مقالات

د. ادريس ليمان يكتب : توتيل جَبَلٌ يُحبُنا ونُحبه

* توتيل جَبَلٌ يُحبُنا ونُحبه *
من مآثر رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ونحن بين يدى ذكرى مولده الشريف أنه ضرب لنا مثلاً رائعاً يُعمِّق فى نفوسنا أعلى درجات الوطنية وحب الديار ومن فيها من بنى الإنسان .. فقد أُثر عنه عليه الصلاة والسلام قوله بمنتهى الحب والهيام للديار والحزن والأسى لفراقها : ( إنك أحب بلاد الله إلىَّ ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ماخرجت ) .. وحتى الحجارة فى مجال الأوطان لها مكانتها فى القلب ، فقد ورد عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم قوله : ( أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُنا ونُحِبُه ) .
إن مايحدث فى شرقنا الحبيب يستوجب النظر فيه بفكرٍ متأنٍ وبعقلٍ نافذ بعيداً عن الهوى وعمّا يدفع به الشيطان لغواية أهله .. فإنها أيامٌ ليس بعدها إلاَّ أن يكون أو لايكون ..!! وكُلٌّ منَّا يحمل تبعة لايُسقطها عنه عذرٌ ، ولا يَعذُره فى أداء حقها شئ .. فما نراه من تراشق إعلامى عبر الأسافير للشباب من طرفى الصراع بين ناقمٍ وناعٍ ، ومؤيدٍ ومعترض ، لايؤسس إلاَّ لحوارٍ صاخب يملأ صداه أرجاء البلاد وليس الشرق وحده ، وبه تتسع الشُقَّة ، وتتعمق به الهُوّّة ، ويزداد الغُبن وتضيع الحقيقة .. وكل ذلك يُدّلل أن هذا الأمر إستبد به قومٌ أولى ضرر وضِرار وبأسٍ شديد ، أفسدوا فطرتهم النقية ومزَّقوا حبال الوصل الممتدة فى عمق التاريخ ، وهتكوا نسيجهم الإجتماعى المتين ، ويسوقونهم وشرقنا الحبيب إلى قَدَرٍ لا يعلمه إلاَّ الله ، حتى صار الأمر على أهله غُمَّة .. فهؤلاء الشباب مُختَطَفون عقلاً وعاطفة من قبل المنابر التى ركنوا إليها ، ويرون فى الأحداث أنها معركة لاخيار لهم فيها ، ومواجهةٍ لابد لهم من خوضها ، ومقارعةٍ لايستطيعون تجنبها ، وكل ذلك بسبب إزدياد حدة الإستقطاب المجتمعى وتنامى النعرات القبلية مقابل الولاء للوطن فإختلفت المفاهيم لديهم بين الإنتماء للقبيلة وبين الإنتماء للوطن ( ولا أستثنى منهم أحداً ) .. وهذا الإختلال فى المفاهيم سيضرب المجتمع السودانى بأسره فى مقتل إن لم يجد الأمر وقفة جادة من الدولة فى أعلى مستوياتها .
وأخشى أن ما يجرى فى شرقنا الحبيب هو لبنة تُوضع فى بناء المخطط الآثم لتفتيت وتقسيم السودان كما تقول العديد من التحليلات الإستراتيجية التى يشير إليها المحللون من وقتٍ لآخر ، ويجب أن يُدرك أهلنا فى الشرق حقيقة مايُرادُ به وبهم ، ويستمسكوا بالعروة الوثقى لا إنفصام لها حتى لا نتلقى العزاء فيه وفيهم ..
أمّا أنتِ أيتها الوريفة فلكِ منى تحيةً كُنتُ أُحب أن تبلغك على غير هذه الراحلة ، فتوتيل ليس جبلاً أشمَّاً فحسب بل جبلٌ يُحبنا ونُحبه وقطعةٍ من وطنٍ ودفقةٍ من نور .
( إدريس ليمان )
السبت ١٧ أكتوبر ٢٠٢٠م

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى