مقالات

د.خالد أحمد الحاج يكتب : رمضان بخيره

د.خالد أحمد الحاج يكتب : رمضان بخيره

تحبير

عديدة هي المعاني الصالحة التي تضمنها شهر رمضان المعظم، شهر الرحمة والفضائل وجلائل الأعمال، ولعل أعظم هذه المعاني إحياء هي قيم التكافل والتراحم والإحسان بين أهل القبلة الواحدة والمخصوص به من بحاجة للدعم والسند والمؤازرة، نحن أولى بالمعروف من غيرنا من الأمم وأهل الديانات السماوية. في أيام فيها الأجر مضاعف والتسابق على

الخيرات من أهم سمات شهر الرحمة والمغفرة، الأيام التي يفاخر فيها المولى عز وجل بعباده الصائمين القائمين التالين لكتابه الكريم في نهارات وليالي شهر الفتوحات. ويجسد شهر العتق من النار قيم هذا الدين السمحة في أكثر من مظهر، إن كان ذلك بالصدقات التي تعطى لأصحاب الحاجات دون أن يطلبوها بغرض رفع الكلفة عنهم، وتجنيبهم سؤال الناس أعطوهم أو منعوهم. وتعد الصدقة من أرفع مظاهر العطاء التي حثنا عليها نبي الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه. ويمكن لمن هم في

سعة من الرزق وبحبوحة من العيش أن يخرجوا الصدقة على شاكلة أموال، أو عن طريق تقديم الطعام، أو المواد الغذائية، أو مما ينتفع به من دواء، أو كساء، أو إنفاق على أيتام، أو إعالة لأرامل، أو التكفل بإعالة أسر تعيش تحت خط الفقر. من اليسير أن تجد بعض هذه الفئات قبالة المساجد وعند إقامة الصلوات بوجه خاص، وفي الأسواق إن كنت يا عبد الله على مقربة منها، وفي بعض المناطق التي يعبر مظهرها عن حال ساكنيها. ولما كنا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر،

ولأن هذا الدين العظيم قد حثت العديد من آيات كتابه الكريم وشددت على التكافل والتضامن (ولا تنسوا الفضل بينكم)، يلزم أن يكون هذا منطلقنا. وتمثل موائد الرحمن التي جبل عليها أهل السودان منذ القدم، والمنتشرة في معظم بقاعه في كل شارع وساحة وزقاق وعلى طول الطرق القومية وفي الأسواق وقد تداعى لها اهل هذه البلاد برحابة صدر لدرجة أنهم يصرون على الراكب والراجل أن ينزل عند رغبتهم لتناول وجبة الإفطار ثم يكمل سيره لابد أن نتوقف عند هذا المظهر ولا ندعه يمر

دون أن نتمعن فيه. قد لا تكون عبارتي دقيقة إن قلت إنها ماركة مسجلة باسم أهل السودان، لكنها واحدة من قيم الخير الكثيرة التي عرف بها هذا الشعب الكريم. مع الظروف القاسية والمريرة التي تمر بها بلادنا اتسعت دائرة الفقر ، وازدادت أعداد الفقراء والمساكين والمحتاجين نتيجة لضيق فرص العمل والكسب، فضلا عن الغلاء الذي عم البلاد، لدرجة أن الكساد قد

جسم على صدر الأسواق، وبالرغم من الجهود المبذولة والمقدرة لديوان الزكاة، إلا أن ما يرصد إن كانت مواد عينية، أو أموال تعطى لأصحاب الحاجات لا تكاد تفي بالحوجة، ولا تغطي متطلبات المعيشة المتزايدة، لذا لابد أن يعمل الديوان على تفعيل قنوات الدعم الأخرى. وأن يمهد لإخراج السائل من هذه الحالة ليكون قادرا على الاعتماد على نفسه إن كان ذلك بتمليكه

مشروع عمل يدر عليه دخلا ثابتا، ويمكنه من الاعتماد على نفسه، ومن هم تحت وصايته، بدلا من سؤال الناس أعطوه أو منعوه، مع العلم بأن القرآن الكريم قد نهى عن ذلك، مصداقا لقوله تعالى (فأما السائل فلا تنهر). نعلم أن أهل الخير، وميسوري الحال غير مقصرين وخيرهم سابق، بيد أننا نأمل أن يوسعوا في ذلك أكثر، مع اليقين التام بأنه: (ما نقص مال من

صدقة)، ولا بأس من أن يكون الدعم على شاكلة كفالة لأيتام، أو بعمارة بيوت الله، أو بإكرام طلاب العلم بالخلاوى ودور التحفيظ، أو بالمدارس. كل هذه الأعمال الجليلة وغيرها والتي عبر عنها القرآن الكريم في أكثر من موضع ببيان محكم وبإعجاز لفظي ودلالي، وأسهبت السنة المطهرة شارحة ومفسرة له، نسأل الله حسن العمل والقبول.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى