مقالات

د عبدالكريم محي الدين يكتب : آفات الاستقرار -2

آفات الاستقرار -2

د عبدالكريم محي الدين

و الآفة الثانية غير تلك التي تتمثل في أزمة الخلق السياسي المترتبة عليها الانهيارات المتلاحقة للاستقرار و الاقتصاد هي افة النظام الدولي …

إذ أن الهيمنة الأمريكية و حلفائها على العالم فرضت سياستها على الأنظمة و الدول و اصبح من المستحيل الفكاك منها او التحايل عليها خاصة في ظل جبهة سياسية متهالكة بالداخل …

فالغرب العجوز و امريكا الكهول تحالفا تحالفا استراتيجيا لجعل موارد الدول الفقيرة و سوقها تحت تصرفهما اذ نضبت عندهما الموارد المادية و البشرية معا و استهلكا خيرات الارض و سلالات البشر و لم يبق لديهما إلا استجلاب تلك الموارد من خارج الحدود ثم اعادة تصديرها مرة أخرى للسوق الفقير و لن يتم ذلك إلا بعودة الاستعمار من جديد في ثوبه المتجدد …

فالاستعمار المتجدد هو دراسة الحالة للشعب او الدولة المراد استغلالها و تطويع تلك الحالة حسب ما تقتضي مصلحة المستعمر الآنية و الاستراتيجية …

فكثير من الأحيان يتبع الغرب سياسة الإفقار فيصنع لذلك الحروب و يزرع الفتن و يقيم الثورات المسلحة و ينشر الفوضى كما هو معاش في السودان و فيما يسمى دول الضد …

و يتبع الغرب سياسة التخويف فيصنع ( البعبع ) الذي به يبتز الحكومات و الأنظمة فيبتلع إمكانياتهم المادية و العاطفية فيقضي بذلك حاجته الآنية و المستقبلية كما هو حاصل الان في الخليج الغنية بالبترول …

و يشن الغرب حربه الاستخباراتية و يسخر إعلامه على الدول الكبرى التي لا يستطيع الدخول في مواجهتها مباشرة فيستهدف اقتصادها قبل ان يستهدف جيوشها و شعوبها كما هو الحال في حرب المعلومات الاقتصادية بين امريكا و الصين …

و يستخدم الغرب العملاء و الوكلاء في صراعه مع الدول القوية فيسخر الجواسيس و الجيران جيشا في تلك الحرب و لا يخشى في ذلك صوتا رافضا او ادانة دولية كما هو الحال في تصفية و تركيع روسيا …

فإذا كان الغرب و امريكا يخوضون صراع الاستعمار المتجدد مع الدول الغنية و الدول القوية بتلك الكيفيات التي تنافي الأخلاق و الأعراف و الديانات فكيف يديرون ذلك الصدام مع الدول الفقيرة و الضعيفة ؟؟؟

حتما سيكون الغرب افة كبرى من آفات الاستقرار السياسي و التنموي و حتما سيستخدم القوة و الخبث معا و لن يخشى لعنات الدماء و الأشلاء و لن تهمه الحكومات مادام هو مغيرها وهو المتحكم في قرارها و استقرارها …

ستكون امريكا و الغرب مهددا لحياة الشعب و بقاء الأنظمة و استقرار الحكومات ما لم تتغير معادلة الموارد و الحاجيات و ما لم يتطهر النظام الدولي من السوء الأخلاقي في إدارة الإنسان و البيئة …

و السلاح الناجع لمقابلة تلك الآفة هو اخلاص السياسيين لأوطانهم و تخلقهم بالإنسانية و ارتقاؤهم الى مستوى الإدراك الكامل بقضية بلدانهم و شعوبهم إذ ان استقرار الدول و سيادتها على اراضيها اصبح مقابل الاذعان او عبر سفك الدماء و سيادة الأقوى …

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى