الثقافيةحوارات

الشاعرة سناء الحافي: لم يعد النقد يؤدي دوره الحيادي في قراءة الإنتاج الأدبي

حوار | هيثم الطيب

الشاعرة سناء الحافي: لم يعد النقد يؤدي دوره الحيادي في قراءة الإنتاج الأدبي

 

الشاعرة والإعلامية/سناء الحافي،من مدينة وجدة المغربية،نشأت في أسرة مثقفة،

انتقلت الشاعرة من مجالها العلمي إلى الإعلامي في رحلة العمل والغربة بين وطن عربي وآخر ، عملت بالعديد من

العواصم العربية في تنسيقية الأمم المتحدة وإعلامية بارزة في العديد من الصحف والمجلات العربية حيث

مارست كتابة النقد الأدبي في العديد من المطبوعات العربية.

تخرجت من جامعة أفريقيا العالمية بالسودان حاملة شهادة البكالوريوس بإمتياز في العلوم السياسية،دخلت

مجال الإعلام،حيث بدأت الكتابة في زوايا مختلفة بالصحف المتصدرة المرتبة الأولى في العديد من العواصم

العربية،حققت نجاحات كبيرة،فقد عملت في منصب رئيسة تحرير أول مجلة أدبية نسائية بتعيين من سمو

الشيخة خلدية آل خليفة ، وقامت باختيار كادرها بدقة
واحتراف مما جعل مجلتها أصيلة تشهد اهتماما واسعا من

الأوساط الأدبية في العالم العربي ، كما عملت على الاحتفاظ بعمود عزف منفرد في جريدة الصباح الكويتية

وتحرير حوارات مع المثقفين والشعراء البارزين في الساحة الثقافية..

كتبت القصيدة العمودية باحترافية كبيرة حيث لقّبها البعض بخنساء عصرها وقدّم لها الشاعر اليمني طلال

الدبعي لقب خنساء الزمن الجديد،
أما عن ولوجها لعالم القصيدة النثرية فقد صاغتها في

شكل جديد محتفظة بجمالية الصور الشعرية ايقاعها وغموضها، حين نقرأ لها نكتشف أن لها لغة خاصة بها،من

اصداراتها ،ديوان شمس النساء،ثم ديوان غواية إمرأة،ثم ديوان حورية المنافي،هنا

حاورناها حول قضايا الشعر والأدب فقالت:-

 

الوعي (شعر) ضد الخوف،المحاصرة،

الهزيمة،الإضطهاد،

هل إنتاجك الشعري يحاول صناعة الوعي المفتقد عندنا..؟

بداية أشكركم على هذه الالتفاتة الطيبة منكم وأحيي الأحبة في السودان الشقيق على متابعتهم الدائمة ودعمهم الكبير .

عودة لسؤالك سيدي، فإن صناعة الوعي فعل تاريخي لطالما خضع لتغيرات تكيفية طويلة مع محاولة فهم الإنسان

واستيعابه ما يدور حوله من أحداث وحروب وأزمات ، والأمة العربية بأكملها الآن في حاجة ملحة إلى صنع وبناء أجيال تتميز بوعي كبير

وحقيقي يعيد لها هيبتها ، ولنا أن نتساءل في خضم الانكسارات التي نعيشها: هل غاب وعينا أم غُيِّب؟

لذلك… أكتب وأترجم في الكثير من الأحيان الخوف والهزيمة

والاضطهاد بلغة بسيطة وفي قالب أدبي يجد القارئ فرصة التوحد معه وتقبل الحقائق التي تُكسرنا في اوطاننا ، من أجل التغيير و البحث عن حلول فردية

ومجتمعية للرفض
وتحرير الذات من هيمنة السلطة و المعتقدات الخاطئة.

+ هل الحركة النقدية العربية تضع مفاهيمها على الأفق التطويرية اللازمة بنائيا ومعرفيا لصياغة المفترض الأجمل لها..؟

للأسف، لم يعد النقد يؤدي دوره الحيادي في قراءة الإنتاجات الأدبية و الفكرية ،بل ثمة أزمة لا يمكن بأي حال

إنكارها، بسبب التضييق على الحريات العامة بشتى صورها سواء حرية الفكر أو التعبير وحرية الإبداع،

فالمجتمع العربي يعاني بشكل ملموس من تدهور كل اشكال المعرفة بما يتضمنه ذلك من تدهور العلم بشقيه

العملي والإنساني الاجتماعي شاملا النقد الأدبي يضاف إلى ذلك عائقان آخران هما ضعف تمكين المرأة وغياب

الحريات، لذلك فمن الصعب حل أزمة النقد الأدبي بمعزل عن الوضع العام للثقافة العربية المعاصرة وان كان هناك

إمكانية لتحسين الوضع عبر تعدد المدارس النقدية في الوطن العربي لكن العامل المفتقد في تلك العملية يتعلق

بإشراك الإعلام للجمهور ليتحول إلى طرف أفعال في تلقي الأدب جنبا إلى جنب مع الناقد.

+ الذي يقترب من قراءتك ككاتبة يلمح خطاب رمزي رافض لكل التعقيدات المركبة مذهبيا،عرقيا،ثقافيا، وكأنك في مسارات نقل للشعر من كونه حكاية متخيلة إلى مناظرات واقعية بتمثيل حرفي لعوالم حقيقية كاشفة لكل الإتجاهات..؟

لأن الشعر هو السحر الحلال الذي يُدخل القارئ في عالم الخيال والمتعة

والدهشة،علينا أن نتقن بأشكال اللغة أن نخلق توجها جماليا غرضه إمتاع القارئ والتأثير عليه إيجاباً ،بعيدا عن

الخطاب الإيديولوجي والفلسفة والتنظير ..
فالرمزية في كتاباتي تعتمد على رفض التناقضات التي

نعيشها في مجتمعنا العربي المغلق، ليس سعياً في خلق تمرد فكري بل لتوعية القارئ لما له و ما عليه ، لتنوير الفرد بأحقية الحياة دون قيود فكرية

وتعصبية، لأننا سئمنا ببساطة سياسة التلقين و الرضوخ،
ونحتاج إلى عالم يشبهنا دون اضطهاد اجتماعي واستعباد
وإقصاء.

ولأن الحكايات تستمر … لا يمكن الاكتفاء بالمستوى السطحي في التحليل ،بل نحتاج إلى قراءات عميقة تجعل

المتلقي يؤمن بذاته المبدعة و أكثر تركيزا على أهدافه .
+ كتاباتك ليست مظاهرات تجريب تجعل من الشخصية

فيها (ضمير)،لكنها تصنع له (هُوية)،هل تمارسين عبر ذلك صياغة تأويلات للقراء تنقل الشخصية من فضاء افتراضي

لفضاء حقيقي،أو كما نقول تماثل كتاباتك صراع هويات ..؟
التجريب يا سيدي يصبح تجريداً للضمير أحياناً وإن كان

غائبا أو مستتراً، لكن لخلق هُوية قابلة للتكيف مع التأويل نحتاج للصدق المهذب في التعبير ،

والسلاسة في السرد ، لذلك أجد القارئ يتماهى في الإدراك
والتحليل، فأحاول أن أجعل من التجربة مقياسا واقعيا أضع من خلاله النُصح

والتوجيه في رسالة بسيطة يستسيغها المتلقي و يتفاعل معها دون تعقيد، لأنه ليس من السهل أبدا أن تكتب نصاً

متناسقا من حيث الفكرة
والرسالة و يصل إلى القارئ دون تحيز أو غاية.

+ وطننا العربي لم يعرف بعد بشكل كامل الإستقرار الروحي الثقافي،والشعر تبحث عن ذلك في مجتمع يخطيء طريق الحريات،فأين أنت من ذلك..؟

أعتقد يا سيدي أن الوطن العربي يحتاج لإعادة بناء ثقافي
وأدبي وأخلاقي …لأننا فقدنا ذواتنا مع التطور الحضاري ،

ولأننا شعوب مكتسبة تتقن فن التلقي يصعب علينا تفعيل هويتنا وتأريخنا

ومواكبة التطور الثقافي و المعرفي الذي يعصف بالعالم، وعلى سبيل المثال ما نواجهه الان في وسائل التواصل

الاجتماعي كفيل بتحديد مفهوم الحريات عند الناس، لذلك أجدني أكتب لمن يقرأ ويبحث عن الحقائق دون تكليف أو

رتوش ،فالشعر هويتي التي أكبر بها
وألجأ إليها .

+ كتاباتك كلها نعرف فيها الديمقراطية كعلاقة بينك وبين قاريء،بعيدا عن روح السيطرة والإمتثال،وكأنها صناعة يقين يرفض مجتمع القهر الحقيقي..؟

علاقتي بالقارئ مميزة جدا…وهذا بفضل العالم الأزرق الذي جعلني قريبة منهم أكثر و أتفاعل معهم من خلال

وسائل التواصل بالرغم من المسافات التي تفصلنا، فنتشارك الأفكار و نكتسب التجارب لخير ما نفيد ونستفيد

، لذلك أجدني ممتنة جدا للقراء والمتابعين الذين بفضل دعمهم

وتشجعيهم مازلت مستمرة في الكتابة رغم آلامها .

+ نحن في عالمنا العربي نبحث عن بديل أكثر جدارة من الأسطورة ليصنع لنا قوى مركزية في داخلنا ويمارس فعل إيجابي في بناء ذهني ونفسي ثم وجداني فهل الشعر غيمة الحلم هنا..؟

البدائل منمقة يا سيدي …نحن بطبيعتنا نحيا على قاعدة الأصل الثابت، و الأساطير بفعل الزمن زائلة ، ويبقى الشعر

في حضرة الأدب حالة وجدانية أو فكرية تتداخل مع الخير ضد الشر واليقين في مقابل الشك …وبالتالي فإنه

تعبير داخلي يولد على شكل قصيدة متعددة الأشكال الفنية في طياته الكثير من الصور والمعاني والاستعارات

التي تستدعي منّا القراءة والنقد برؤى جديدة وقابلة للحداثة والتحديث بعيدا عن عالم مثالي كما يصنع الحلم.

+ هنالك فرضية بأننا نحتاج إلى لغة في الشعر تخاصم الإنشائية والثرثرة اللغوية إلى لغة تداول أدبي يتجلى فيها الثراء النفسي للشخصيات لننتج قيمة كتابية مختلفة وجديدة..؟

نحن نحتاج إلى حقيقتنا فقط …فاللغة الشعرية عميقة من المغرب إلى المشرق

ولدينا شعراء نفتخر بهم وبلغتهم وقيمتهم الفكرية ،لكن ما يجول في أوساط الادب الآن ،هو شيء يشبه الشعر …لأننا

باختصار اعتدنا على النمط السريع في كل شيء وأصبحت القصيدة تنظم في وقت قياسي و تنشر وتطبع خاصة مع غياب النقد البناء ،

وتقاعس النقاد عن أداء واجبهم في الحفاظ على الهوية الأدبية للشاعر،لذلك أصبح الشعر مستهلكا بدوره، ويعيش أزمة إنتاج
وأزمة قرّاء.

+ ماذا يقلق القلم أكثر في وطننا العربي..؟

أعتقد أن أقلامنا مقيدة … يقلقها البوح ويربكها الظلم، لأننا نعيش على إيقاع الضعف في كل شيء،نبحث عن حياة

تليق بنا في عوالم افتراضية ونخشى تطبقها على أرض الواقع، وهذا في حد ذاته موضوعا دسما للكتابة لكن

يؤرقنا جميعا ،ولأننا لا نملك قوة القلم فلنضعه جانبا…

+ هل فشلنا في صناعة الشخصية الثقافية العربية على مدى تأريخنا..؟

أبداً …ثمة شخصيات ثقافية عربية في وطننا العربي الكبير نعتز بها و نفتخر ، عكفت على البحث والعلم والدين والجهاد ووضعوا أبحاثهم

وتجاربهم في أغلى الكتب التي تعد المبادئ الأساسية لكل جاد يسعى للنجاح ، وحفرت أسمائهم في صفحات التاريخ

ليكونوا القدوة الصالحة التي يقتدي بها الشباب ، لكن السؤال : هل هناك متسع لبناء تاريخ يليق بنا وبثقافتنا

العربية في خضم التطور التكنولوجي
وتناسل الأزمات

والحروب على أوطاننا؟

الشاعرة سناء الحافي: لم يعد النقد يؤدي دوره الحيادي في قراءة الإنتاج الأدبي
الشاعرة سناء الحافي: لم يعد النقد يؤدي دوره الحيادي في قراءة الإنتاج الأدبي

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى