مقالات

إشتياق الكناني تكتب والله زمان يا صاحبي !!

إشتياق الكناني تكتب والله زمان يا صاحبي !!

 

هكذا أنساب الحديث بينا، زميل وزميلة في جامعة سودانية، ومن ثمة صديق النجدة ونداء الأستغاثة أيام الإمتحانات وقصصها ، سنوات خضراء بينا وأخريات عاصفات ، ولكنها تنمو بحنو وصفاء الأيام، كان هو صديقي منذ ألف عام او يزيد.
قد لا تهتم كثيرا بالأيام في عز طحنها وفي دوامة معاشها، ولكنك فجأة تدرك كم مضت وكم ذهبت وكم مضي ونحن هنا يا صديقي.
بذكرياتها ورحيق الأمكنة.
بالأمس دونت كلاما عاديا على صفحتي الشخصية علي الفيس بوك ومضيت لحال انشغالي… وبعدها رن هاتفي، ذاك الصوت الذي حينما تسمعه يطرق إذنك تصمت لبرهة، تتذكر قاعة المسجد كلية قانون النيلين ، تستحضر الأصوات ونداءات واصوات الأقدام تتخابط على الباب ، والعيون المنتظرة نحو فضاءات ساحة الكلية، وأسرة القانون الدستوري الذي يضمنا، ونقاشات مبهمة ، وأحاديث غاضبة وأخري راضية عن قانون وعن قانون الأحوال الشخصية وعن دستور ، وعن ديباجة فحواها لغة ومضامين الدستور نفسه.
وحينما تعود للصوت الذي يحدثك عبر الهاتف تعود لواقع تهرب منه ، وشخوص يحيطها الزيف ، وأقنعة متنوعة ومتلونة … وتسأل صديقك من نحن؟ وأين هذا المكان! وكيف مضت السنون ؟ وكيف لهذه السنوات إن تطحنا وتعيد تكوين كيونتها كيف شاءت وكيف شاءت الأقدار .
يا صحبي وضحك هو وصمت أنا، وردد هو : تتذكرين حينما كان النداء المحبب لنا في بقالة عباس حيث ( فتة الفول وزيت السمسم ) نداء اتفضل يا صحبي ، وقرب يا صحبي من دون أن ترفع رأسك تتأمل هذا الصاحب ، كأنها شفرة تعرفها الدفعة ويتعاملون بها.
ثم مضت السنون ونحن في ذات الصراع، صراع القانون وعدالة أهل الأرض وهذا بحث مضني لا نهاية له ولا عدالة يعرفها أهل الأرض.
ما درسناه شيء وما عشناه شيء آخر.
هناك عدالة باهرة جميلة أنيقة، وهنا كل شئ زائف، ملون، يخضع لقانون المصلحة، الاستغلال والخذلان.
كيف لنا إن نبدل عالم الكتب بهذا العالم ونعيد لهذا العالم البشع جمالا وبهاء يفتقده.
نعيد كفة الميزان لاتزانها وعدالتها وننصب للأشياء أسماء تشبهها واوصاف تطابقها.
كيف نغير عنف الدولة والاستبداد والطغيان وحكم الفرد؟
كيف لهذا الشعب حرية حبآ وسلاما وودآ وعدالة ناجزة تنصف المظلوم وتعيد للظالم اتزانه!
كيف لنا إن نحارب بشاعة هذا العالم بالعدالة والوفاء والعرفان لقدسية حقوق الكائنات فيه.
ديباجة فيها إرادة حرة وسلطة تخدم الشعب لا سلطة الشعب يخدمها .. ولا تكون سلطة تستخدم سيطانها تجلد شعبها وتسجن إرادتهم الحرة.
دولة تحترم حق مواطنيها وكرامتهم وتقبل تنوعهم، ليس دولة تلفظ ابناءها إلى عرض البحر ينهشهم تجار البشر والاسماك والحيتان ولا يبتلعهم الميناء تجاه شط عبودية ينالون مقابلها بضع دينارلات لا تغني ولا تسمن مقابل معاناته في وطن غريب عليه.
دولة فيها العدالة والمساواة وحكم يشارك شعبه شفافية سيادة حكمه.
لا دولة تقف كفرس اسود ضد الشعب !
دولة لا نكتبها ونحلم بها، دولة تكون واقعا ويعاش.
هذا الشعب في كل فترة يدخل على مزاد من يطحن اكثرهم ويقتل بعضهم ويسجن الآخر ويفرض سيطرته على ربعهم هو يحكمهم، حكومة تسود فيها محاربة اللون والنوع واللغة والانتماء السياسي، دولة تقسمنا حسب الدين والرأي السياسي والوضع الإجتماعي.
دولة لا تجدها الا حيث يكون غياب القانون وسطوة قانون الغاب.
ويا صاحبي هل هذا قانون للمعاملة ام قانون يخضع للهيمنة والسيطرة على القطيع في قانون الغاب.
حينما عدت للهاتف استمع لصديقي وجدته يحدث معاتبا كيف لك هذه النظرة السوداوية!
كيف يتبدل رحيق الندي بسموم الأفعي!
كيف تتبدل تلك الأحلام أغمق من الليل واكحل من سواده .
هو سؤال لا نملك رفاهية الإجابة عليه!
نحن يا صديقي مجرد أرواح يصعد منها شهيق وزفير كحرارة هذه البلاد.
نحن يا صديقي مكبلين بلا شئ!
ونحن هاهنا باقون وللحلم بقية.

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى