مقالات

محمد احمد مبروك يكتب : اسرار المؤامرة الحقيقية !!!

سطور ملونة

اسرار المؤامرة الحقيقية !!!

ليس سرا الصراع الحاد الذي كان يدور في أروقة الإخوان المسلمين منذ أواخر القرن الماضي ومطالع القرن الحالى ، والذي راحت ضحية له منشٱت وكيانات وأفكار ومباديء وشخصيات كثيرة . وفقدت الدولة قوتها التي كانت مستمدة من تكاتف الإخوان المسلمين . وأمكن إختراقها من أجهزة المخابرات التي نشطت في مساعدة الإخوان ليضربوا بعضهم بهدف تصفية كيانهم ومن ثم تنفيذ أجندة الغرب في القضاء على مشروع دولة إسلامية خطيرة بإضعافهم من الداخل ليسهل إسقاطهم .
وكان من أهم العناصر المستهدفة لإضعاف الدولة القضاء على بنك أم درمان الوطني وأصبح الجو ملائما جدا لذلك حيث انه توافرت مجموعة من العوامل المساعدة وهي :
* إنشقاق الإخوان المسلمين إلى ثلاث فرق : فريق مع الرئيس ويساندهم الذين ركبوا حصان الإنقاذ وشايعوها فأصبح أصحاب القضية الحضارية أقلية ومعظم هذه الأقلية ابتلعتهم شهوة السلطة والمال فلم يعد حافز الدين والهوية هو المحرك لهم . وفريق إنشق مع الشيخ الترابي ، وهؤلاء انتقلوا مباشرة إلى خانة العداء السافر للإنقاذ والدولة ومؤسساتها . وفريق ثالث إعتزل الجميع ونأى عن الصراع واكتفى بموقف سلبي لا يهاجم باطلا ولا يدافع عن حق . وبهذا أصبح ظهر البنك مكشوفا لا ناصر له .
* بالمقابل قوي النظام العالمي في ظل إنحسار المعسكر الٱخر وخمود الحرب الباردة . فوجه جهوده كلها نحو حرب الإسلام بعد أن قضى على الشيوعية . وأصبح لديه سلاح فتاك وهو تصنيف الدولة أو مؤسساتها بأنها إرهابية ، وهو تصنيف كفيل بتصفيتها بل وشن حرب عسكرية عليها .
وبدأت خطوات عملية لتنفيذ المخطط :
* بدأ بنك السودان تصعيد الخلاف مع بنك أم درمان الوطني بمبررات منطقية وهي خروج البنك على قواعد العمل المصرفي البحت ودخوله مجالات التجارة وعدم إنصياع قادته المتعاقبين لموجهات بنك السودان . وكان لقيادات البنك مبرراتهم فقد قال لي الزبير أحمد الحسن المدير المؤسس : واجهنا مسئولية كبيرة فقد كانت البلاد تضغط عليناباحتياجاتها وكان لابد من إجتهاد بإخراج البنك من المجال التقليدي وأدخلناه مجال التجارة من أوسع أبوابها وأعتمدنا الإستثمار الحقيقي . وطبعا هذا يتعارض مع النظم التقليدية التي يمضي بها البنك المركزي . لكن مهابة الزبير وعينه الحمراء حالت دون أن يوقفه البنك المركزي .
خلفه أحمد محمد علي الفشاشوية الذي مضى في ذات الطريق وتوسع فيه وأضاف نقلة هائلة في التقنية المصرفية حولت البنك إلى مصرف الكتروني بالكامل وكان هذا أيضا يخالف لوائح ونظم بنك السودان .
لكن حجم التمويل الهائل للتنمية وتمويل الحكومة لإنشاء البنيات التحتية والخدمات وتمويل القطاع الخاص في كل مجال كانت له تبعاته . فرغم أن عمل البنك ونشاطه أدخل أرقاما لم يسبق الوصول إليها في الإقتصاد السودانى ، إلا أن ذلك جعل التعثر يسجل (أرقاما) ضخمة إلا أنها قياسا بحجم أعمال البنك تمثل ( نسبة ) عادية بل دون المسموح به في كل مصارف الدنيا .
وانتهز البنك المصرفي هذه الفرصة الذهبية وأخرج بنك أم درمان الوطني من المقاصة مما يعني أنه أخرج أكثر من نصف النظام المصرفي السوداني مما يعني بوضوح إنهيار النظام المصرفي السوداني كله .
وهرع نحو رئيس الجمهورية البشير فريقان : فريق بنك أم درمان الوطني يقول للرئيس إن البنك بخير وفي أوج قوته ويعرض حساباته بأرباح كبيرة و( نسبة ) تعثر مقبولة . وفريق البنك المركزي ليقول إن البنك يعاني من تعثر مهول بلغ كذا مليار دينار وأنه يعاني أزمة سيولة تهدده وتهدد النظام المصرفي بأسره . فلم يتمكن الرئيس من تحديد موقف فوري بقوله ( طيب نحنا نصدق منو ) . ووكل الأمر إلى وزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين حيث واجهه د. صابر محمد الحسن برفضه وجود اللواء أحمد موسى في إدارة البنك بقوله ( يا نحن ياهو ) فحسم الوزير الامر بتنحية أحمد موسى وتعيينه أمينا عاما للهيئة الإقتصادية الوطنية .
خروج البنك من المقاصة كان ضربة قوية للبنك فرغم أن بنوك أخرى تجاوزت نسبة التعثر فيها ماجرى في بنك أم درمان إلا ان البنك المركزي عالج اوضاعها دون إخراجها من المقاصة . ونتيجة لذلك سحب كثير من العملاء أرصدتهم مما أثر سلبا على حجم الودائع .
وبخروج أحمد موسى رجل الجيش القوي أعلن محافظ البنك المركزي في مؤتمر صحفي أنه ستتم خصخصة البنك . لكن تيارا قويا في الجيش والسلطة السياسية حالت دون ذلك .
لكن حدث شيء غريب وهو أن البنك أصبح يدار مباشرة من البنك المركزي وأصبح نائب محافظ بنك السودان هو رئيس مجلس إدارته وأصبحت إجتماعات مجلس الإدارة ولجانه تعقد داخل البنك المركزي رغم أن ذلك مخالفة صريحة لقانون البنك المركزي الذي يمنعه من إدارة المصارف .
كل الذي يجري اليوم من حرب على الجيش والمناداة بتفكيكه ( إسم الدلع هيكلة الجيش ) وكذلك تصفية شركاته وإخراجها من ملكيته ومن دائرة الإقتصاد كله إنما هي صدى لما كان يجري من مؤامرة الأمس والإمتداد لها . وماهو إلا مؤامرة حقيقية عايشت بنفسي فصولها وربما نعود لكشف كثير من أسرارها إن شاء الله ومد في الأيام

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى