مقالات

علي سلطان يكتب الاحباب في اوديسا- اوكرانيا.. كيف حالكم مع الحرب؟

علي سلطان يكتب الاحباب في اوديسا- اوكرانيا.. كيف حالكم مع الحرب؟

 

منذ اول زيارة لي الى مدينة اوديسا الاوكرانية على الحرب الأسود في منتصف تسعينيات القرن المنصرم.. وانا زبون دائم لمقاهي شارع المشاة في وسط اوديسا.. نسيت اسم الشارع باللغة الروسية فقد كنت احفظه عن ظهر قلب حتى لا اخطئه امام سائقي التاكسي.. وكنت حريصا على ان احفظ عنوان سكن طلبة الجامعة في اوديسا حتى لا اضل الطريق ..وكنت اسكن في داخلية الاساتذة في كلية الطب.. وكانت لي غرفة جميلة انيقة مرتبة وابريق شاي كهربائي وثلاجة صغيرة ومدفأة.. لم اكن استاذا في جامعة اوديسا ولكن كنت ضيفا مهما هناك ..اذا كان لنا مكتب للقبول للجامعات الاوكرانية والهند في دبي.. ونجحت في إلحاق عدد كبير من الطلبة الهنود والعرب للدراسة في اوكرانيا خاصة في جامعة اوديسا العريقة.. وكان معظم الطلبة الذين التحقوا بجامعة اوديسا عن طريق مكتبنا من طلبة الطب .. مما وثق من علاقتي بالجامعة وعميدتها الدكتورة تمارا وابنتها طبيبة العيون وزوجها المحامي(يوري)
وصديقي العتيد الراحل نيكولاي غوزيل والبرفيسور العالمة ايرينا.. وكان المحامي يوري وسيطا بينا وبين الجامعة اضافة الى ساعدنا الايمن هناك دكتور الوسيلة المبارك الذي قام مشكورا بكل عمليات القبول في الجامعات تلك .
لقد مر نحو ثلاثة عقود من الزمان على تلك الايام ولا ادري اين الآن اولئك الطلبة والطالبات من السودانيين والعرب والهنود ..وفي اي البلدان والمستشفيات والتخصصات..! وهناك طلبة غيرهم في كليات الهندسة والاتصالات والطيران في مدن متفرقة من اوكرانيا .. تمكنا بفضل من الله ثم جهود ومتابعات طلابنا السودانيين هناك من ايجاد فرص دراسة لهم..وحتى تجذب الجامعات الاوكرانية الطلاب الاجانب لديها فتحت المجال للدراسة باللغة الانجليزية وباسعار معقولة ولكن بالتجربة اتضح ان الذين درسوا الطب والهندسة وغيرهما باللغة الروسية كانوا هم الافضل حالا من الذين درسوا المناهج باللغة الانجليزية.. وحين التحق اولئك الطلبة بالجامعات الاوكرانية كانت البدايات صعبة جدا..فقد وجد هؤلاء الفتيان انفسهم امام حياة لم يألفوها خاصة ان الطالبات يسكن بجوارهم في السكن الجامعي وان العلاقات مفتوحة وليس هناك حاجز منظور بين صداقات الطلبة والطالبات اضافة الى الحفلات والديسكو وسهولة شرب الخمر..الخ وكلها عوامل مزعجة.. وقد انزعجت منها حين سجلت زيارة لاوكرانيا لاول مرة بعد فتح مكتب القبول للجامعات.. وتألمت كثيرا من بعض المشاهدات والحالات التي عايشناها..وفي الزيارة الثانية بعد عام كامل وجدت ما يسر القلب فقد انخرط الطلبة في كلياتهم ودراساتهم بكل جدية وانضباط وعرفت من الطلبة القدامي ان تلك حالات صعبة مر بها كل الطلبة تقريبا ولكنها بمرور الوقت تصبح العلاقات عادية وليس فيها ما يسئ.. ولكن بعض الطلبة تزوجوا من زميلاتهم او فتيات اوكرانيات آخر تعرفوا عليهن .. وكان ذلك حلا سكت عليه الاباء على مضض حين عرفوا به.. ولكن بعض الشباب لم يتمكن من المواصلة فترك البلد كلها.
على عكس الطلبة الذين التحقوا عن طريق مكتبنا في دبي بعدد من الجامعات الهندية كانوا موفقين في دراساتهم ولم تصادفهم مشاكل تذكر حيث عدد الطلبة العرب كبيرا وخاصة السودانيين وطبيعة الحياة في الهند لا تختلف كثيرا عن السودان في بعض تفاصيلها.
كان شارع المشاه في اوديسا بمافيه من مقاهي ومطاعم وحفلات ومهرجانات على الهواء الطلق متنفسا للسياح واهل البلد.. وكان ملتقى جميلا للطلبة الاجانب حيث تعدد المطاعم الغربية والشرقية.
والان ادت الحرب الروسية على اوكرانيا الى هروب الاوكرانيين انفسهم من مدنهم وقراهم وكذلك المقيمين الاجانب وخاصة الطلبة السودانيين الذين فروا بعد معاناة قاسية الى عدد من دول الجوار بمساعدة مقدرة من شباب سودانيين مقيمين في أوروبا اذكر منهم المهندس خالد فركاوي الذي حكى لي جانبا من ماقدموه من مساعدات إنسانية مقدرة للاجئين خاصة السودانيين والاجانب..وعالجوا كثيرا من المشاكل المستعصية لاسر وعائلات سودانية.. وهي ملحمة تستحق الشكر والتقدير والتوثيق.

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى