مقالات

محمد احمد مبروك يكتب: يعني خلاص الدولة لغوها يا حليلها !!!

سطور ملونة

يعني خلاص الدولة لغوها يا حليلها !!!

نصرخ بأعلى صوت : هل تم الغاء الدولة نهائيا أم أنه تم تجميدها . ومبعث السؤال وما لم تقبله عقولنا هو اللجنة العليا للطواريء الإقتصادية لتنسف الدولة من أساسها وتلغي وجودها تماما .
هذه اللجنة تم تشكيلها برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة وأوكلت إليها مهام إجمالية شمولية المنحى ومنحت صلاحيات مطلقة .. وشرعت فورا في الخروج على الدولة وتجاهل كياناتها النظامية المعروفة .
دعنا نسأل مجموعة أسئلة :
لماذ يتم تكوين كيان سيادي جديد ليؤدي مهام مجلس السيادة ومجلس الوزراء الذي يعتبر إجتماعه سلطة تنفيذية عليا .
لماذا لا يصدر هذه القرارات مجلس الوزراء الذي يضم إلى إجتماعاته في كل أنظمة الحكم قيادات تنفيذية غير الوزراء وخبراء في كل المجالات كلما دعا الداعي للإستنارة برأي خبير .
منطقي جدا أن تكون لجنة لكن لا يتعدى دورها توجيه الجهات المختصة للقيام بواجباتها . هناك قرارات صدرت من اللجنة هي من صميم واجبات وزارات مختصة ، بها خبراء ولديها معلومات تجعل القرار يصدر بطريقة صحيحة .
وأليس دورا أصيلا للشرطة وجهاز الأمن ضبط الذين يعملون على تخريب الإقتصاد ، وتهريب الذهب ، وتهريب منتجاتنا ، والمضاربة في العملة .. لماذا تحولت هذه المهمة إلى اللجنة .
صحيح أن القانون يسمح بإنشاء محاكم خاصة لكن بدواعي ومبررات يحددها القانون نفسه وتقدرها السلطة القضائية . لدينا نيابة وهيكل قضائي كامل هل نحن في حاجة إلى محكمة خاصة .. كما أن هذا النوع من الجرائم يمكن أن يحدث في حلفا والفاشر وبورتسودان وكادوقلى والدمازين وودمدني والأبيض وأم درمان .. هل نحول كل القضايا إلى هذه المحكمة الخاصة في الخرطوم أم ننشيء سلسلة محاكم في كل بلاد السودان .. علما أن لدينا هيئات قضائية مكتملة في كل هذه البقاع . وهي مؤهلة وقادرة على الفصل في كل هذه القضايا .
وتعال أنظر في القرارات التنفيذية التي أصدرتها اللجنة :
★ أصدرت (قرارا) بتوحيد سعر الصرف . وهذا أمر عجيب لأن السعرين لم يصدرا من جهة واحدة او جهتين متوافقتين فهي لاتملك توحيد سعر الصرف لأن سعر الصرف تحدده ٱلية السوق والعرض والطلب . وقد كان للدولة سعر للصرف لكن السوق يفرض الزيادة .. وتلاحقه الدولة بسعر جديد .. فيزيده السوق .. ثم تلاحقه وتلاحقه وتلاحقه من أقل من ثلاثين جنيها حتى تجاوز سعر (الدولة) الخمسمائة جنيه !!!
إن الدولة تملك خيارين فقط : الأول هو تحرير سعر الصرف بالكامل وتركه لٱلية السوق . والثاني تحسين الأداء الإقتصادي (الكلي) ، وتهيئة المناخ العلمي الملائم للإنتاج الذي يزيد حجم الصادرات . ووضع سياسات إقتصادية رشيدة وحازمة تيسر الحصول على مدخلات ومقومات الإنتاج . وضبط أداء الدولة ، ووقف الفساد وتحسين الفرص التي تجذب المستثمرين وتمكن المنتجين من زيادة وتحسين إنتاجهم .
أن أي تحديد لسعر الصرف من الدولة إنما يكون استصراخا للسوق لتجاوز هذا السعر . وما وصلت العملات الأجنبية ما وصلت إليه إلا بالسعر التأشيري الذي يحدده البنك المركزي بما يقارب سعر السوق الموازي ليتجاوزه السوق في نفس لحظة صدوره ..
إن أية سلعة يتجاوز الطلب فيها العرض يرتفع سعرها . ولا تستطيع الدولة أن تفرض لها سعرا ، لأنها لا تملك هذه السلعة . فأصحاب السلعة لن يبيعوها في سوق الدولة هذا .
ستة عشر قرارا إتخذتها اللجنة وكلها قرارات هي من صميم عمل أجهزة الدولة ومنها :
★ مكافحة التهرب الضريبي الذي هو عمل أساسي لديوان الضرائب ويجب أن يحاسب إذا لم يقم به .
★ (زيارة) ميناء بورتسودان لحل مشكلات الموانيء . أليس هذا غريبا . الا يمكن حل مشكلات الموانيء إلا (بزيارة) وماهي مهمة الوزارة المختصة وهيئة الموانيء البحرية إن لم تكن مهمتها حل مشكلة الموانيء .
★ منع الإستيراد إلا بأورنيك (كذا محدد برقم ورمز انجليزي) هل هو من أرانيك وزارة التجارة أصلا . لماذا يصدر به توجيه من اللجنة ولا تفعل ذلك وزارة التجارة . وهل هو الحل الأمثل الذي وصل إليه الخبراء والمختصون في وزارة التجارة .. إذن لماذا لا يكون القرار قرار وزارة التجارة . ومثل ذلك النافذة الموحدة للإجراءات فهذا روتين معلوم من صميم عمل الوزارة .
★ حظي الذهب بثلاثة قرارات وكان يمكن دمجها وهي مكافحة تهريبه وقيام بورصة له ومراجعة الرسوم على جرام الذهب .. ورغم أن ذلك مدهش في حد ذاته ، إلا ان كل ذلك من أختصاص وزارات وأجهزة الدولة . وغريب أن لا تحصل الذرة والقطن والصمغ العربي والأبل والأبقار والضأن على نفس الدرجة من الإهتمام . هل أصبح الذهب هو مستقبل بلادنا الإقتصادي بديلا للزراعة والإنتاج الحيواني ، أم أن بريق الذهب طغى في هذه المرحلة .
★ مراجعة موجهات بنك السودان بخصوص حصائل الصادر .. من يراجعها .. هل تراجعها اللجنة أم المختصون في البنك المركزي . طبعا البنك المركزي إذن لماذا القرار ليس من البنك المركزي وفق منشوراته العادية التي راجع فيها هذا الأمر كثيرا حسب ما يقتضيه الظرف المالى ووفق السياسة المالية للدولة ..
★ لكن أعجب القرارات قراران :
الأول / تفعيل الإتفاقية التجارية مع مصر . حسنا .. لكن لماذا مصر فقط .. لماذا لم يكن القرار تفعيل كل الإتفاقات الإقتصادية والتجارية مع كل دول العالم ومنها إتفاقات مع دول صديقة وشقيقة لم تحتل أراضينا ولم تزور عملتنا أو تهرب منتجاتنا لتعيد تصديرها بإسمها .
الثاني / مراجعة أداء الوزارات عبر بيوت خبرة متخصصة . اليست الدولة السودانية أكبر بيت خبرة في العالم العربي ، وهو الذي أنشأ هياكل الدول والحكومات ونظمها الإدارية في دول عربية كثيرة ، ودول أفريقية .. هل تعجز الدولة السودانية بكل إرثها العلمي والإداري ان تقوم بذلك .
لا نشك في النوايا لكن كل ذلك يصب في خانة ضعف فهمنا للمؤسسية وسيادة الدولة وتٱلفنا مع العمل مع كيانات موازية لأجهزة الدولة بديلا لتحقيق سيادتها وإلزامها بتحمل مسئولياتها والقيام بواجباتها .
إن مد الله في الأيام نعود إلى ذلك .

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى