تحقيقات

ومن الشائعة ما قتل !

السياسيون ونجوم المجتمع أبرز المستهدفين والفراغ والملل أهم عناصر إنتشارها

ومن الشائعة ما قتل !
عامل رئيس في صناعة الرأي العام وتدمير الإقتصاد واغتيال الشخصيات
السياسيون ونجوم المجتمع أبرز المستهدفين والفراغ والملل أهم عناصر إنتشارها
خبير أمني وإستراتيجي :هنالك مراكز عالمية لصناعة الشائعات
صحفية :تضررنا كثيرا من تصفية الحسابات بإستهدافنا بالشائعات
باحثون إجتماعيون: تدمر المجتمعات ولابد من تفعيل القوانين لمحاربتها

تحقيق :هويداحمزة
في بداية تجربتي وكنت قد اجتزت للتو مرحلة التدريب وبدأت كمتعاونة بالمخضرمة (الدار) ورد إلينا نبأ وفاة الفنان الذري ابراهيم عوض عليه رحمة الله فحملنا أوراقنا وخرجنا الي الشارع نستطلعه حول خبر الوفاة ولم نكن نمتلك هواتف نقالة في ذلك الوقت فأجرينا الإستطلاع وعندما عدنا إلى مقر الصحيفة قالوا لنا (الخبر إشاعة والذري حي يرزق) فنزلت مني دمعة على مجهودي الذي ذهب هباء وقد أوشك الليل أن يسدل ستره و(راجيني مشوار لجبل أولياء) ،تلك الدمعة لم تنزل وقت أن سمعت خبر الوفاة لأن الفنانين في ذلك الوقت كانوا بالنسبة لي مثل أنواع السيارات ورتب الضباط لا استطيع تمييزها !
الواقعة أعلاه هي أخف الشائعات ضررا بعد الشائعة الحالمة فقد أصبحت الشائعة علما خطيرا قائما بذاته وأصبح لها مراكز وصناع بل أنها أصبحت خططا تكتيكية تقوم عليها إقتصاديات دول كبرى وكذلك الحروب وتستخدم كذلك للأغتيالات المعنوية سياسية كانت أو إجتماعية أو لإثارة الكراهية والنعرات القبلية …إلخ

الخبير الأمني والاستراتيجي الأستاذ حسن دنقس تحدث للإنتباهة عن
الشائعة المنظمة فقال أن هنالك جهات تستفيد منها ودائما تخلقها ظروف وأوضاع معينة اما في بيئة سياسية أو إقتصادية أو اجتماعية، فالبيئة تتعلق بمسالة التباين السياسي وتحقيق مكاسب حزبية خاصة إذا لم تكن هنالك مراعاة للمصلحة الوطنية او لم يكن هنالك ميثاق متفق عليه يمكن أن يعلي من المصلحة الوطنية كما أن هنالك شائعات تتعلق بتحقيق مصالح إقتصادية مثل شائعات تعمل على هدم مؤسسة ما من اجل مكاسب ما وتعمل على تحييدها أو لتحقيق مصالح شخصية لمطلق الشائعة خاصة في السوق ففي المؤسسات الاقتصادية دائما هنالك تنافس. وهنالك شائعات تتعلق بالعسكرية خاصة في حالة الحرب وقد استخدمت كثيرا في الحربين العالميتين الأولى والثانية وبواسطة تلك الشائعات تم تحقيق انتصارات.وعن الشائعات المنتشرة في السودان في الوضع الراهن قال أنها نتيجة لشح في المعلومات والشح يخلق نوع من الازمة خاصة أن الدولة تعاني من عدم استقرار وبالتالي نحتاج لتمليك الحقائق وتوفر المعلومات فالاجواء السياسية متغيرة بين كل لحظة إضافة لعدم وجود حد أدنى للتوافق يجمع الآخرين لذلك اي كيان سياسي يعمل على تحقيق مصالح ذاتية له وانتصارات تعلي شأنه او وفرض أفكاره بما يتوافق مع برامجه. كذلك طالما هنالك عدم استقرار سياسي وغياب الإدارات التنفيذية في شتي المناحي فهذا يوفر بيئة خصبة للشائعات خاصة المنظمة منها فبعض الشائعات يتم أطلاقها لجس نبض الشارع نحو قضية ما فالشائعة إحدى عناصر قياس الرأي العام وكذلك هنالك شائعات يتم أطلاقها دون وجود مصادر موثوق بها يتم التعامل معها باعتبارها جهة رسمية وهذه تتوفر في وسائل التواصل الإجتماعي وفي المواقع الإلكترونية الكبيرة.
دنقس أشار لوجود مراكز عالمية تتمثل في شركات العلاقات العامة التي تعني بتحسين الصورة الذهنية وتعمل عمل إيجابي لكيانات معينة حولها اختلاف ومنها شركات إسرائيلية فتخاطب الشارع السوداني بأسلوبه تم تطلق شائعة لتحقيق مكاسب كذلك المخابرات العالمية يمكن أن تختلق بعض الأشياء لتحقيق المصالح القومية لدولها وهذا في ظل النظام العالمي الجديد فالصراع الدولي أصبح متاحا حسب قوة الدولة وسياستها الخارجية وهنالك تنافس شرس في هذا الجانب.

فراغ جمعي
باحثون اجتماعيون تحدثوا للإنتباهة عرفوا الشائعة بأنها هي خبر القصد منه الترويج ولفت الانتباه وهو شيق ومثير للفضول وهي ليست شيئا طبيعيا في حياتنا اليومية وتختلف عن النمط اليومي العادي وقد تكون صحيحة إو غير صحيحة ولكننا لا نعتبرها صحيحة لأن المعلومة اساسا تعتمد على المصدر والشائعة هي تداول الخبر من جهة لجهة عبر الوسائط أو مباشرة في المناسبات خصوصا في الأوساط غير الواعية وغير الملمة بالاحداث وهذه الأكثر شيوعا لأنها عندما تنتقل عبر الوسائط قد ترتطم بحائط من يصدونها ويكذبونها مع ذكر الصحيح. وحسب محدثي فالشائعة تنم عن الفراغ الجمعي ومن خلال هذا الفراع يجد المجتمع فرصة لتناقل الأشياء وبعض الاشيأء فيها منطق والبعض الاخر لا و70% من المعلومة يتساقط عند تداولها ،في الخارج الشائعة مرتبطة بالجريمة وهي نفسها جريمة لأن بها أشانة سمعة. الناس يلتهون بالشائعة ويتركون الحدث الاخر المرتبط بها رغم انه يمثل جريمة فإذا وجد شخص مقتولا يتجاهلون المقتول وجريمة القتل ويقولون(ما قالو كتلوهو أولادو) وهذا اتهام يمثل جريمة.

إستهداف النجوم

وتقول الباحثة الاجتماعية دكتورة ثريا ابراهيم ان اي معلومة غير حقيقية او غير واقعية تعتبر إشاعة وهنالك أسباب كثيرة لانتشارها اهمها ان هنالك من لديهم غبن تجاه آخرين ويرغبون في الانتقام منهم اجتماعيا او إقتصاديا وعلى مستوى العمل وهنالك أشخاص مضطربين نفسيا ولا يرغبون في أي سلام إجتماعي فيطلقون الشائعة من باب إشاعة التوتر والقلق الدائم وهناك من يعتقدون انهم بالشائعة يمكن أن ينشروا الخوف والرعب وقد تنشر الشائعة لاسباب سياسية للكسب والتأييد السياسي وابعاد الآخر الذي يختلف معه سياسيا باختلاق الأكاذيب والشائعات لمحاولة كسبه أو الشوشرة حوله.
نجوم المجتمع أو القيادات السياسية أكثر إستهدافا بالشائعات وأثناء إجراء هذا التحقيق سرت شائعة عن تحرش أحد السياسيين من الكيانات السياسية (المؤلفة قلوبها ) التي دخلت الخرطوم على شرف (الثورة) بإحدي الإعلاميات التي ولت هاربة حسب الشائعة التي قد يكون مستهدفا بها الرجل أو الإعلامية نفسها من باب الإغتيال السياسي أو المعنوي وعلى هذا الأمر تعلق الصحفية المشاكسة عائشة الماجدي التي قالت للإنتباهة (نحن كصحفيات سياسيات تضررنا كثيرا من الشائعات التي تطلق حولنا وقد أصبح السياسيون يقومون بتصفية حساباتهم مع خصومهم أو حول أرائنا السياسية بإطلاق الشائعات حولنا ولكن ذلك لن يرهبنا أو يثنينا عن الصدع بالحق ولو وضعوا (السيوف)حول أعناقنا ناهيك عن الشائعات الفطيرة .

واثق الخطوة

أما تلك الصحفية المشهورة فقد أشيع عنها أنها تزوجت سرا من أحد السياسيين المشهورين ولكنها سخرت من الشائعة التي وصفتها بالتافهة وأن مروجيها أيضا تافهين وقالت:(يتزوجني سرا ليه ؟لو عاوزني يجي يخطبني بالباب وأنا بوافق ).وقالت أنها تعرف من روج هذه الإشاعة لأسباب تعلمها تماما وقد سبق أن أطلق حولها شائعات أخرى بغرض تدميرها ولكنها تقول (ولا يهمني ،واثق الخطوة يمشي ملك).

برئ

قبل أيام أيضا نشر في الوسائط أن الممثل علي مهدي قال أنه رأى في المنام نورا يشع من وجه وزير المالية جبريل واعتبرها رواد التواصل (تلجة ) منه لجبريل الذي زاره بمنزله ولكن مهدي نفي ما نسب إليه وقال أن هذه ليست لغته ولا منهجه ووصفه بالعنف الذي ظل يدعو لمناهضته في كل مقالاته مؤكدا أنه لا ينتمي لأي حركة سياسية وأن مثل هذه الأكاذيب مجهولة المصدر.

آلة صدئة

ويصف الكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحيفة (الرواية الأولى) الإلكترونية الزميل مجدي عبد العزيز اشائعة بأنها من من الآلات الصدئة التي كثر استعمالها في الإعلام والإعلام المفتوح وفي عالم السياسة وهي إحدى وسائل الترويج غير الحميد لمواقف او للاغتيال السياسي او لتزييف الحقائق ، كثير من القوى السياسية التي تستخدم هذه الوسيلة لها منظمات خاصة بإطلاق الاشاعة وتخليقها وترويجها في الظروف المناسبة لبثها بغرض الكسب السياسي وهي بالدرجة الأولى ليست من أدوات الإعلام إو النشر النظيف وإنما هي تقع تحت طائلة مخالفة الاعراف ومواثيق الشرف الإعلامية والصحفية

تدمير إقتصادي

هنالك أيضا اشاعات متعلقة بالمنافسة الاقتصادية والتجارة والبيع والشراء على مستويات مختلفة قد تكون شركات إقتصادية كبيرة او مصانع وقد تكون منافسة بسيطة بين دكان والآخر في الحي فيطلق إشاعة بأن فلان يبيع بضاعة منتهية الصلاحية وغيرها وأذكر أن بعضهم نشر صورا لمادة بلاستيكية وقال أنها لأحد الزيوت المشهورة بعد إستخدامه مع العلم أنني شخصيا كاتبة هذا التحقيق أفضل استخدام ذلك الزيت الذي أجده (طيبا) وله من إسمه نصيب .

تفعيل القوانين

الباحثة الإجتماعية ثريا إبراهيم جزمت بأن كل الشائعات لها اضرارها فيمكن ان تهدد الشائعة السياسية أمن الدولة والاقتصادية يمكن أن تهدد الأمن الاقتصادي وقد تسبب هلع وخوف للمواطن تجاه السلع فلا يشتريها كما أن الشائعة الاجتماعية تسبب اضرار مؤكدة لمن تحدثوا عن أشياء تمس سمعته الاجتماعية والشخصية وعرضه فتضرر أسرته خاصة أن الأشياء الاجتماعية حساسة والمشاهير هم الأكثر تأثرا بتدفق المعلومات عبر السوشيال ميديا او في الونسات العامة للأسف الشديد وبالتالي وحتى نحد من هذه الشائعات تؤكد ثريا ضرورة تفعيل القوانين والتوعية عبر الإعلام بخطورة الشائعات وتضيف (اذا سمعت من يتحدث عنك بحديث غير حقيقي من حقك ان تبلغ عنه وكذلك الشركات من حقها ان تبلغ عمن يشوهون سمعة منتجاتها فثقافة القانون لابد أن تشيع حتى تحقق الحماية المطلوبة لكل الناس,أيضا لابد من استخدام كل اللوائح التي تحقق الحماية خاصة في وسائل التواصل الإجتماعي بمنصتها المختلفة سواء بالحظر او التبليغ فكثيرا ما سمعنا بأن أشخاص تم حظرهم واغلقت حساباتهم لان البعض أشتكي عليهم بنشر معلومات كاذبة حولهم وهذا يظهر جليا في الحراك الحادث الآن وفي السوشيال ميديا حتى إذا كتبت منشور يعزز للعنف أو أي ظاهرة سلبية هذه المنصات يمكنها حظرك بقوانينها الخاصة وهذا كله يصب في حماية المجتمع وبالضرورة نستخدم كل الآليات المتاحة وثقافة حماية الحقوق).

أنواع الشائعات

الشائعات انواع فهنالك الشائعة الحالمة وهذا النوع من الشائعات يسمي أيضا (الشائعات الوردية ) و (شائعات الأمل ) أو (الرجاء) أو (الشائعات المتفائلة ) وهي جميعها تعبر عن رغبة المستمع لها في أن يكون ما يسمعه حقيقة حيث تدخل السرور والفرح والغبطة في نفسه ويكون زمن أطلاقها وتداولها قبل أيام من المناسبات الوطنية والدينية التي تعتز بها أفراد المجتمع حسب تعريف حصلنا عليه من النت …
أمالشائعة الغاطسة حسب مختصين في تحليل الشائعات في حديث للأنتباهة فهي التي تتجدد كل مرة مثلا (وفاة عمر البشير) وهناك شائعة لجس نبض الشارع العام تجاه زيادة في أسعار منتج او لتهدئة الرأي العام عند الازمات مثلما حدث ايام حمدوك حين اشاعوا ان هنالك بواخر وقود وصلت بورتسودان مثلا وهنالك شائعة الكراهية وهي التي تستخدم لاستهداف الشخصيات للاغتيال المعنوي والشائعة الغاطسة وشائعة الكراهية اكثر الشائعات انتشارا في السودان وهي تتسبب في هدم النسيج الاجتماعي وتؤجج الصراع القبلي واكثر الناس استهدافا بها هم رموز المجتمع ورموز العمل السياسي والقيادات الأمنية واغلب الاخبار المنتشرة الآن مفبركة ومصنوعة وهنالك أجندة لتأجيج الصراعات بين السودان وبعض الدول وهذه لها دور كبير في بث الشائعات بين الشعوب وهنالك مراكز ومتخصصين للصناعات الشائعات المنظمة فبث الشائعات وصناعتها واخراجها أصبح تخصصا كبيرا وهنالك جزء من الشائعة صحيح والبقية مفبرك ولكن ما يحوم في السودان الآن شائعات وليس اخبارا صحيحة خاصة ماينشر في المواقع الإلكترونية لأنه لا يوجد قانون رادع حتى الآن.

قانون الشائعات

لقد حاول كل من ألبورت وبوستمان أن يضعا قانوناً أساسياً للشائعة في شكل معادلة جبرية، ووصلا إلى أنه من الممكن وضع معادلة عن شدة الشائعة كالآتي:

شدة الشائعة= الأهمية + الغموض

ويعتبر الممل والخمول ميدانا خصبا لصناعة الشائعات وترويجها والشائعات الهجومية المسمومة من يقومن بترويجها هم أعداء الوطن ولعنا نذكر شائعة الحمى النزفية التي أعادت صادر الماشية من الموانئ ورغم الخسائر التي مني بها إقتصادنا وقتها إلا أن البعض نظر للنصف المليان من الكباية فاسمتعوا في عيد الأضحى بلحوم نظيفة ورخيصة .

نقلا عن الانتباهة

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى