مقالات

د.عبدالسلام محمد خير يكتب: من(النيل الأزرق) إلى إدارة الدولة..(حراس البصمات)!

من(النيل الأزرق) إلى إدارة الدولة..(حراس البصمات)!
بهرني المشهد على الشاشة(والأمور عصيبة)كما تصورها يوما شاعر(صه يا كنار)- أعان الله من يواجهون السيول ويسر أمرهم..خطر لي أن الإعلام فى هذه الظروف فضلا عن مناهضة الإحباط والفشل مطالب ببرامج تضرب المثل فى(الإتقان)لتجاوز ما هو عصيب..الإتقان من قيم الدين وتعهدته مبادىء الإدارة الحديثة،ويشيعه الإعلام ليصبح ديدن الناس،وسلوكا..هناك إيحاءات هنا وهناك، ينبغي تصيدها والإحتفاء بها لتعم وتسعف الحال..الترويج للنماذج الناجحة يحد من طغيان الفشل فى الأداء العام..هكذا يبدو الأمر ومذيعة ماهرة تعرف بجنود مجهولين حشدوا السهرة بإيحاءات الإتقان،الطلة،الجماعية،الأزياء،المفردات،وعزف بلا أوتار ينسف الإحباط وخطاب الكراهية وصدى الفشل خارج الأستديو..المشهد يفيض تشويقا،يرد إعتبار الأمسيات المنسية..الحضور مصنفون بأنهم(يعملون فى صمت)..مقدمة البرنامج برمزية عالية مطمئنة،تزفهم للمشاهد بكلمات منتقاة حتى ظننا أن فى الأمر أوسمة لمن(يعملون فى صمت)..وللمشاهدين..يا للبهاء!.
المشاهد يحب أن يعرف كواليس البرنامج الذى يتابعه،من وراء نجاحه؟،سر الجماعية ،وروح الفريق العامل- برغم الظروف..مناهج الإعلام تتواصى على ذلك،الإنسجام،روح الفريق،ونجاح ينسب للكل،لا لفرد..ما أحوج الدولة لنهج الاعلام هذا-علمي مهني إنساني،محفز،ثم إنه منصف لجنود ظلوا مجهولين،يستمتعون بأدائهم فى صمت..انه(الرضا الوظيفي) غاية الإدارة الحديثة..وهناك أمثلة عملية فى مختلف المهن..فقط لو نلاحظ ونشجع الأداء المتميز ونكافؤه بالإعلام،ونكافىء الإعلام.
مشهد الأوركسترا المتميز(أدائيا)ذكرني ما قاله(مسؤول) فى ملتقى للإصلاح الإداري(ليت الدولة تعمل بإنسجام الأوركسترا)!..شعرت أن هذا سبب موضوعي للإشادة التى بذلتها بسخاء مذيعة(قارئة)لكلمة السر فى ضيوفها ولخفايا الإلهام فى البشر..هذه فرقة أعطت نموذجا للإنسجام المطلوب فى الأداء..تكتمل على الشاشة اللوحة بالإنسجام، فيتصالح المذاج العام، وينتعش..كأنما الحلقة موضوعها(الجندي المجهول)أو(العاملون فى صمت)أو(البصمة الباقية)فى المهن والمؤسسات..مساهمة الفرد ضمن جماعة منتجة بإيقاع العصر غاية الآمال، ليس فى الإنتاج الاعلامي وحده،إنها محرية فى الأداء العام،هكذا يوحي برنامج حسن الترتيب.
الجماعية،الإنسجام،الإضافة..منظومة لمفاهيم حديثة تلاحق المؤسسات أوحى بها برنامج تلفزيوني ضرب مثلا للإتقان بفنون راقية..(حراس الفن) فكرة تطل فى زمن هاجسه الحراسة،الأمان،صون موارد البلد..إتضح أن وراء الفكرة(معدة)كشفت عنها الكاميرا بلقطة درامية فجعلتها تسيطر على الشاشة..مناهج الإعلام تصنف(المعد)بأنه يتمتع بثقافة عالية، خيال واسع، قدرة على الإستنباط ،ملم بأوضاع المجتمع، متعدد المهارات..ليت وظيفة(المعد)بهذه الخصائص تزحف نحو(المبادرات)لتبلغ بها المقاصد بالتوافق وحسن الإختيار،كما تفعل برامج حوارية تنم عن قدرة فائقة فى الإعداد حتى ليبدو البرنامج وكأنه البرلمان- ذاك المنتظر.
هناك ما يوعز بأهمية(حراس الأشياء)لتصمد فتتطور وتلبي أشواق الأداء العام للتعافي (بالإتقان)غاية الدراسات وقيم الدين..هناك ما يوحي بفكرة لبرنامج(حراس البصمات)-يحتفي بالمتميزين و(العاملين فى صمت)بل يكرمهم،ويشيع فضيلة(الإتقان)لتصبح طابع الحياة..تحتاج البلاد لحراس المشروعات،الطموحات،القيم،عناصرنا العزيزة،التربية،العدالة..كيف لا نحتاج لحراسة فى بلد قال عنه الأستاذ الطيب صالح إنه محسود على(حاجاته)؟!..فلتكن دعوة لإشاعة ثقافة(حراسة الأشياء)فى كل المجالات،لنصون أنفسنا، مواردنا، ولننجز ما يلينا،نجتاز المشاكل،يزيد الإنتاج،تتراكم البصمات المحفزة للأجيال..وإلا..سنبقى حيث أصبحنا،لا قدر الله..إنها مجرد خواطر من وحي برنامج هو أكثر من برنامج.
وللخواطر بقية:
– مثال للرضا الوظيفي..صحفي يصف البيئة التى يعمل فيها(زملاء لطيفي المعاملة، ظريفي المؤانسة والمجالسة،رئيسهم ما إن تطأ قدماه المقر إلا وتدب الحيوية فى المكان،وقبل أن يدلف لمكتبه يلج مكاتب الآخرين واحدا تلو الآخر مصبحا سائلا عن الأحوال الشخصية والعائلية،ومن هنا الى إجتماع العمل اليومي بمنتهى الجدية)- إنه رئيس تحرير،وإنه الأستاذ كمال حسن بخيت،فى ذكرى رحيله،عليه رحمة الله.
– كان مديرا للبرامج،وكان وكان..ولكن شهرته أنه(حسن عبدالوهاب)-عليه رحمة الله..تمضى الايام وهو باق ببصمته،أنموذج للأداء المتميز.. سيصدر مع ذكرى رحيله كتاب فى سيرته..لدى ذكراه الأولي بقاعة الصداقة سألوني عن شعار فقلت(حسن عبدالوهاب..إرادة حياة)..فليكن عنوانا للكتاب..هكذا كان..يصادم الشدائد بتبسمه ويمضي لجلائل الأعمال.
– مع تعدد مناقبه وإنجازاته لا يتحمس لدعوات تكريمه..عذره جاهز(هناك من هم أجدر مني بذلك)!..شهدته فى المقاعد الخلفية من حفل تكريم بادرت به جامعة قاردن سيتي..كوكبة من رموز المجتمع يباهي ببصماتهم مذيع قارىء للنجوم دفيىء النبرة(عمر محي الدين)..عجبت من أقنعه؟!..إتضح أنه إبن(ود مدني)مؤسس الجامعة المحتفية،مهندس عمر أبوالقاسم..فمن حاضرة الجزيرة جاء كلاهما لعاصمة البلاد مصرا على(بصمة قومية)..ففعلاها بجدارة،وآخرون.
د.عبدالسلام محمد خير

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى