وزير بالاستثمار والتجارة ومواقع تنظيمية في الحزب الذي كان حاكما وهو من اشرف على مهرجان سبدو لدعم الرئيس البشير ومعه الوفي المخلص عبدالحميد موسى كاشا والصادق محمد

علي بعد سقوط الإنقاذ ركب سفينة حميدتي ورفعه الدعم السريع لمنصب رئيس مجلس الإدارة لبنك الثروة الحيوانية الذي طرد منه أصحاب الأسهم واسكنه حميدتي من يرضى عنه التقينا صدفة في يوم رحيل الأخ الكبير عبدالرسول النور فسالني وين انت قلت له في منطقة الروكب شمال غرب كادقلي فقال ياأخي زرنا

ياحبيب زرنا مره
في شعوري وفي خيالي
الف مرة

قلت له انشاء الله نزورك فقال وليته لم يقولها (لكن تعالني في البيت انتم ناس النظام البائد غير مرغوب زيارتكم في المكاتب)
قلت نعم
إذا أقبلت الدنيا على امرء إعارته محاسن غيره
وان ادبرت عنه سلبته محاسن نفسه

كما قال الإمام علي كرم الله وجهه وغادرت الخرطوم وفي النفس أكثر من سؤال هل الانتماء للنظام البائد كما يقول يعرف بالفكرة ولا بالوظائف التي تقلدها الإنسان وبنك الثروة الحيوانية عيد بمائة وعشرين رأسا زبحهم من الوريد إلى الوريد( وقش) سكينه في عمامة الصادق محمد علي فصلهم وحرمهم من أكل العيش وليته تعلم من بنك فيصل الذي فتح باب الاستقالة الطوعية لمنسوبيه مقابل أجر ٢٤ شهرا ولو كنت المدير العام أو خفيرا بهذا البنك لتقدمت باستقالتي لأن مكتولا بغيرها وماحدث في بنك الثروة الحيوانية وبنك فيصل يقف دليلا على أن المصارف السودانية الان على حافة الهاوية

وليس بنك حميدتي وفيصل وحدهما وفي ليلة مغادرة العام الماضي والشمس ترسل اشعتها الصفراء وانا اتأمل الضل الوقف ومازاد وتأمل في جبال كيقا ورياح الشتاء الباردة واقلب دفتر الفشل في عام انقضى وتزكر مثل هذا من العام الماضي وكيف تصنع بناتي وامهم الصابرة الحلوى والشاي وتحتفل الأسرة بقدوم العام الجديد بالفرح خالد صلاح يمشي ويغدو وميساء تجمل البيت بابتسامتها ومودتي تصنع أطيب الحلويات وملاذ تهتم بنظافة البين وماب تقرأ روايات محمد شكري والاريتري النابغة حجى جابر وامهم توزع الابتسامات فرحا

وحسن سومي ابن الخال الوفي والابن الأمين الشفيع يتابعون مباريات الدوري الانجليزي الممتاز التي تسمى في أعياد الميلاد بالبوكسن دي وهي مباريات مزدحمة جدا ولكني اليوم اتصفح كتاب العام وحدي بعد العودة من الزراعة ومطاردة الأبقار التي تهاجم الزراعة ولاتملك الحكومة حتى مجرد الرغبة في حماية الموسم الزراعي

قبل غروب الشمس جلست ومددت رجلي اليمني وأخذ رفيقي محمد إدكو نزع الشوك من الرجل اليمني ثم اليسرى ومع نزع كل شوكة من الأقدام التي صارت مثل جلد البقر القديم اتزكر السكري ومخاطر الجروح ولكن جروح النفس أعمق من جرح

الجسد فالأول لايندمج مهما اضفيت عليه من الحسنات
لم اسمع تهاني أو أشاهد عربة مكتوبا عليها عام سعيد شركائنا من النوير الجنوبين احتفلوا بالكرسماس بعد تم نهبهم في هجعة الليل ونواصل

 

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى