تقارير

(تسريبات الصحف الإسرائيلية) .. كشف للأسرار والحقائق .. أم تهيئة المناخ للتطبيع…؟

تقرير|  العهد اونلاين

(تسريبات الصحف الإسرائيلية) .. كشف للأسرار والحقائق .. أم تهيئة المناخ للتطبيع…؟

 

تسارعت خطي تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير في أبريل 2019م، وظهرت الي العلن بعد (تسريبات الصحف الإسرائيلية ) ، عن لقاء جمع الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام

للقوات المسلحة السودانية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتبي بيوغندا، ليكشف ذلك اللقاء عن لقاءات مباشرة وسرية علي مستوي عالي أربك وقتها الشراكة بين المكونين ( المدني والعسكري)، رغم تباين ردود أفعال

المدنيين والأحزاب السياسية المكونة لقوي الحرية والتغيير ، حيث أظهرت الأحزاب ذات الفكر الاشتراكي والعروبي والناصري نوع من الرفض للقاء (البرهان نتنياهو) ،بينما أبدت بعض قوي الحرية والتغيير المكونة للمكون المدني استهجان لعدم إشراكها

من قبل المكون العسكري في ذلك اللقاء، فيما أكدت بعض أحزاب قوي الحرية والتغيير علمها وموافقتها علي لقاء (البرهان نتنياهو) بعنتبي .

وتواصلت بعد ذلك اللقاء ( تسريبات الصحف الإسرائيلية) عن لقاءات سرية بين مسؤولين عسكريين سودانيين وإسرائيليين ، وعن تعاون عسكري وامني بين السودان وإسرائيل، وأصبحت الطائرات الإسرائيلية تهبط بمطار الخرطوم الدولي بشكل

اعتيادي بعد أن كانت حلم لإسرائيل، بل تحقق (حلم اسرائيل) بعبور الأجواء السودانية الي كل أرجاء العالم وليست فقط الهبوط بمطار (خرطوم اللاءات الثلاثة).

آخر (تسريبات الصحف الاسرائيلية) بحر الاسبوع الماضي، كشفت عن تذويد شركة إسرائيلية لقوات الدعم السريع بتقانات متطورة للتجسس، بينما سارعت قوات الدعم السريع الي نفي الخبر في بيان رسمي.

وطرحت (تسريبات الصحف الاسرائيلية) المتواصلة للاخبار عن لقاءات لمسؤولين سودانيين واسرائيليين أو تعاون عسكري وامني بينهما أو دعم إسرائيل لقوات الدعم السريع وتدريبها وتسليحها، طرحت أسئلة كثيرة حائرة تبحث عن

إجابة في مقدمتها .. هل (تسريبات الصحف الاسرائيلية) عن اللقاءات والزيارات السرية لإسرائيل .. والزيارات الإسرائيلية للخرطوم.. والكشف عن تذويد قوات الدعم السريع بتقنيات متطورة للتجسس.. تعكس سباق بين الجنرالين ( البرهان

وحميدتي) .. لبناء علاقات مع إسرائيل وتحقيق مصالحهما الشخصية .. أم كشف للحقائق ومحاولة من إسرائيل لتهيئة المناخ لتطبيع وشيك مع الخرطوم .. وبالتالي يتم تكثيف التناول الصحفي والإعلامي من قبل الجانب الإسرائيلي من أجل خلق رأي عام سوداني مؤيد لتقبل تطبيع وشيك للعلاقات بين السودان وإسرائيل ..؟

سباق الجنرالين

تباينت ردود أفعال المحللون السياسيون، بشأن وجود سباق بين ( الجنرالين) الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، والفريق أول محمد حمدان حميدتي قائد قوات الدعم السريع في تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتحقيق

طموحات ومصالح أي من (الجنرالين) ، حيث يري محللون سياسيون، أن هنالك سباق بين (الجنرالين) لتحقيق مصالحهما وطموحاتها الشخصية ، بينما يري محللون سياسيون آخرون، أنه ليست هناك سباق وتنافس بين الجنرالين، بل هنالك تبادل

للادوار بينهما، من أجل تهيئة المناخ لتطبيع وشيك للعلاقات بين السودان وإسرائيل، وخلق رأي عام سوداني مؤيد لتقبل تطبيع العلاقات مع إسرائيل من خلال التناول الإعلامي والصحفي الكثيف لاخبار التعاون مع إسرائيل، بينما قلل محللون

سياسيون من استفادة السودان من تطبيع العلاقات مع إسرائيل بدليل أن كل الدول التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل لم تستفد من التطبيع إقتصاديا، بينما استفادت إسرائيل من هذا التطبيع مع تلك الدول، كما استفادت من فتح الأجواء السودانية

أمام الطيران الإسرائيلي، بينما لم يستفد السودان شيئاً ، بل ولن يستفد شيئاً حتى إذا نجح ( سباق الجنرالين ) في جعل التطبيع مع إسرائيل أمرا واقعا.

تهافت الجنرالين

ويري دكتور علي عيسى المحلل السياسي والخبير العسكري والاستراتيجي، أن هذا التهافت من قبل (الجنرالين ) الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة والفريق أول محمد حمدان حميدتي قائد قوات الدعم السريع، لتطبيع

العلاقات مع إسرائيل ، عبارة عن سباق لتحقيق مصالحهما في ظل وجود المشجعين الإقليميين.
واضاف دكتور علي عيسى : في النهاية لن تجد سوى البرهان وحميدتي، خاصة وأن حميدتي استعد بالتمارين، والبرهان أجاد التسويف.

تبادل الجنرالين للأدوار

وفي السياق ذاته يري دكتور حسن الساعوري المحلل السياسي والاستاذ بالجامعات السودانية، أنه لا يوجد سباق وتنافس بين ( الجنرالين) الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة والفريق أول محمد حمدان حميدتي قائد قوات

الدعم السريع بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بل هنالك تبادل للأدوار بين (الجنرالين) ، فهذا الجنرال يقوم بلقاءات سرية مع المسؤولين الإسرائيليين، وذاك الجنرال يوجه بارسال وفود سرية لإسرائيل وبناء علاقات عسكرية وأمنية وتدريب كوادر

واستيراد الأسلحة، بينما يقوم الطرف الإسرائيلي بتسريب الاخبار واللقاءات والمعلومات وتكثيف التناول الإعلامي والصحفي من أجل خلق رأي عام سوداني مؤيد للتطبيع مع إسرائيل.

تسريبات إسرائيلية مقصودة

واضاف دكتور حسن الساعوري: ( تسريبات الصحف الإسرائيلية) مقصودة، بين الفينة والاخري من أجل خلق رأي عام سوداني مؤيد الي سعي( الجنرالين) الي التطبيع مع إسرائيل، وخلق مناخ وتهيئة الأجواء الي إعلان التطبيع الكامل مع

إسرائيل، وخاصة وأن تهيئة المناخ الملائم تتطلب تكثيف التناول الإعلامي والصحفي حتي يتعود (المواطن السوداني) علي سماع الاخبار عن التطبيع وتسهيل عملية تقبل إعلان التطبيع الكامل والعملي للعلاقات مع إسرائيل، ولذلك يعمل الاعلام

الاسرائيلي علي تسريب الأخبار عن آخر تطورات العلاقات مع السودان ليصبح التطبيع واقعا قريبا، وبالتالي ليست هناك سباق أو تنافس بين الجنرالين ، وانما هنالك تبادل للأدوار بين الجنرالين من أجل تسريع خطي التطبيع.

عدم الاستفادة من التطبيع

وفي السياق يري دكتور ابراهيم محمد أدم المحلل السياسي والاستاذ بالجامعات السودانية، أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لن يستفد السودان منه شيئاً حتي إذا نجح (الجنرالين) في ذلك (أي التطبيع) بأيه صورة ووسيلة ، فالسودان لن يستفد من

تطبيق العلاقات مع إسرائيل بدليل أن كل الدول التى طبعت علاقاتها مع إسرائيل لم تستفد إقتصاديا ، بينما إسرائيل استفادت من السودان قبل الإعلان عن تطبيع العلاقات مع السودان، بعبور الطيران الإسرائيلي للأجواء السودانية، بينما لم

يستفد السودان شيئاً رغم الحديث والتسريبات، عن لقاءات وزيارات متبادلة واستيراد لتقانات إسرائيلية متطورة إلي السودان.

إستراتيجية إسرائيلية قديمة

وفي سياق متصل يري محمد شيخون المحلل السياسي، أن لدي إسرائيل استراتيجية قديمة ومخطط منذ خمسينات القرن الماضي للتعامل مع السودان لأهميته بالنسبة لها.

واضاف شيخون: في عام 1952 قال (بن غوريون) أول رئيس لوزراء إسرائيل في خطابه أمام الكنيست – البرلمان الإسرائيلي – أن إهتمام الحركة الصهيونية ودولتها (إسرائيل) بإفريقيا ، ليس لسواد عيونهم ، بل مرتبط بهدف السيطرة على المياه يعني

(منابع النيل) ، كما ذكر موشي فرجي ضابط الموساد المتقاعد برتبة عميد في كتابه بعنوان ( إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان – الذي أصدره عام 2002م ) : أن رئيس وزراء (إسرائيل – بن غوريون -) ، أمر عام 1952م أجهزة الأمن بالإتصال

بزعامات الأقليات في العراق والسودان وإقامة علاقات معها )، لذلك نظرت (إسرائيل) نظرة خاصة للسودان في إستراتيجة علاقتها بدول القارة الإفريقية ، منذ أكثر من نصف قرن ، وأهتمت في هذه الإستراتيجية بالحيلولة دون أن يتحول السودان

بموارده الكبيرة – المادية والبشرية – ومساحته الواسعة وموقعه المحادد لنحو ( 10) دول في القارة الإفريقية – قبل إنفصال الجنوب – ، فإذا ما استثمر موارده في أوضاع مستقرة ، فأنه يتحول إلى قوة مضافة لقوة العالم العربي ، وإلى قوة إقليمية

عربية إسلامية إفريقية عظيمة تكون عمقا لمصر ، لذلك رأى الخبراء العسكريون والأمنيون الصهاينة أن يكون الاهتمام بالسودان بذات القدر من الاهتمام بالعراق ، حيث في رأيهم تتماثل المعطيات خاصة في التركيبة الديموغرافية ، فجاء

الاهتمام بالسودان مكملا للاهتمام بإفريقيا وبطابع نوعي يهتم بتطويق السودان من جواره بعلاقات دبلوماسية سياسية وإقتصادية وعسكرية وأمنية تبنى مع دول محيطه الإفريقي – إثيوبيا .. كينيا .. يوغندا .. الكنغو – زائير سابقا – .. إفريقيا

الوسطى .. تشاد – ، ذلك منذ مطلع عقد الخمسينات من القرن الماضي ، فضلا عن ذلك إهتمت (إسرائيل) بإقامة علاقات مباشرة مع أحزاب وقادة سياسيين وزعامات دينية سودانية لتدعم دعاة إستقلال السودان في مواجهة دعاة وحدة وادي

النيل، لفصل السودان عن مصر عند حلول وقت تقرير المصير ، وفي نطاق دعم معسكر إستقلال السودان في مواجهة التيار الواسع الذي يدعو لنوع من الإتحاد مع مصر بعد خروج الإنجليز ، حيث التقى السكرتير الأول للسفارة الإسرائيلية في لندن

بالإمام الصديق المهدي والسيد محمد أحمد عمر القيادي في حزب الأمة عام 1953م، فضلا عن علاقات غير مباشرة سرية نسجتها إسرائيل لتتيح لها أن تخترق في السودان الصراعات المتاحة بين المكونات الدينية والإثنية والإقليمية والجهوية ، وكان

أكثرها أهمية مدخل مشكلة جنوب السودان ، وعبر هذه العلاقة تمكنت (إسرائيل) من أن تجد موطئ أقدامها في دولة جنوب السودان بعد الإنفصال مباشرة ، فعقدت إتفاقيات عسكرية بالتسليح والتدريب ، وأخرى إقتصادية ، مثال : (

إتفاقية التعاون للبنية التحتية و المائية والتنمية التكنولوجية .. وإتفاقية بناء قرية زراعية بتكنولوجيا إسرائيلية .. إلخ ) .

الاهتمام بساحات الصراع

ومضى شيخون إلي القول: أن إسرائيل تولي حاليا (بعد إنفصال دولة جنوب السودان) إهتماما كبيرا بقضايا ساحات الصراع المسلح الأخرى داخل السودان ، ولا سيما في المناطق الثلاثة ، ومنها على نحو خاص منطقة دارفور بهدف تعميق الأزمات وتوطين عدم الإستقرار في البلاد . وفي كل تصريحات قادة النشاط الاستخباري الكبار في إسرائيل ومذكراتهم يذكرون كثيرا من إنجازاتهم بالسودان .

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى