محمد احمد مبروك يكتب: عندما كان حسن نجيلة طفلا

من أوراقي القديمة
عندما كان حسن نجيلة طفلا
تشرفت بالعمل مع أستاذنا حسن نجيلة في جريدة الصحافة منذ منتصف السبعينات . وكان يكتب عموده اليومي (خواطر) . وكان خطه صعب القراءة جدا فقد كان عمره فوق الثمانين ٱنذاك . ولأنني كنت أستطيع قراءة خطه فقد كنت اصححه بعد طباعته في ماكينات الجمع الٱلى . كنت أحبه جدا فقد قرأت كتابه ملامح من المجتمع السوداني أول مرة عام ١٩٦٤ وأعدت قراءته بعد ذلك عدة مرات وقرأت من ثم بقية كتبه ولم يدر بخلدي ٱنذاك أنني سأتشرف بزمالته .
سألته مرة أننا نعرف شبابه من خلال كتبه ملامح من المجتمع السوداني وذكرياتي في البادية وذكرياتي في ديار العروبة ونعرف شيخوخته من خلال كتاباته في الصحف لكن الحلقة المفقودة هي طفولته فماهي الروافد الثقافية التي شكلت ثقافته .
ولأنني سألته طالبا إجراء حوار صحفي معه أجابني :
انت صحفي لا تسمح لصحفي ٱخر أن يحاورك لأنك يجب أن تكتب أصالة عن نفسك ولا تكتب مستنطقا يوجه غيرك حديثك . لكنني سأجيب أسئلتك بشرط أن لا تنشر حواري وأنا حي !!
أسقط في يدي وندمت على سؤالي فقد كنت ٱنذاك صغير السن قليل التجربة في الصحافة لكنني تمنيت له العافية وطول العمر .
لم أنشر حواري معه حتي اليوم لكنه قال لي فيه :
كانت ترد إلى السودان المطبوعات اللبنانية والمصرية من صحف ومجلات وكتب ومطبوعات للأطفال وتصل في نفس اليوم او بعد أيام قليلة من صدورها . وكنت وأنا طفل أقرأ مجلات الأطفال المصرية ومطبوعات دار المعارف المصرية ومنشورات دار اللطائف المصورة اللبنانية . وقد كانت جزءا مهما من تكوين ثقافة ذلك الجيل من المتعلمين . هذا إضافة إلى أن المدرسة ومعلمينا في ذلك الزمان لم يكونوا مجرد مزود أكاديمي فقد كان النشاط الثقافي وما يتمتع به معلمونا من ثقافة واسعة رافد كبير لتكويننا الثقافى .
وكانت للأستاذ نجيلة مكانة رفيعة في جريدة الصحافة عند جميع العاملين ولدى إدارتها . فقد كان مرتب الأستاذ فضل الله محمد عليه الرحمة نائب رئيس التحرير ٱنذاك مائة وخمسين جنيها فرفع المرحوم موسى المبارك الحسن مرتب الأستاذ نجيلة إلى مائة وواحد وخمسين جنيها في رمزية لتكريمه رغم أنه في وظيفة محرر فقط وليس مدير إدارة أو حتي رئيس قسم .
وكان هو الصحفي الوحيد الذي خصص لم مكتب منفصل وتليفون مباشر خاص . وخصص له ترحيل من وإلى دار الصحافة .
رحم الله أستاذنا حسن نجيلة و شكرا للأستاذ الكاتب عبد العزيز حسين ربيع على ما تفضل به في عرضه الشائق الجميل لكتاب الأستاذ نجيلة ملامح من المجتمع السوداني .
محمد أحمد مبروك