صلاح الدين عووضة يكتب : حَـــــاوِل !!
حَـــــاوِل !!
وحليم غنى :
حاول تفتكرني..
أي حاوِل – مُجرّد مُحاولة – أن تجعلني أخطر على بالك؛ لا أكثر..
وفي سياق المعنى ذاته غنّى محمد ميرغني :
كلِّمني….. حاول حسَّ بي..
بيد أنه يطمع في أكثر من الذي تمنّاه عبد الحليم حافظ؛ فهو يُريد كلاماً… لا إحساساً فقط..
أو أن الإحساس عنده لا بد أن يُترجم إلى كلام… لا محض تذكُّر..
ونحن حاولنا كثيراً – كثيراً جداً – أن نجعل حمدوك يفتكرنا… ويكلِّمنا… ويحس بنا..
وذابت مُحاولاتنا في ثلاجة بروده..
وفي هذا شبّهناه أمس برئيس آخر – ولكن في مجال الرياضة – هو آدم سوداكال..
ففُوجئنا ببعض ردود غريبة؛ لا علاقة لها بالقضية..
ردود تتّهمنا بالعنصرية؛ وتُردِّد مقولة عقيمة عن (أولاد بحر… وأولاد غرب)..
وأصحاب هذه الردود لا يعرفوننا قطعاً..
ولا يعرفون مواقف لنا – قديمة جداً – إزاء قضية العروبة برمتها..
ثم كيف ننطلق من دوافع عُنصرية ونحن لدينا أولاد عمومة في الغرب؟… هُم نوبة الجبال..
ولا ننسى – أيضاً – قبيلة الميدوب… بشمال دارفور..
وبالمُناسبة؛ ما بين نوبيي البحر – والغرب – جوانب من مُشتركات لغوية… نوبية..
المُهم؛ انتقادنا الدائم لحمدوك قائمٌ على محورين..
محور موضوعي؛ وهو الفشل في الأداء… فالوضع بات لا يُطاق على الأصعدة كَافّة..
صُعد المعيشة… والغلاء… والصُّفُوف… وقُطُوعات الكهرباء..
ومحور ذاتي؛ وهو برودٌ من تلقائه – ثلجي – لا يتناسب وسُخُونة الأوضاع هذه..
وربما سبب بروده هذا (برودة) مجال تخصُّصه نفسه..
ونعني برودة الأرقام الحسابية – والمالية – التي كان يتعاطى معها كخبير اقتصادي أممي..
ولكن الشعب الذي يحكمه الآن ليس مُجرّد أرقام (باردة)..
هم أناسٌ من لحم… ودم… وحس؛ ومن أبسط واجباته تجاههم – كرئيس وزراء – أن (يفتكرهم)..
أن (يُكلِّمهم) – كما في الأغنية – و(يحاول يحس بيهم)..
فهم يُعانون… ويجوعون… ويتألّمون… ويتأزّمُون؛ وهو في (عُلاه الفوق) يبدو لا مُبالياً..
أو هكذا هو في نظرهم؛ فالناس عليها بالظاهر..
سيما وأنّه لم يتربّع على كرسي هذا المنصب إلا باسمهم… واسم ثورتهم… واسم شُهدائهم..
وعدا المحورين هذين لا مُشكلة لنا – شخصية – مع حمدوك..
بل العكس؛ نَكِنُ له احتراماً عظيماً كرجل مُؤمن بالحرية… والديمقراطية… وحقوق الإنسان..
ونميري رغم دكتاتوريته – وكرهنا له – كان قريباً من الناس..
كان (يُحاول يفتكرهم)… و(يحس بيهم)… ويضرب المُضاربين بأقواته على أم رؤوسهم..
ولعل البعض ما زال يذكر موقفه حيال زيادة أسعار السُّكّر..
فقط سلعة – ضرورية – واحدة صعب سعرها على بسطاء الناس فقرّر إلغاء زيادتها..
بل وكان قد تقدّم – قبل القرار هذا – باستقالة غاضبة..
ثُمّ هنالك موقفٌ آخر له… وهو تحمُّل الحكومة تعرفة المياه عن فقراء أبناء الشعب..
هذا نميري الطاغية؛ فما بال حمدوك الليبرالي؟..
والذي لم يَكتفِ – على عكس نميري – برمي أحمال الحكومة كلها على كاهل الشعب المسكين..
وإنّما (حمَّله) حتى نثريات وزرائه – وجيوش مكتبه – المليارية..
ومن هذا (الموقف) نقول إنّنا سندعم أي (موقف) إنساني – من جانبه – تجاه الناس..
فمثل هذه المواقف هي التي تجعل الشعب (يصبر)… حتى (يعبر)..
وإلى ذلك الحين – والذي نرجو ألا يَطُول وقد نفد الزمن – ينتظر الشعب منه أن (يُحاول)..
وخلال انتظاره القاتل هذا يُردِّد بأسى :
كلِّمني حاول حسَّ بي……… وحاول تفتكرني..
هل هذه صعبة يا حمدوك؟..
حَـــاوِل !!.
نقلا عن الصيحة