مقالات

د. خالد أحمد الحاج يكتب : حمى الفوضى

تحبير
د. خالد أحمد الحاج
حمى الفوضى
* لا حجر على أي مكون اجتماعي من أن يعبر عن تضامنه مع أي مكون، ولكن في حدود السلمية، والالتزام بالقانون، وعدم الجنوح نحو العنف والتخريب، لأن وحدة وتماسك الشعب السوداني في تقديري فوق أي تقديرات ومصالح أخرى، مهما كانت الدوافع والمبررات.
* قصدت البدء بهذه المقدمة لأقول بأن نار الفتنة التي اشتعلت بولاية النيل الأزرق، ولم يمض عليها سوى أيام قليلة، حتى انتقلت إلى ولاية كسلا التي خرجت بعض مكوناتها الاجتماعية تضامنا مع أحد مكونات الصراع الذي وقع بتلك الولاية، وبدلا من أن يكون التعبير سلمي، للأسف اختلط الحابل بالنابل، وراح نتيجة للفوضى التي صاحبت الاحتجاجات (٣) ضحايا، وأصيب (١٢) آخرون بين جريح ومصاب.
* من نأسف له أن دماء بريئة أزهقت في أجواء ملبدة بالخوف من أن تنجر البلاد إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تزر، ومقار حكومية، ومحلات تجارية، وممتلكات وقع عليها ضرر كبير.
* في كل مرة تكرر الأحداث بالكربون، مع خسائر فادحة بعضها قد يمكن تسويته، والبعض الآخر لا، فمهما تكن الدوافع للتعبير لا مبرر للخروج عن السلمية، وتوجيه دفة المطالب المشروعة إلى دمار وإسالة دماء، لأن المولى عز وجل قد حرم قتل النفس إلا بالحق، وقال ورد في السنة المطهرة: (ألا ضرر ولا ضرار)
* كنت أتوقع من حكومة ولاية كسلا، وأهل الحل والعقد أن التوقع بحدوث هذه الفوضى غير المبررة، والاحتياط بما يلزم للحيلولة دون وقوع ما لا تحمد عقباه، منذ أن وقعت أحداث ولاية النيل الأزرق، من واقع أن الكثير المعطيات التي أشارت إلى ذلك كانت واضحة.
* وعلى ذات المنوال أن تضع بقية الولايات في الحسبان أن دائرة الفوضى إلى اتساع، وستشمل عددا من المناطق ما لم يحكموا صوت العقل، ويضعوا في الحسبان أمن الوطن، وسلامة أهله، وتماسكه المجتمعي، مع التأكيد على حرمة الدماء.
* بالوعي بخطورة المخطط الرامي لتمزيق السودان، وتفتيت وحدته، وإتاحة الفرصة للمجتمع الدولي بالتدخل في الشأن السوداني، علينا أن نفوت الفرصة على أعداء الوطن.
* التعايش السلمي مبدأ التزم به أهل السودان منذ عصور سحيقة، برأي أن هناك تراجع في القيم والأخلاق، وأن هذه الفجوة تحتاج إلى ردم، بعيدا عن تسعير نار الفتنة، والجري وراء هوى الدنيا وحظوظها الزائلة، وغير ذلك من الدوافع التي لا يسندها منطق.
* بعيدا عن كل ذلك تأكدوا بأن تحريك عجلة التنمية، وإصلاح الوضع الاقتصادي، يحتاج إلى كل السواعد، بدلا من أن تحشد إرادة الشباب لتسعير نار الفتنة، وجر البلاد إلى فوضى لا تنتهي، الاولى أن نأخذ بأيدي شبابنا إلى طريق الرشد والصلاح.
* لابد من إجراء تحقيق عاجل ودقيق لمعرفة من المتسبب في هذه الأحداث العاصفة، ومن تسببوا في الأزمة التي كادت أن تجر جميع مكونات الولاية إلى صراع لا تعرف له نهاية.
* اتجاه حكومة الولاية إلى منع التجمعات، وإعلان حالة الطوارئ إلى أن تنجلي الأزمة قرار صائب يحتاج إلى انتشار أمني يغطي المناطق المتوقع أن تتجدد فيها الاحتجاجات، والعمل على تطييب الخواطر.
* نثق تماما بوعي أهلنا بولاية كسلا الذين رضعوا من جبال التاكا مبادئ التسامح، وارتوا من نهر القاش قيم الخير والحسن والجمال، كما ننتظر مبادرة المجتمع المحلي بإقامة مؤتمر أهلي يوحد الوجدان والمصير، ويمهد لقلد وثيق العرى بين كافة مكونات الولاية.
* الفرصة مواتية لمراجعة العديد من الأخطاء، والأفكار المغلوطة، لضمان وحدة اجتماعية مسنودة بالوعي، وتفكير جمعي يبعد عن ربوع الولاية، بل والوطن العزيز شبح الفوضى، التي تقود في الأخير إلى حرب أهلية، ووقتها لن يجد البكاء على اللبن المسكوب.

.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى