الأخبارالعالمية

يتهمن الهرمونات.. لماذا تعاني المزيد من النساء اضطراب تشتت الانتباه؟

نيللي عادل

يتهمن الهرمونات.. لماذا تعاني المزيد من النساء اضطراب تشتت الانتباه؟

غالبا ما تعيش النساء المصابات باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط “إيه دي إتش دي” (ADHD) من دون تشخيص طبي دقيق، أو حتى من دون أن ينتبهن إلى أنهن يعانين من خطب ما.

وتحدث فجوة التشخيص جزئيا لأنه كان يُعتقد تقليديا أن النساء يعانين من بعض الأعراض بسبب طبيعة أجسادهن وتغيراتهن الهرمونية.

أحد أسباب عدم تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في كثير من الأحيان لدى النساء هو أن أعراضهن قد تظهر بشكل مختلف عن أعراض الرجال والأطفال الذكور.

لماذا تختلف أعراض نقص الانتباه عند النساء؟

يتجلى اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في 3 مستويات: مستوى الغفلة والخمول، ومستوى فرط النشاط والاندفاع، أو مزيج من الاثنين معا.

الرجال والأولاد الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يظهرون مستوى من الاندفاعية والنشاط الزائد، مما قد يجعلهم عصبيين ودائمي التنقل والحركة والتململ. كما أنهم قد يعانون من القلق والثرثرة الدائمة والاندفاع ونفاد الصبر، علاوة على المعاناة من التقلبات المزاجية الحادة.

أما النساء فتظهر عليهن أعراض مختلفة عندما يعانين من اضطراب نقص الانتباه، منها عدم قدرتهن على التركيز أو الانتباه للتفاصيل أو التنظيم أو الاستماع الجيد أو تذكُّر الأشياء.

5 أثمان قد يدفعها جسمك وعقلك بسبب العمل أكثر من 40 ساعة أسبوعيا
تلوم النساء المصابات باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أنفسهن لكونهن مشتتات للغاية (شترستوك)

التحيّز ضد النساء المصابات بالاضطراب

يلعب التحيز المبني على جنس المصاب (ذكر أو أنثى) دورا محوريا في سوء أو حتى الفشل في التشخيص باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى النساء. إذ غالبا ما يُنظر إلى بعض خصائص الاضطراب، مثل الانطواء والتشتت، أو الاندفاع والتهور والنسيان، على أنها سمات شخصية وليست أعراضا عندما تحدث عند الفتيات.

إذ يفيد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها “سي دي سي” (CDC) في الولايات المتحدة بأن الأولاد هم أكثر عرضة للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مقارنة بالفتيات بنسبة 12.9% مقابل 5.6%.

لكن في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن هذا التفاوت لا يرجع إلى أن الأولاد أكثر عرضة للإصابة فعلا، بل بسبب عدم تشخيص الفتيات المصابات.

ومن بين الاختلافات في الأعراض التي تسبب هذا الخلل أنه في فترة المراهقة مثلا، تميل الفتيات لامتلاك إستراتيجيات تكيّف اجتماعي أقل، وتوازن نفسي أسوأ من الفتيان.

كذلك لا تعاني الفتيات والنساء بشكل عام من أعراض خارجية واضحة لاضطراب التشتت وضعف الانتباه مثل العدوانية عند الرجال، في المقابل يكون لديهن مستويات أعلى من الاكتئاب والقلق.

إحساس سلبي أكبر تجاه الذات عند المصابات

تلوم النساء المصابات باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أنفسهن لكونهن مشتتات للغاية ولا يستطعن الإيفاء بالمسؤوليات اليومية المفروضة عليهن.

وبالتالي، فهن عادة ما يستسلمن لنقص التحفيز أو يصبحن عرضة لسوء التنظيم، وكأنهن يعتبرن أن أعراض الإصابة باضطراب فرط التشتت وضعف الانتباه أصبحت صفات لشخصيتهن.

وغالبا ما تفرغ المصابات إحباطهن في نوبات غضب ضد الأزواج أو الأطفال. ومثل هذه الأحداث غير المقصودة تجعلهن يشعرن بالإحباط ويغمرهن الاكتئاب والرؤية السلبية الذاتية، مما يجعل الاضطراب غير المُشخص أكثر خطورة على حياتهن وصحتهن العامة.

كيف ترتبط هرمونات المرأة بأعراض الاضطراب؟

بدءا من سن البلوغ، تؤدي التقلبات الهرمونية الشهرية إلى ارتفاع مستويات هرمون الأستروجين والبروجسترون، مما يعزز الناقلات العصبية ويحسن الأداء المعرفي بعد الحيض للنساء.

ومع ذلك، عندما تنخفض مستويات هرمونات ما قبل الحيض، تعاني الفتيات من تفاقم أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، علاوة على المعاناة من التغيرات المعتادة السابقة للحيض.

كما يؤدي انخفاض هرمون الأستروجين إلى زيادة التهيج واضطرابات المزاج والنوم والتركيز. يمكن أن تُرجَع هذه الأعراض التي يمكن ملاحظتها بسهولة إلى الهرمونات، دون النظر إلى احتمالية الإصابة باضطراب “إيه دي إتش دي”.

ومع انخفاض مستويات هرمون الأستروجين طوال فترة انقطاع الطمث بعد بلوغ ما يعرف بـ”سن اليأس”، تزداد أيضا حدة أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى النساء في سن 45 عاما أو أكثر.

بالاقتران مع التغيرات المعرفية المرتبطة بتقدم السن، يصبح الارتباك والذاكرة والتركيز والنوم أكثر ضعفا، وكل ذلك يُساء تشخيصه بدعوى الهرمونات والتغيرات الجسدية في نهاية المطاف.

نظرة اجتماعية مختلفة تجاه النساء

أحد الأسباب التي تفسر سبب عدم تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند النساء كذلك هي أن توقعات المجتمع من المرأة مختلفة كليا، وقد تتوافق مع الأعراض التي تعاني منها المصابات بالاضطراب.

ومع ذلك، بمجرد أن تصل الفتيات لمرحلة البلوغ يُتوقع منهن أن يصبحن أكثر تنظيما ومسؤولية. وما أن يصبحن بالغات يُنتظر منهن أن يصبحن قادرات على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة، فتصبح الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لهن.

وبدلاً من الاعتقاد أن المرأة تعاني من تشتت الانتباه وضعف التركيز، قد يتم اتهامها بالإهمال أو قلة الحنكة وتواضع القدرات، وحتى المرأة نفسها قد تلقي بذلك على نفسها وقصورها الشخصي.

ومع عدم فهم الأسباب، يمكن أن يؤدي الأمر إلى تدني احترام الذات والاكتئاب والقلق الحاد.

الرجال لا يعترفون بالاكتئاب.. كيف تدعمي زوجك على تخطيه
يلعب التحيز الجنسي دوراً محورياً في سوء أو حتى انعدام التشخيص باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى النساء (بيكسابي)

ما الخطوة التالية إذن؟

عند الشك في الإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فإن الحصول على التشخيص الدقيق من الطبيب المتخصص هو الخطوة الأولى، خاصة بالنسبة للمرأة.

وفي حين أن هذا قد يبدو أمرا مقلقا أو حتى محرجا، تقول العديد من النساء اللائي تلقين التشخيص والعلاجات الدوائية والسلوكية الملائمة إنهن يشعرن بارتياح كبير وفاعلية أكبر داخل الأسرة والمجتمع.

لذا يمكن القراءة عن الأعراض الشائعة والعلامات التحذيرية التي من شأنها أن تشير لاحتمال الإصابة، وستكون استشارة المتخصصين وتلقي المساعدة المناسبة هي الخطوة الأمثل للمُضي قدماً في حياة أفضل.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى