مقالات

د. عبدالكريم محيي الدين يكتب : الحالة السودانية

بسط و مقام

الحالة السودانية

د. عبدالكريم محيي الدين

كنت أقول لبعض قيادات الإسلاميين أنه من أصعب المستحيلات تحقيق نجاحات من غير سند دولي و إقليمي خاصة و أن اصحاب هذا التيار محاربون من الغرب و العرب …

و كنت اقترح اجراء حوار حقيقي مع الغرب و العرب يفضي إلى القبول و التعاون و المصالح المشتركة …

و لكنني اليوم أصبحت اكثر قناعة بأن للغرب مشروعا يتناقض مع مصالحنا الوطنية و لا يضع لشعبنا اعتبارا البتة …

فولكر و الرباعية ( امريكا ، بريطانيا ، السعودية و الإمارات ) لا يستحيون أبداً من فرض دستورهم عبر تسييرية المحامين بل و يجتمعون مع هذه اللجنة بعد حكم القضاء السوداني ببطلان العمل معها و ما زال هذا

الرباعي يمارس القرصنة لارجاع الطغمة التي ازالتها قرارات الخامس و العشرين من اكتوبر المشهورة و ذلك لهدفين اثنين :

احدهما ان هذه الجماعة تم تدريبها مسبقا على المراوغة السياسية و المصارعة الخبيثة و تم الصرف عليها لتكون هي حكومات الغرب في السودان و أزرعة مخابراته و أدواته ووسائله في حربه مع الشرق و الشرق الأوسط …

و الآخر فتهدف امريكا و دول محاورها من ذلك الضغط ( إرجاع اربعة طويلة ) استفزاز القاعدة العريضة للشعب السوداني إذ أن ما تمثله مجموعة الطويلة لا يساوي واحد في المائة من شعبنا بل يمثل المجموعة

الممقوتة و الجماعة الظالمة و يمثل الفكرة الإلحادية و الثقافة الساقطة و رغم ذلك تريد الولايات المتحدة فرض هذه الجماعة على كافة السودانيين لتكتمل دواعي الصدام و تشتعل نيران الغبن و الظلم …

و كأن خطة الغرب الأولى هي تنصيب عملائها و فرض هيمنتها عبرهم و في حال فشل هذه الخطة فالخطة الثانية هي صناعة الغبن و إشاعة الظلم لخلق الصدام السياسي و المجتمعي و الجهوي بين السودانيين ( يا فيها يا نشعلها ) …

ستنفذ خلايا الغرب عددا من عمليات الاغتيالات وسط القيادات المختلفة للتخلص منهم و لاشعال فتيل الخراب و الاحتراب و هذه الخلايا تمتلك

قدرا كبيرا من الاحترافية في استخدام الميديا في الدعاية و الإشاعة و تطويع الواقع لما تريد و تساعدها في ذلك الآلة الإعلامية الغربية و العربية …

ووفق الخطة الغربية فإن المستهدف الأول هو الجيش و الأجهزة الأمنية و الشرطية ففي حالة الخطة الأولى فسيتم استخدام السلطة المدنية ( بمساعدة الدستور و القوانين ) لتصفية الجيش و ملشنته و خلق النزاع بين المكونات الجديدة …

أما في حالة الخطة الثانية فاستهداف القوات المسلحة فسيكون عبر الصدام الجهوي و القبلي و عبر فصلها عن الداعمين ( نداء أهل السودان و القوى الوطنية ) ثم بعد الاضطراب الأمني و الاقتتال الدموي ستستخدم امريكا مجلس الأمن الدولي للتدخل المباشر عبر البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة …

و لتلافي نفاذ الحالتين يجب على السيد الفريق اول عبدالفتاح البرهان أن ينحاز للوطن و يصدر قرارات تاريخية مفصلية ترتكز على الآتي :

1- السودان دولة ذات سيادة لا تقبل المساومة في سيادتها و مستقبل شعوبها .
2- في المرحلة الانتقالية تقف القوات المسلحة على مسافة واحدة من جميع الفرقاء السياسيين الحقيقيين و تنحاز بصورة لا لبس فيها لمصلحة الوطن و استقراره و مستقبله .

3- استقلال الوطن و القرار سيكون غالي الثمن على الشعب في العقود الأولى من عمر البلاد فالعدة لذلك هي ثورة الإنتاج و رباط الجأش و الصبر الجميل .
4- الاتجاه المحوري للسودان شرقا او غربا تقتضيه المصلحة العليا للبلاد و لا تقيا و لا مداره في ذلك .

5- الحركات المسلحة هي الأقرب للمصالحة الوطنية و على الجيش استيعابها بعدالة تامة و بصورة عاجلة .
6- الأحزاب السياسية ذات الالتزامات الخارجية ( وهي قليلة و معروفة ) يجب حسمها و تعريتها تماما .

7- القوى الوطنية مهما تكون ايدلوجيتها يجب ان تشترك في صناعة مرحلة ما بعد الانتقال داخل فترة الحكم الانتقالي بكل تجرد و اخلاص .
8- الميثاق الدستوري الذي يحكم الانتقال لا يكون الا وطنيا خالصا و سودانيا عادلا و شجاعا مهابا .

9- وحدة القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية الأخرى هي الخطوط الحمراء التي تسيل دونها الدماء و تتطرف عندها القوانين و الجزاءات و الإجراءات مهما كان الثمن و تستخدم في ذلك كل وسيلةٍ و حيلةٍ .

هذا بسط للحالة السودانية في مقام المعطيات الماثلة حيث لا مخرج للبلاد إلا بالتمرد التام على الهيمنة الدولية الساعية الى نصرها في

الحرب مع الشرق . بل و يجب على السودان و بصورة عاجلة و ذكية استغلال تلك الحرب في صالح المصلحة الوطنية و الإقليمية و صنع التوازن الدولي …

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى