مقالات

منى أبوزيد تكتب:..هناك فرق .. يا بلادي كم فيكِ حَاذِق..!

منى أبوزيد تكتب:..هناك فرق .. يا بلادي كم فيكِ حَاذِق..!

 

 

“ينضج المرء حين تقتطفه الحياة من جذوره”.. جوزيه ساراماغو..!

 

 

قبل أسابيع حلت ذكرى حرب أكتوبر التي عبر فيها الجيش المصري قناة السويس واجتاح خط بارليف، وقد درج الإعلام المصري على الاحتفال بها بطبيعة. الحال، لكن هنالك حوار بعينه استوقفني قبل سنوات بين “عمرو أديب” والراحل “مفيد فوزي” ..!

أول محاور الحلقة كانت “ديوان الحياة” في تلك الحقبة من تاريخ مصر المعاصر، وقد استطاع السرد التاريخي لأهم تلك الملامح أن يجيب – على نحو شبه مباشر – عن السؤال الكبير التالي “ماذا حدث لمصر”..!

كان عدد سكان مصر (٤٣) مليون نسمة، وكان سعر البيضة قرشاً واحداً، وتذكرة “التراماي” كانت بتعريف. قيمة المتر المربع لأغلى قطعة أرض سكنية كانت لا

تتجاوز الأربعين جنيهاً، وكان سعر الدولار (٣٨) جنيهاً في النبك المركزي، وكان سعره في السوق السوداء (٦٩) جنيهاً، وهذا يدلل على أن الفجوة الرقمية بين سعر البنك وسعر السوق – في وادي النيل – تاريخية ..!

توقف النشاط الرياضي في مصر في تلك الفترة، فلا صوت كان يعلو فوق صوت المعركة، وتراجعت الجريمة بنسبة سبعين بالمائة أيام حرب أكتوبر، وتضاءلت حوادث سرقة الماشية في الريف، وهذا يدلل على أن اللصوص

والقتلة وعموم الخارجين على القانون – أثناء الحرب – كانوا يؤازرون الجنود في ساحات القتال على طريقتهم. أو كما قال “عمرو أديب” حتى اللصوص والمجرميين “كان عندهم دم” ..!

كان في حكومة السادات وقتها وزيرين من الأقباط، وكان قائد الجيش الثاني قبطياً، وكان موسيقار الأغنيات الوطنية بعد انتصار الجيش هو “بليغ حمدي”، وكان أول

مقال لتوفيق الحكيم بعد العاشر من أكتوبر هو “عبرنا الهزيمة”، على الرغم من سوء علاقته بالرئيس السادات، وهذا يدلل على أن كتاب المقالات في مصر كانوا يجيدون التفريق بين الوطن والحكومة ..!

كان الرئيس السادات يؤمن بمقولة الرئيس عبد الناصر التي كان يردها في مجالسه الخاصة “أغنية لعبد الحليم حافظ تساوي جهد ثلاث وزارت”، فغنى عبد الحليم

“مطرب النظام في عهد عبد الناصر أغنية “عاش الي قال” في عهد السادات. وكان الفنانون يترأسون موائد ضيوف الرؤساء من زعماء العالم، لقناعة السادات بقوة الفن الناعمة، وكان شيخ الأزهر هو “عبد الحليم محمود” وكان مدير مكتبة هو “الشيخ الشعرواي” ..!

لدواعي الحرب شارك الإعلام في عمليات خداع للعدو الإسرائيلي، وفي أرشيف صحيفة “الأهرام” ومجلتي “روز اليوسف” و”صباح الخير” عناوين صادمة عن وباء أصاب

القمح، وعن وباء تفشى في تسع مستشفيات، وقد تم إخلاء تلك المستشفيات، ولكن السبب الحقيقي كان الاستعداد لاستقبال جرحى الحرب. وبعد انتصار الجيش المصري كان أول سؤال صدر عن وزير الخارجية الأمريكي – الأسبق – “هنري كسينجر” هو “كيف نجحت مصر في خداع العالم”..!

ومن الوقائع التاريخية التي تدخل في قبيل المفارقات السياسية موقف شاه إيران “محمد رضا بهلوي” الذي أمر بأن تتجه جميع حاملات النفط إلى ميناء السويس، وكان هذا الصنيع سبباً رئيساً لاستضافة الرئيس السادات له بعد أن أطاح به الثوار في بلاده ..!

كانت أهم إنجازات الرئيس الأسبق “محمد حسني مبارك” إعادة البناء الهيكلي للكلية الجوية، وتحويل طائرات التدريب إلى طائرات قتالية. وكانت أول جملة قالها السادات بعد انتصار الجيش “لقد أفقدنا العدو اتزانه”. وكانت أول كلمات الإعلام المصري “يكفينا فخراً أننا حطمنا أسطورة الجيش الإسرائيلي” ..!

وهذا يعني أن وقوف الإرادة الوطنية ببسالة في وجه لصوص الأوطان أقوى من تحالفات الأعداء، وأبقى من مخططات التهجير والاستيطان، وأطول نَفَسَاً من مشاريع التجريف الديموغرافي!.

 

munaabuzaid2@gmailo.com

 

المصدر: صحيفة الكرامة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى