مقالات

د.خالد أحمد الحاج يكتب : حقوق الإنسان.. الممكن والمستحيل

تحبير
د.خالد أحمد الحاج يكتب : حقوق الإنسان.. الممكن والمستحيل

* مع ضبابية المشهد في بلادنا تطفو على السطح العديد من القضايا التي تحتاج إلى حلول عاجلة، ولكن قبل ذلك لابد من توافر الإرادة لدى القائمين على الأمر لحلها، ومن ضمن القضايا التي تشغل البال قضايا

حقوق الإنسان التي ينظر إليها الشارع السوداني والمجتمع الدولي بقلق شديد، نتيجة للعديد من الانتهاكات التي وقعت خلال الفترة الفائتة، وسقط نتيجة لها ضحايا كثر بين قتيل وجريح ومفقود ومهجر، ما جعل دائرة المخاوف تتسع.

* في ظل ظروف بالغة التعقيد ما تزال مناطق عديدة من إقليم دارفور تمر بظروف قاسية، ولا يزال الصراع المتقطع هنا وهناك يجعلنا أكثر إشفاقا على المواطن الذي اضطر للنزوح تاركا وراءه كل شيء، لا يزال القتل

والخطف يدور بدل المرة مرات، ولا تزال الخلافات تعصف بعلاقة بعض المكونات السكانية، إن كان ذلك نتيجة لخلافات حول الأرض، أو بسبب الاحتكاكات التي تقع بين الزراع والرعاة، أو نتيجة للتفلتات الأمنية التي تبدو أسبابها معلومة.

* ولا يختلف الحال كثيراً بإقليم دارفور عن إقليم النيل الأزرق، إذ أن بعض الأصوات قد ارتفعت مدفوعة بخطاب يعبر عن الكراهية وصوت القبيلة الذي كنا نتوقع أن يستفاد منه في رتق النسيج الاجتماعي، وتعميق روح المواطنة تجنبا لأي وضع لا تحمد عاقبته.

* لا يزال ملف حقوق الإنسان بالسودان مقلق، رغما عن الجهود المبذولة من الجهات المختصة للحيلولة دون تجدد المواجهات المسلحة، من كل ما جرى ذكره أمكن لي أن أقرأ المشهد في ظل تباعد في المسافات بين

فرقاء السياسة، وحالة الشد والجذب التي عليها القوى السياسية نتيجة لعدم الاتفاق على برنامج سياسي محدد يمهد الطريق لإدارة الدولة بعيدا عن الخلافات التي نخشى ما نخشى أن تعصف بالبلاد.

* حقوق الإنسان تتوزع ما بين القانون الذي يقع عليه أمر ضبطها، ووضع الأطر القانونية التي تحكمها، وتحديد آليات التعامل بين المكونات السكانية المعنية بهذه الحقوق على مستوى بلادنا، أو حول العالم قاطبة.

* وبين السياسيين الذين يقع على عاتقهم صون هذه الحقوق والحيلولة دون ضياع حقوق الأفراد، ومنظمات المجتمع المدني التي يقع على عاتقها تنوير الشعب بحقوقه، وتعريفه بواجباته، والمنظمات الدولية العاملة في

مجال حقوق الإنسان، والإدارة الأهلية، وغيرها من الجهات المنوط بها رعاية هذه الحقوق، ووضع القوانين التي تحفظها.

* بحسب ما أرى فإن الجميع شركاء في تثبيت مبادئ حقوق الإنسان التي أقرها النظام الأساسي للأمم المتحدة، ووقعت عليها الدول الواقعة

تحت مظلة هذه المنظمة، من كل ذلك دعوني أقول إن زيارة المفوض السامي لشؤون حقوق الإنسان فولكر تورك للبلاد في ظل وقوع العديد من الانتهاكات يجعلنا نرسل بعض الرسائل للمنظمة الدولية لحقوق

الإنسان مفادها أن الذي تحتاجه بلادنا والمناطق المتأثرة بالحرب بوجه خاص هو دعم السلم الاجتماعي، باستكمال مشاريع التنمية، ولكن قبل ذلك لابد من رسم خارطة طريق للبنية التحتية، من واقع أن معظم مناطق

دارفور تعاني الإهمال، ومن الأزمات المتطاولة أيضا شح مياه الشرب وعدم قدرة الحكومة المحلية على إيجاد بدائل لها في موسم الصيف، وضعف الخدمات الأخرى التي تعزز استقرار المواطن، ولا يزال آلاف الأطفال في

سن التمدرس خارج فصول الدراسة، إما بسبب النزوح الذي تتعدد أسبابه، أو نتيجة لعدم توفر الظروف للدراسة، في ظل عدم اكتمال الإجلاس، أو نتيجة لعدم توفر الكتاب المدرسي، أو غير ذلك من الأسباب.

* الحاجة إلى الأمن والاستقرار هي التي دفعتني حقيقة لتناول هذه القضية الحيوية، التي أرى أنها بحاجة منا في وسائل الإعلام عند تناولها لإعمال الحكمة قبل كل شيء، والتعامل معها بشيء من الموضوعية،

نتيجة لأنها واحدة من القضايا المتجددة، علاوة على بعدها الإنساني، وفي ذات الوقت تعد من القضايا ذات الحساسية المفرطة، وأي إجحاف في التطرق لها من حيث التحليل والتوجيه والنقد، تترتب عليه جملة من النتائج.

* وعلى مستوى الحكم والوصول إلى السلطة، وحسب العرف الدولي متروك للدول وفقا للأعراف والمعتقدات والتوجهات السائدة اختيار النظام السياسي المناسب الذي يتم التشاور فيه بين الشعب والنظام السائد

والقوى السياسية المعنية بالأمر، على أن يتم الوصول إلى السلطة بعيدا عن اللجوء للقوة، بمعنى أن الحكم بيد الشعوب، ولها الحق في ختيار من يحكمها برغبتها، دون أي ضغوط تمارس عليها.

* عندما تصطدم الحقوق بأي عوائق تتوقف عجلة البناء، وتنهار الخطط الرامية لإزالة أسباب الصراع، لذا لابد أن تتعامل البعثة الأممية مع مثل هذه القضايا بعدالة، فلا يزال ملف الترتيبات الأمنية لسلام السودان المبرم بجوبا بحاجة لمزيد من التدارس، ولا يزال ملف السلطة والثروة محل تحاور

ونقاش، في ظل تراجع دولي عن دعم مشروع السلام السوداني، والتحول الديمقراطي ومدنية الدولة، من باب المسئولية الوطنية وما يمليه علي ضميري حاولت قدر المستطاع أن أحبر هذه المساحة بما أعتقد أنه داعم لاستدامة حقوق الإنسان، والخروج بالبلاد من أزمتها إلى بر الأمان.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى