مقالات

د. عبد العظيم حسن المحامي يكتب :نقابة المحامين (2)

دولة القانون
نقابة المحامين (2)
فشلت الثورة المصرية لأن الإخوان المسلمون، رغماً عن افتقارهم للقواعد الجماهيرية، وجدوا أنفسهم الأكثر تنظيماً من غيرهم لحظة سقوط المخلوع حسني مبارك. الواقع أغرى الإخوان المسلمون ليس للطمع بمقاعد البرلمان وإنما حتى الرئاسة التي ادعوا، بادئ الأمر، عدم خوضهم انتخاباتها. بعد النكوص وفوز محمد مرسي رئيساً تلاشت وللأبد أحلامهم بسلطة تعوزهم برامجها، كوادرها علاوة على الشارع العريض. دروس الربيع العربي التي استنسخت سيناريوهات أكتوبر وأبريل لم تفتح على قوانا السياسية بأي خير. بالمقابل إذا أخذنا الملف العدلي نموذجاً، فالمشهد يعيد نفسه لكون الأحزاب والقوى المدنية لم تكن جاهزة لقيادة نفسها ناهيك عن الشارع،. من اختطفوا الثورة، كل ما استطاعوه محاصصة بعضهم بعضاً لهثاً خلف المناصب دون أن يغيروا في تكتيكاتهم ولا استراتيجياتهم.
الدراسة العلمية التي طرحها الخبير الاستراتيجي المهندس علي حمد كشفت أن منظمات المجتمع المدني، بما فيها الحزب المحلول وبقية الأحزاب السياسية السودانية، لا تتحاوز مجتمعة 7.7% من الشعب. هذا الكم الأعظم لغير المنتمين حزبياً، ومنذ الاستقلال، ظل غير ممثل ولا يجوز له حتى المشاركة في اتخاذ القرار. بمعظم الأوقات، من يقع عليهم الاختيار لا تسندهم معايير الكفاءة وإنما الصداقات، التعاطف والرضا من أحزاب بعينها أو الضعف الذي يجعلهم قابلين للتغرير بهم عشماً بمنصب أو مال.
بالعودة للملف العدلي،كنموذج، نجد أن لجنة الحرية والتغيير القانونية تألفت من الأساتذة نبيل أديب ومنال خوجلي ( غير منتمين حزبياً)، عبد القادر البدوي ومأمون فاروق (اتحاديين) طلب الختيم وعمر الجبلابي (حزب الأمة) عمر سيد أحمد (الحزب الشيوعي) سامية خضر ومحمد حسن عربي (المؤتمر السوداني) نصر الدين رحال (كتلة الوسط) ساطع الحاج وعبد القادر أحمد حمزة (الأحزاب الناصرية) طارق كانديك وعفاف أرباب (استبدلت) بطارق خلف الله (حزب البعث) سلوى أبسام (تجمع القوى المدنية) عبد القادر محمد أحمد ونصر الدين حسن (تجمع القضاة السابقين). الثلاثة أسماء الأخيرة لم يعودوا أعضاء باللجنة القانونية بسبب استقالتهم لخلافات جوهرية مع اللجنة.
بالطريقة التي هيمنت بها الأحزاب على اللجنة القانونية تشكلت لجنة تسيير نقابة المحامين من الأساتذة: علي قيلوب (حزب الأمة) رئيساً، المرحوم جلال السيد (الحزب الشيوعي) وكيلاً، الطيب العباسي (الاتحادي المعارض) أميناً عاماً، بكري جبريل (الجبهة الديمقراطية) نائباّ للأمين العام، د. حسن جلالة (حزب الأمة) الخدمات، حسين أبو وهج (الاتحادي المعارض) التدريب، عفاف أرباب (حزب البعث) العلاقات الخارجية، شيخ الدين التويم (أنصار السنة) المهنة، صالح سعيد (غير منتمي) فرعيات الأقاليم، خلف الله عباس (الاتحادي الأصل) الشؤون الاجتماعية، فاطمة أبو القاسم (غير منتمية) المراة، جودة الله الإعلام، نون كشكوش (الناصري) حقوق الإنسان استقالت مؤخراً لاختيارها في لجنة تسيير مفوضية حقوق الإنسان. بالإضافة لأعضاء آخرين من حزب المؤتمر السوداني وغيره لا يسع المجال لذكرهم. لو كانت لجنة تسيير نقابة المحامين حالفها الحظ، فخرجت من عباءة “نفس الزول” وتشكّلت أغلبيتها من غير المنتمين لعبّرت حقيقة عن الثورة وقواعد المحامين، بل ولوجدت دعمهم ومساندتهم بلا حدود. بكل أسف، وعلى ذات طريقة مناولة ملفات الثورة الأخرى، أبت معظم الأحزاب والتنظيمات إلا وأن تهيمن على نقابة المحامين، التي هي قلب الثورة، فجاءت غالبية عضويتها إما من ضمن أسماء اللجنة القانونية للحرية والتغيير أو اللجنة السياسية للتحالف الديمقراطي للمحامين، والتي هي الأخرى إما كان أو ما زال من بين عضويتها الأساتذة: نبيل اديب، علي قيلوب، المرحوم جلال السيد، فاطمة أبو القاسم، يحيى الحسين، محمد الحافظ، سامية الهاشمي، الطيب العباسي، وجدي صالح، محمد حسن عربي، طه عثمان، الفاتح حسين، بكري جبريل، عفاف أرباب، طارق كانديك، طارق خلف الله، ساطع الحاج، عمر الجبلابي، عبد القادر أحمد حمزة، حاتم خورشيد، خلف الله عباس، مأمون فاروق، صالح سعيد، محمود دفع الله الشيخ، منال خوجلي، نون كشكوش، عمر سيد أحمد، حاتم السنهوري وآخرين من ذات الكيانات التي أجازت لنفسها أن تستبدل من بين أعضائها بآخرين دون أن يباح لغير المنتمين حزبياً ممارسة ذات الحق.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
19 يوليو 2021

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى