مقالات

د.عبدالسلام محمد خير يكتب : بشريات الخروج من المولد..(الإقتداء)

بشريات الخروج من المولد..(الإقتداء)
(ومما زادني شرفا وتيها .. وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا).
أمسيات لسان حالها هكذا،تترى بملامح بهية فخورة تفيض برسائل روحية مؤثرة محورها المحبة فى الله وغايتها الإقتداء برسوله المبعوث رحمة للعالمين، صاحب السيرة والمناسبة والفضل فى جمع الأفئدة على تقوى من الله ورضوان..الكاميرات ذهبت بعيدا هذه المرة لتأتي بمفاجأة كأزهى ما تكون..تلفزة ريفية مبتكرة قوامها حفاوة غامرة بحدث هو الأول فى الكون ،رد الإعتبار للتاريخ وأسعد البشر كافة..المناسبة تضج بالبشريات،فالكل ينتظر شيئا مفرحا يجبر الخاطر ويسمو بالمقاصد ويعزز الخطاب العام..كم من بشريات تلوح على أبواب الخروج من(المولد)مهرها إحياء السنن- غاية مولده صلى الله عليه وسلم.
(ليلة المولد يا سر الليالي والجمال)..على إيقاعها الحميم إنتظمت(زفة المولد)بمنطقة مشهورة بمآذنها كسائر أرجاء شرق النيل(عد بابكر)..زفة سابقت ظهور الهلال وبادرت فضائية الخرطوم فعرضتها كما هي..تجلى مشهد الفرح بالمولد يتدافع فى وجوه الناس وعروقهم وهم يتسابقون نحو خير يتراءى لهم،يحث من لم يكن قد لحق..تخللت المشهد مقابلات مع عدد من رموز الدعوة بمساجد المنطقة إنتقاهم مذيع شاب وقور طلته فرائحية ليتحدثوا بتلقائية وإفاضة وتمكن..نبراتهم ندية،وجوههم لم ترهقها الأضواء والجدال، فما عهدوا سوى منابرهم وكبارهم و(المحبة)..مشهد لا بد أنه حير العالم،ماذا هناك؟!.
زفة المولد مألوفة بطابعها الموروث،ولكنها هنا فى جوف الريف تبدو مختلفة،توقيتا وحشدا ومشهدا لا يضاهى..كل الأعمار،مختلف الألوان،أنضر الأصوات وأصدق الكلمات..الناس هنا أمرهم عجب،يوحي بما يوحي للكاميرا وللأقلام وللعالم وهو يراقب أجواء القرى البكرة وخفايا الدواخل البريئة الذكية..لاعجب،إنها هنا أمة على قلب رجل واحد أرسله الله رحمة للعالمين..كيف إنطوت المسافات وتلاشت الصعاب فتنادى الناس هكذا بلا دعوة من أحد،متزاحمين يباهون بما فاضت به الأفئدة- محبته صلى الله عليه وسلم،خير داع.
حشد مهيب ومحبب، حاديه نية لحسن الإتباع بادية على وجوه مستبشرة..يلتفون جميعهم حول الفكرة وجوهر الذكرى-(المحبة)دليل(حسن الإتباع)..يعيدون للأذهان خلاصة الخلاصة،يضربون المثل من بعد المثل بما حفلت به السيرة من أفعال تحتزى..تتحول الذكرى إلى تفاكر للعمل بما ضرب به صاحب الذكرى المثل الذى يقتدى(وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)-الحديث..مكانة الأخلاق من السيرة تجلت فى آيات الله تعالى(وإنك لعلى خلق عظيم)-القلم..عهدوا فيه(الصدق)قبل إتباعه(فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)-الأنعام..إنهم يذكرونك بالمشاهد الحاسمة المحببة للإقتداء(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)-الحشر، مثال جهير لترحيب الأنصار بالمهاجرين،وما تبعه من فتح لأبواب الرزق والمؤاخاة والتعايش وبناء الدولة التي غيرت مجرى التاريخ لصالح الكون وخير البشرية..ثم ملحمة دخول مكة(إذهبوا فأنتم الطلقاء)- مثال للعفو عند المقدرة،وما أحوجنا لذلك..و(من دخل منزل أبي سفيان فهو آمن)-غاية التسامح وتطييب الخاطر..(أو أنت على دينه)؟!- مؤازرة لدى الشدائد وثبات على المبدأ..هكذا،تزدهي الأجواء بسيرة تضرب المثل(عمليا)وتستدعي همة من أراد(الإقتداء)به صلى الله عليه وسلم فينجو.
رسائل حميمة مقرونة بدروس وإبتهالات تموج بها وسائل الإعلام والأسافير غايتها(الإقنداء) والتواضع علي التلاقى على(كلمة سواء)- النداء الجامع هذه الايام المباركات مقرونة بالصلاة والسلام على رسول الله ونشدان محبته التى غيرت وجه الكون بمعاملاته صلى الله عليه وسلم وخلقه ونهجه..كل الساحات مدخلها الدعوة الى الله والتآخي فى الله ونبذ ما لا يرضاه الخالق لخلقه..فاض الكون بخطاب ملهم للسمو بالأنفس والإرتقاء بالأفعال ومرافقة الخيرين..فماذا ننتظر؟..متى نقتدي لينصلح الحال؟.
الكل مشغول بهذا،وبأسئلة ملحة تضمر آمالا مؤجلة تصاحب الإحتفالات تبتغي سلوكا رشيدا ..مشهد(المولد) يعزز الرجاء بأن(يعمل) القوم بما يرددون من مآثر نثرا وشعرا يشعل الأفئدة شوقا ليصبح الدين(المعاملة) فتبلغ الأمة غايتها إيمانا وإحتسابا وإقتداء بسيرة صاحب الذكرى ونهجه،صلى الله عليه وسلم..الكل يريدونه(إحتفالا بتطبيق نهج النبوة)الذى تردده الألسن- خلقه، تسامحه،تراحمه،كرمه،تعبده..فيض من بشريات يتجلى بها الحال كما إشتهاه الذاكرون:
– (الحمد لله زال الهم والكدر.. وقرت العين لما سرها النظر).
نعم الحمد لله أن بقينا بين مشاهد من السيرة المحتفى بها ومواقف ماثلة تلهم الوجدان وتستدعي الإقتداء ليصلح حال العباد بما صلح به حال أولهم-مكارم الإخلاق،الإيثار،التسامح،العفو عند المقدرة،حفظ مقامات رموز القوم،الدفاع عن الحق..وكم من أمثلة هيأ الله لها أسباب الإقتداء..الاقتداء هو السيرة،هو(المولد)..كيف سيصبح الحال بعد الإحتفال؟..الغاية أن يصبح الأمر سلوكا،إقتداء،إحياء السنن، والتحلي بنهج هو الملاذ وهو الخلاص..كيف الخروج من المولد؟..فلتكن زفة أخرى لنتحسس ما سكن الأنفس فنبقيه ليلازم الخطوات وينعكس فى سلوك من عبد ربه بهدي رسوله المبعوث رحمة للعالمين.
مظاهر إحتفالية باهرة تنبىء عن ما إدخرت من بشريات تعم الناس وتلمس حاجتهم الماسة لإصلاح الحال،أقربها لروح المناسبة(المعاملات) تلقاء حسن الإتباع، وتعهد النفس بالإقتداء بالهدي النبوي إستبشارا بمآلاته(تركت فيكم ما إن تمسكت بهما لن تضلوا أبدا،كتاب الله وسنتي)..المحك ما(نزفه)لدواخلنا بنية حسن المعاملة(إقتداء)بنهج صاحب السيرة(خذوا عني مناسككم)- صلى الله عليه وسلم..وكل عام وأنتم ذاكرين، حمدا لله أولا وآخر،ودائما.
د.عبدالسلام محمد خير

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى