الأخبارالسودانتقارير

وثَّق لها  زيارات غودفيري لولايات السودان.. جاسوسية تكتيكية أم شرعية قانونية؟

وثَّق لها  زيارات غودفيري لولايات السودان.. جاسوسية تكتيكية أم شرعية قانونية؟

تقرير: مريم أبَّشر
سجل السفير الأمريكي جون جودفيري، زيارة مفاجئة لمدينة مروي بالولاية الشمالية، وحسب مواطنين من الولاية الشمالية تحدثوا لـ(الصيحة) إنهم تفاجأوا بزيارة السفير الأمريكي إلى منطقة مروي لاند السياحية.

وذكروا أنهم علموا أن السفير الأمريكي سيزور أولاد حاج الماحي بمنطقة الكاسنجر، كما سيزور الأهرامات بمنطقة البركل.
وتوثيقاً لزيارته التاريخية فقد نشر السفير الأمريكي غودفري، صوراً له على قمة جبل البركل وغرَّد قائلاً: (استمتعت بمنظر خلَّاب هذا الصباح على قمة جبل البركل المقدَّس، أحد الكنوز الثقافية العديدة التي تشرَّفت بزيارتها في السودان. كما أتيحت لي الفرصة لزيارة المواقع الأثرية في الكرو.

مباراة ودية
زيارة غودفيري، لم تنته عند تسلقه لجبل البركل، بل، وثَّق كذلك لمباراة ودية مع فريق أشبال فريق التحدي بكريمة حيث انتهت بالتعادل وغرد السفير الأمريكي عقب انتهاء المباراة التي شارك فيها أنه سعيد باللعب مع أطفال موهوبين وأن الرياضة تلعب دوراً كبيراً في تقريب الثقافات والشعوب عن بعضهم البعض.

ضربة البداية
ومعلوم أن السفير الأمريكي انخرط بعيد تسلُّمه مهامه في تحرُّكات مكثفة من أجل إيجاد مخرج للأزمة السياسية السودانية، ورغم أن تسلُّمه لمهامه جاء عقب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، التي أطاحت بالحكومة الانتقالية في العام قبل الماضي، إلا أن الحالة السياسية التي كان عليها السودان لم تثني واشنطن عن المضي قدماً في خطوة ترفيع تمثيلها الدبلوماسي الذي تم الاتفاق عليه خلال أول زيارة قام بها رئيس الوزراء المستقيل الدكتور عبد الله، حيث نفذ السودان عملية الترفيع خلال وقت وجيز فيما تأخرت واشنطن في عملية الترفيع جراء تعقيدات عملية الترشيح لديها .

ومنذ وصوله الخرطوم كأول سفير بمهام مكتملة للبعثة الدبلوماسية الأضخم لواشنطن في أفريقية بالخرطوم، بعد أكثر من عقدين، سيَّرت الخارجية الأمريكية مهام عملها عبر قائم بالأعمال، انخرط السفير في تحركات مكثفة بين المدن السودانية وبين القوى السياسية للتعرُّف على أحوال البلاد، ساعده على ذلك إلمامه التام باللغة العربية وسنوات خبرته بالمنطقة العربية، حيث عمل دبلوماسياً لبلاده بدول الخليج .

أول مرة
وكان غودفيري، زار مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور في سبتمبر من العام الماضي، برفقة وفد من السفارة وأعضاء من الكونغرس الأمريكي ومسؤول من المعونة الأمريكية، كأول زيارة له خارج العاصمة الاتحادية الخرطوم بعد تسلُّمه مهام عمله سفيرًا لبلاده في أغسطس العام الماضي.

وبعدها زار السفير الأمريكي كسلا والتقى زعيمي الهدندوة والبني عامر الناظر تِرِك والناظر دقلل.
السفير غودفيري، ظل يؤكد على أنه يهدف من زياراته التعرُّف على مجمل الأوضاع بالسودان، وأن زيارته لدارفور قصد منها الوقوف على سير تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام في السودان، بجانب التعرُّف على قضايا التنمية والاستقرار بدارفور، وبحث

السبل المثلى لتطوير العلاقات الثنائية بما يمكِّن أمريكا من الاطلاع بدور أكبر في تعزيز الأمن والاستقرار في السودان عامة وإقليم دارفور على وجه الخصوص.

الجدير بالذكر أن السفير جون جودفري، قد قال في كلمة مسجلة وجهها للشعب السوداني عقب تقديم أوراق اعتماده في أغسطس العام الماضي، إنه يتطلع لتعزيز علاقة الولايات المتحدة مع الشعب السوداني، ودعم رغبته في دفع عجلة التحوُّل الديموقراطي تحت قيادة مدنية، وتقدم التعازي لأسر ضحايا الفيضانات التي ضربت السودان مؤخراً وخلفت العديد من الوفيات، إضافة إلى الأضرار المادية، مضيفاً أنه سيكون “سفيراً لكل السودانيين، وأنه سيسافر لكل أنحاء البلد لفهم الثقافة السودانية.
جاسوس شرعي

دبلوماسي مخضرم فضَّل حجب اسمه، أكد  بحسب (الصيحة) أن من حق السفير التحرُّك في البلد المضيف، واصفاً إياه بالجاسوس الشرعي والقانوني، وأضاف مستشهداً بحادثة الروسي الذي تم القبض عليه، مضيفاً لو أن نفس الشخص ذهب من السفارة لما اعترض عليه أحد لأنه يمتلك الحصانة، ولفت الخبير إلى أن مهام السفراء في بلاد التمثيل جمع المعلومات التي تحقق مصالح بلده بطريقة تكون غير خشنة، أي يمكنه جمع المعلومات بطريقة شرعية .

لم تعد مجدية
وأضاف الخبير معلِّقاً على تحرُّكات السفير الأمريكي بأن زمن الاعتماد على جمع المعلومات من أجهزة البلد أو وسائل الإعلام قد انتهى، وزاد: المعلومات تجمع عن طريق الزيارات والجلسات في قهوة أم الحسن، حتى تكون حقيقية هذا من جانب، أما الجانب الآخر المهم في تحركات السفير هو أن العالم سيشهد خلال الفترة المقبلة نقص حاد في الأغذية عموماً والسودان برغم المخاطر والأوضاع السياسية غير المستقرة يتمتع بمساحات واسعة من الأراضي ورغم ذلك الآن يحتاج لمضاعفة

الإعانات وفق آخر تقرير لمنظمة الفاو لهذا العام، لافتاً إلى أن موسم هذا العام من القمح غير مبشِّر. أضف إلى فإن الحرب الأوكرانية الروسية خلقت أزمة كبيرة في الحبوب، مضيفاً أن أوكرانيا وروسيا تمدان العالم بـ(٦٠%) من حاجة العالم من الحبوب و الأسمدة ويرى الخبير أن السودان يعد البديل الأفضل لأوكرانيا من حيث الأراضي الزراعية برغم الحروب وعدم الاستقرار

وتأتي أهمية السودان كذلك في ظل محاصرة روسيا مصرفية وضرب البُنى التحتية لأوكرانيا ويرى أن أمريكا تسعى للبحث عن البديل خلافاً لكندا وأستراليا وأن السودان هو المنطقة الوحيدة في أفريقية والشرق الأوسط الذي يمتلك مساحات ومناخات متعددة تصلح للاستثمار وبجانب الموارد المعدنية الضخمة والمتنوعة وهي موارد ما تزال بكر، ولذلك والحديث الخبير

الدبلوماسي فإن واشنطن وفق الخبرة الدبلوماسية تسعى للحصول على معلومات حقيقية من الميدان وبالتالي تحديد خطوة التحرُّك التي يمكن أن تتخذها هل الاستثمار في الزراعة أم التعدين أم السياحة ومن هنا تأتي الزيارة لجبل البركل والنقعة والمصورات وغيرها من مناطق سياحية مهمة في السودان تحتاج فقد لإعادة إنتاج وترميم.

هجمة شرسة
السبب الآخر لتحرُّكات السفير الأمريكي وفق محلِّلين فإن الولايات المتحدة لاحظت أن هنالك هجمة شرسة على السودان من دول محيطه الإقليمي ومن قبل روسيا ومساعيها لإنشاء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر والصين حاولت استثمارها في فئات صعبة كالبترول، ويرى المراقبون أن السودان سوق للواجهات الاستثمارية نظراً لتعدد موارده ومناخاته.

حرية الحركة
السفير الطريفي كرمنو، الخبير في الشأن الدبلوماسي اتفق مع الخبراء، بأنه يحق للسفير التحرُّك والقيام بزيارات في البلد المضيف، لكن الدول قد تختلف، فالسودان بلد به مشاكل، حسب كرمنو، أمريكا لها الضلع فيها ويرى أن بعض المناطق زيارات السفير إليها غير مرحَّبة، وزاد: من حقه يطلب إذناً لزيارة بعض المدن كالفاشر وكسلا، لأنها مدن بها مشاكل أمنية، ويضيف:

الزيارات في مثل هذه المناطق مربوطة بالاستقصاء عن معلومات الحصول عليها مرهون بأشياء أخرى، وأشار كرمنو، إلى أن بعض الدول تمنع الدبلوماسيين زيارة مناطق تمثل مواقع استراتيجية لها خوفاً من تسرُّب المعلومات كمناطق الصناعات الثقيلة ومناطق الصناعات النووية، ويشير إلى أن بعض الزيارات ربما تلحق الضرر بالدولة المضيفة، وذكر في هذا الصدد التدخل في القضايا الداخلية كمشكلة المعلمين والالتقاء بأمهات الشهداء، لافتاً إلى أن قضية الشهداء ترتبط بالقضاء، والقصاص وربما يراه البعض نوع من التحريض خاصة الزيارات للمناطق الملتهبة.

حماية
كثير من المراقبين يرون أن السفير يجب أن يأخذ إذناً من الدولة المضيفة لزياراته، خاصة المرتبطة بالمناطق الملتهبة، وذلك لتوفير الحماية، ولفتوا إلى أن الدولة المضيفة معنية بتوفير الحماية للبعثات الدبلوماسية، أفراد ومقار وفق القوانين الدولية.

المصدر : الصيحة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى