مقالات

د.عبدالسلام محمد خير يكتب : رحيل(حسان).. ومبادرة(إيلاف)

رحيل(حسان).. ومبادرة(إيلاف)
هنالك أحداث وأحزان،ولكن هناك ما يجبر الخاطر،ولله الحمد..الأحداث مكانها الأكف، لا يغمض لأصحابها جفن(حفظ الله البلاد)..أما الأحزان فتثير الذكريات، ترحما على من رحلوا وما استبقوا شيئا مما كان جديرا بأن يتم إنجازه على خير وجه..المثال يجسده فى هذه الآونة رحيل الإعلامي الصحفي حسان سعد الدين،أحد رواد مدرسة الصحافة بالموهبة،من تعهدوا الأجيال بالمهارات قبل تأسيس الكليات..قرأت عن عالمه ما كنت أجهل برغم تواصلي معه..وهاتفت من هو عارف بفضل النجوم،ثم صادفت من المبادرات المنتجة ما يجبر الخاطر(فعلا)وهو إحتفال(بتنفيذ)نسخة من(مشروع جيل الصحفيين القادم)..الإحتفال تصدره بروفسور على شمو،يجاوره على المنصة الدكتور خالد التجاني فتجلى المشهد مشعا بهالة من ذكريات مع ربان الصحافة الإقليمية(التجاني النور)- صاحب(كردفان)..أوتذكرون؟!.
هناك من تخصصوا فى تحريك(سيرة)الوفاء عند الشدائد مشكورين ففى الأمر سلوى..نال الأستاذ حسان سعد الدين بعض حقه..إنها سيرة جديرة بالذكر،بشتى الوسائط..(حسان)مجموعة تجارب صحفية إعلامية إدارية تفيض إبداعا..غياب المشاهير صادم،فلا تملك إلا أن تعزي نفسك ومن تصادف..العزلة تعمق الأحزان..تواصلت مع المخرج عصام الدين الصائغ بحكم إرتبطه بالمشاهير..حدثته وحدثني(البلد فقدت نجوما)صاح بها،وأخذ يعدد، فنترحم،وندعو لمن هم باقون على العهد- حفظهم الله وبارك فيهم..عصام مخرج موثق لنجوم المجتمع عبر برامج شهيرة فيذكر لحسان خطابا بليغا يفيض وفاء فى ليلة تأبين الإعلامي الأستاذ على سلطان،رحمه الله..هذا السياق ذكرني بحزمة خصائص عرفت فى حسان كإعلامي وصحفي ومثقف يدقن اللغتين ويحسن التواصل بهما..عرفته من خلال مجلة الإذاعة والبرنامج الشهير بالتلفزيون(مواقع التنمية)ثم تأسيسه لتجربة الإعلام الإنمائي على أيام شهدت براعته كإعلامي يتميز بحسن التعاون مع الوزارة والإذاعة والتلفزيون ومؤسسات الأمم المتحدة.
معرفتي بحسان عليه رحمة الله ترجع لأيام توليه رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون خلفا للأستاذ محمد الفيتوري..بدأت بتشجيع منه أكتب شيئا للنشر فبادر وفسح لي المجال دون سابق معرفة شخصية..ظهر إسمي بين صفحاتها الأنيقة كاتبا للقصة القصيرة ومحررا للخواطر الفنية..هي مجلة بلا مرتجع،طورها شكلا وموضوعا وأدخل الألوان واستقطب الكتاب المشاهير..فيما بعد تلاقينا عبر مشروع للتلفزيون يجدد فكرة الإعلام الإنمائي عبر تأسيس مركز متخصص لهذا الغرض إكتمل التحضير له بمشاركة الأطراف المعنية لكنه بقي على الورق- تنقصه همة حسان، وحسن تواصله مع الغير،وحسمه للأمور.
تجارب حسان متعددة،فى الوزارة والقصر والتلفزيون،لكن تجربته كرئيس تحرير أراها الأغني والأبقى أثرا، فكم من كتاب جدد وصحفيين بدأوا يشقون طريقهم بتشجيعه..أهمية الأمر تظهر حين يجري التوثيق للرواد الذين أخذوا بيد غيرهم..فهو أحد رؤساء التحرير الذين فتحوا أبوابهم وصدورهم للقادمين من منازلهم،لا من كليات الإعلام،فهي وقتها مجرد حلم..من باب الوفاء يذكر للأستاذ حسان أنه بين رؤساء تحرير عرف فضلهم فى إرساء منهج الباب المفتوح– فبين أيديهم وبلا محاضرات عرف الكتاب المبتدئون ما يصلح للنشر ويتجنب سلة المهملات وصدمة الباب المقفول وصرة الوجه تلك.
فكرة الريادة الصحفية والرعاية الشخصية قبل وبعد ظهور كليات الإعلام باقية،جديرة بالإحتفاء لتجاوز الأسى على رحيل من فقدتهم المهنة،تلك الكوكبة الراعية للمواهب فضلا عن أنها أخرجت للناس صحف بمواصفات مبتكرة شكلا وموضوعا وتوزيعا وتحفيزا واستقطابا للإقلام..فكرة التدريب الملهم للأجيال بلا مدرجات إحتضنتها حاليا منصات(كسب المهارات عبر الإتصال المؤسسي)وعينها على فرص العصر عوضا عن التعلم بالإحتكاك برواد المهنة فلم يعد هذا متاحا..هناك مثال يتراءى وكأنه السلوى فى رحيل الرموز،وتراجع ظلال(النجومية) فى المهن بينما الفضاء المفتوح يتمادى على المسلمات والأصول.
بين منظومة الاخبار المبشرة وسط ضجيج هموم الدولة وأحزان المجتمع مبادرة أبرزتها(الوطن)التي يبدو أنها شغوفة بالمبادرات،فرئيس مجلس إدارتها الأستاذ جمال عنقرة مفتون بالمبادرات المنطلقة تجاه الصحفيين والإعلاميين،وبين يديه الآن مبادرة للتدريب الصحفي بمصر الشقيقة..خبر(الوطن)-الخميس،يقول إن مركز هوادى الصحافي وصحيفة(إيلاف)يقيمان حفلا لتخريج الدفعتين الأولى والثانية من مشروع(جيل الصحفيين القادم)..شرف الحفل بروفسور على شمو،مشيدا بالفكرة والقائمين عليها،ليصفها بأنها(إبداعية وخلاقة)..الدكتور خالد التجاني رئيس تحرير(إيلاف) أوضح أن(الهدف هو مواكبة الإتجاهات المتسارعة والأساليب الحديثة فى مهارات الإعلام وفنون التحرير الصحفي)..مسؤول(زين)راعية الحفل الأستاذ صالح محمد على قال(إن رعاية الشركة للبرنامج تأتي من واقع مسؤوليتها المجتمعية تجاه الصحافة)- أكرم وأنعم.
آن لرائد المهنة أن يرحل راضيا مرضيا..تبقى الفكرة صالحة لتتبناها الدولة(مهارات مواكبة العصر)..خطوة رائعة والناس مشغولون بما يشغلهم،مجتمعا ودولة..ثم إنها سلوي لجيل يرحل رموزه تاركين بصماتهم ساطعة..هذا(التخريج)من خير ما يفعل المبادرون برغم طغيان الأزمات إستثمارا فى تجربة الرواد..لا يبدو أنها محض صدفة أن نودع(حسان) بين ظهراني ما أحب،وهو الإنشغال بالكفاءة المهنية ديدنا..ثم إن هناك بعد ثالث،يتمثل فى رمزية باذخة توحي بها(إيلاف)هذه،هي تجربة الصحافة الإقليمية ورائدها الدكتور الفاتح النور،رحمه الله،مؤسس(كرفان)1945-(صحيفة حببت الناس فى كردفان)وجسدت مبكرا فكرة المحلية أساس العالمية..تجربة(الفاتح النور) تشع بالتفرد، جريدة بمعيار(تحفة)كما وصفها الأستاذ عبدالله رجب،عليه رحمة الله،و7 كتب نفيثة..هذا بعض ما عرفته حين صادفته بمكتب الدكتور عمر الجزلي فى طريقهما لأستديو(أسماء فى حياتنا)..ليتها تعاد وسيرة الكفاءات ونجوم المجتمع والدولة تتلاحق الآن بين الأولويات.
رحم الله الأستاذ حسان سعد الدين الذى أوحى رحيله بهذا،وذاك،وأكثر،مما يليق بطلته البشوشة ونبرته وهمته وبصمته ونجوميته..البركة فى أسرته،وفى حداة جيل صحافة العصر،حملة مشاعل المواكبة بالمهارة والوفاء والبقاء على عهد الرموز.
د.عبدالسلام محمد خير

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى