مقالات

مني ابوزيد تكتب : نيران صديقة..!

نيران صديقة..!
“لم أقل أبداً إن كل الممثلين أغنام، بل قلت إنه يجب مُعاملة كل الممثلين وكأنهم أغنام”.. ألفريد هتشكوك..!

في أواخر سنوات حكم الإنقاذ راجت شائعة بشأن حوادث اختطاف النساء، فتَفتقَتْ قريحة السودانيين – كعادتها – عن بعض الطرائف والنكات المحلية التي تسخر من شر البلية. والتي قالت إحداها إن شخصاً يدعى “ود منشار” قد قام بكتابة بيان شديد اللهجة، حذّر فيه من إيذاء حرمه المصون، بعد انتشار أخبار عصابات الاختطاف وسرقة الأعضاء في الخرطوم..!
وقد جاء في نَص البيان – موضوع النكتة – “أنا صالح حسن منشار، الملقب بود منشار، أحذِّر وبشدة عصابات اختطاف السيدات من أي محاولة لإيذاء زوجتي وأم عيالي، وبنت عمي، سامية حسين منشار، البيضاء، ممشوقة القوام، فائقة الحلاوة والجمال، والتي تسكن في الشقلة الفتيحاب، غرب الجامعة الإسلامية، في البيت ثاني ناصية، بعد مركز توزيع الغاز، بجوار زريبة الفحم، والتي تذهب أحياناً بمفردها في الفترات المسائية لجلب متطلبات المنزل من سوق الشقلة المجاور. كما تذهب أحياناً لزيارة بنت خالتها التي يقع منزلها على الجانب الآخر من الشارع. وكل من تسول له نفسه الاقتراب أو المساس بزوجتي، فسوف يكون آخر يوم في حياته. والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. ود منشار”..!
البناء اللغوي الذي يحكم صياغة هذا النوع من النكات يشترط عليك أن تضحك – على طرافة المعنى المسكوت عنه – دون أن تخضعها لأي منطق، بافتراض أن الفهم الذي تنطلق منه أسباب الضحك خيالي ولا يُمكن إخضاعه لأي واقعٍ معيش..!
في تصريحات السياسين – أحياناً – هنالك أيضاً معنى مسكوت عنه يكون هو الهدف الرئيسي من بعض البيانات المنشورة والأحاديث المُعلنة، وبالتالي يكون هو الأولى بالالتقاط والتفنيد ومن ثم الجرح والتحليل..!
يوم أمس كتب السيد ياسر عرمان – المستشار السياسي لرئيس الوزراء – الحديث الآتي “منذ أن جئت الخرطوم لم اجتمع بصلاح مناع ولم أقم بزيارة مقر لجنة إزالة التمكين، وأدرك بوضوح الأخطاء التي ترتكبها لجنة إزالة التمكين والطريقة الاستعراضية والمستفزة لصلاح مناع نفسه، والاتهامات التي تدور حوله كرجل أعمال، ولكن الحملة ضده ليست بريئة وبها صناعة وخلفها الفلول وامتداداتهم. الفلول مرعوبون من لجنة إزالة التمكين، فإزالة التمكين تعني إزالة (الإنقاذ) والدولة الموازية، وإزالة التمكين مهمة يجب أن تستمر بلا هوادة وبلا تراجع. لجنة إزالة التمكين هي روح من روح الثورة. وعلى لجان المقاومة دعم لجنة إزالة التمكين في الريف وفي المدن وتبني قضية إزالة التمكين. يجب علينا كذلك إصلاح منهج اللجنة وعدم استخدامها لتصفية الحسابات وإبعادها من شبهات الفساد، وأن ترسخ بناء دولة القانون، وعمل اللجنة ليس قضية أشخاص، بل هو بناء وطن واستكمالٌ لثورة ديسمبر المجيدة، ويجب أن يكون في مقدمة اهتمام الديسمبريين” انتهى.

فما هو المسكوت عنه خلف سطور بيان المستشار السياسي للحكومة يا ترى؟. أو بعبارة أخرى ما الذي يريد ياسر عرمان أن يقول به حقاً في هذا البيان الذي يندرج تحت تصنيف النيران الصديقة في مُواجهة ما يُمكن أن نطلق عليه الأخطاء أو التجاوزات الصديقة، أو الفساد الصديق إن شئت؟.
أعتقد أنّ المسكوت عنه في نص هذا البيان يقول بالآتي
لا علاقة مُباشرة لرئاسة المكون المدني في هذه الحكومة الانتقالية بما تفعله لجنة إزالة التمكين، من حملات منظمة تستهدف أشخاصاً بأعينهم.
كما وأن حكومة مجلس الوزراء تعلن براءتها من تهمة الموافقة على “أخذ” كل الأموال التي يُشاع أن لجنة إزالة التمكين قد قامت في استلامها بعد جملة حالات ابتزاز وحفنة تسويات.
مجلس الوزراء ومستشاروه يقفون مع فعل إزالة التمكين كمبدأ ثوري يستهدف الأفعال لا الأشخاص، ويقتلع جذور الفساد لا الرشاوى والتسويات.

مجلس الوزراء ومستشاروه يُحاربون الفلول وسوف يظلون يفعلون، وصلاح مناع لمن فاته أن يعرف رجل أعمال وقد يوجد تضارب أو توافق مصالح بينه وبعض الذين يجتهد مع لجنته في إزالة تمكينهم ومُصادرة أموالهم، وهو أمرٌ قد يتقاطع مع مصالحه حيناً وقد يتماشى مع ذات المصالح أحياناً لكنهم في مجلس الوزراء بريئون من أي قرار قد يصدر عن صلاح رجل إزالة التمكين لمصلحة صلاح رجل الأعمال. لذا وجب التنويه..!
وأخيراً يرى صاحب البيان أن معظم رؤوس لجنة إزالة التمكين قد أينعت وحان قطافها، وإنه لصاحبها..!

ألا هل بلَّغت.. اللهم فاشهد..!

munaabuzaid2@gmail.com

المصدر : الصيحة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى