مقالات

محمد احمد مبروك يكتب : قلت شركات الجيش ؟

سطور ملونة

قلت شركات الجيش ؟

رفع أصبعه في وجه‍ي وقال لي ساخطا : يا اخى الجيش مسيطر علي تمانين في المية من أقتصاد السودان وشركاته لا بتدفع ضرايب ولا رسوم ولا شغالة بقانون . وهدر هديرا كثيرا فألجمتني الصدمة من قول الرجل ..
لكنني أدركت أن سببين وراء الهجوم على شركات الجيش . الأول هو العمل المنظم من الولايات المتحدة الأمريكية التي تهدف إلى تفكيك الجيش السوداني وتشتيته ؛ لأنه يمثل حجر العثرة الوحيد أمامها في الهيمنة على السودان . وقد صرحت بذلك مساعدة وزير الخارجية الأمريكية أمام الكونغرس الأمريكي حيث قالت :
( نعكف الٱن على مراجعة مجموعة كاملة من الأدوات التقليدية المتاحة لنا لتقليص الأموال المتاحة للنظام العسكري السوداني على نحو أكبر . وعزل الشركات التي يسيطر عليها الجيش ) . وقد قام بهذا الدور عملاءها باجتهاد شديد .
السبب الثاني هو غياب المعلومات الصحيحة الدقيقة عن منظومة الجيش الإقتصادية وهو السبب الذي جعل عامة الناس وبعض الإعلاميين الذين لم يجتهدوا في البحث عن المعلومات من مصادرها جعلهم يصدقون دعاية أبواق عملاء أمريكا في حملتهم ضد الجيش وشركاته . وكان لزاما علي بحكم ارتباطي الوثيق بشركات الجيش ان أطرح المعلومات الصحيحة كشاهد عيان على مدي خمسة وأربعين عاما .
ظروف طيبة ربطتني بشركات الجيش منذ نشأتها حيث كنت صحفيا في جريدة الصحافة . وكلفني رئيس قسم التحقيقات بإجراء حوار مع الزبير رجب عليه الرحمة والرضوان المدير العام للمؤسسة العسكرية الإقتصادية وذلك في ألعام ١٩٧٧ م . وذهبت إليه في مكتبه الذي هو مكتب المدير العام لبنك أم درمان الوطني الحالى .
شرح لي الرجل أن أهداف المؤسسة الإقتصادية العسكرية ثلاثة أهداف رئيسية هي : الاسهام في نهضة البلاد الإقتصادية بالتعاون مع الرأسمالية الوطنية التي كانت أحد مكونات تحالف قوى الشعب العاملة والقطاع التعاوني وشركات ومؤسسات القطاع العام . والهدف الثاني توفير مقومات واحتياجات القوات المسلحة ودعم أفرادها . والهدف الثالث أيجاد ركيزة أمان استراتيجية بعدم ترك كل إحتياجات البلاد لدي قطاع واحد .
وبعد خمسة عشرة سنة طلب مني الزبير أحمد الحسن عليه الرحمة والرضون وكان هو المدير العام المؤسس لبنك أم درمان الوطني وهو زميل دراستي وصديق عمري طلب مني أن أقدم لهم بعض الخدمات الإعلامية وانشيء لهم مجلة للبنك كانت هي مجلة الأموال التي استمر إصدارها . وكان ذلك في لقاء جمعنا في نفس المكتب الذي التقيت فيه بالزبير رجب . ثم أصبحت مستشارا إعلاميا لبنك أم درمان الوطني أكبر شركات الجيش .
وبعد خمسة عشرة سنة من لقائي بالزبير الثاني تمت إقالة اللواء أحمد محمد موسى من منصب المدير العام للبنك بعد أن تفاقم الخلاف بينه وبين د. صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان . وفورا أصدر وزير الدفاع قرارا بتعيينه أمينا عاما للهيئة الإقتصادية الوطنية الجهاز القابض لشركات الجيش بما فيها بنك أم درمان الوطني . وما هي إلا أيام قلائل حيث أنهت إدارة البنك عقدي كمستشار إعلامي على إثر إصداري لكتاب بعنوان ( بنك أم درمان الوطني من النشأة وحتى مؤامرة التصفية ) حيث هاجم الكتاب البنك المركزي واتهمه بالفساد وبالتٱمر لبيع البنك وهو مؤسسة سودانية وطنية يملكها أفراد القوات المسلحة .
مرة ثانية وجدتني مستشارا إعلاميا للهيئة الاقتصادية الوطنية التي لم يكن فيها سوى اللواء أحمد محمد موسى وشخصي ولحق بنا بعد فترة وجيزة العميد ٱنذاك عبد الإله حسن كوكو ( اللواء ) الٱن عافاه الله .
وتباحثنا طويلا في الشكل الأمثل لتكوين الهيئة الإقتصادية الوطنية واستهدينا بتجربة الزبير رجب وتجربة شركات الشرطة وقانون الشركات لسنة ١٩٢٥ م . وخلصنا إلى أن تكون الهيئة الإقتصادية الوطنية كيانا قابضا يراقب أداء الشركات ويضبطه بما يتوافق تماما مع قوانين البلاد وينسق ويوحد جهود الشركات وينظم علاقاتها البينية .
وتحددت أهدافها بما لا يختلف كثيرا مع أهداف المؤسسة العسكرية الإقتصادية فقط أعيد ترتيب الأولويات بحيث أصبح الهدف المحوري للهيئة دعم أفراد القوات المسلحة في عيشهم وخدماتهم .
لكن من يملك ما يسمى شركات الجيش وماهي هذه الشركات وكيف تدار . هناك مفاجٱت غير سارة لأعداء القوات المسلحة في الإجابات على هذه الأسئلة . وهذا ما سنعرض له غدا إن شاء الله
محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى