محمد عثمان الشيخ النبوي يكتب:.. بهدوء وتدبر..ما هكذا يا شيخنا الكريم !! نلبس السروال أولا !!

محمد عثمان الشيخ النبوي يكتب:.. بهدوء وتدبر..ما هكذا يا شيخنا الكريم !! نلبس السروال أولا !!
عجبت من الرد الذي علق به أحد كرام الناس على مقالى المنشور في الصحف في هذه الزاوية (لو كنت مكانك سيادة رئيس الوزراء .
أبدا بالركنين الأعظمين ولا خيار ) الذي دعوت فيه أن يبدأ رئيس الوزراء بالتحرير المطلق للإقتصاد وإقامة منظومة التحول الرقمي الشامل ورقمنة وأتمة الدولة كأداة ووسيلة لأصلاح أداء الدولة ومعالجة عللها التي عطلت مسيرة النهضة في بلادنا طيلة السبعين سنة الماضية .
وقد جاء رده يقول :
(كلام جميل لكن للاسف سابق لزمانه الظاهر اخونا محمد عثمان ماقاعد في البلد عشان يشوف الحاصل..
مقترح او موجهات الاخ عثمان تصلح لدولة مؤسسة اصلا وقواعدها ثابتة..
اما الوضع الان في السودان لايصلح للحديث عن الاقتصاد ولايمكن لدولة ان تبني اقتصادها في ظل حرب كما قال العالم الاقتصادي عبد الرحيم حمدي من قبل والرضاء بقبول ايقاف الحرب في الجنوب حتى لو ادي للفصل وخروج البترول…
الوضع في السودان الان هو الاسوا على مر التاريخ خليك من العملة الصعبة والحوكمة الرقمية الدولة الان تفتقر لابسط قواعد الرقمية تروح تشتري طماطم وتفتح بنكك وتنتظر الشبكة والتطبيق فتح ولا مافتح امس والله الا بتاع الخضار جاب لي كورسي قال لي اقعد ياحاج.. وين نحن من كلامك دا يا شيخ عثمان؟..
المطلوب الان من الحكومة الحالية وهي حكومة طواري وحكومة حرب وحكومة مرحلية اولا تسعى لايقاف الحرب باسرع فرصة سواءا بالتفاوض وهذا مرفوض عند الكثير او بتوفير امكانيات القضاء على التمرد نهائيا ثم دمج الاف الحركات المسلحة في جيش قومي واحد ثم العمل على اعادة الاعمار وما دمرته الحرق واعادة اعمار البني التحتية من كهرباء وماء وصرف صحي واعادة
تاسيس العاصمة بصورة حضارية بالتوسع الراسي وازالة السكن العشوائي واعادة النازحين والتاسيس لانتخابات لتكوين حكومة منتخبة ببرلمان يؤسس دستور دايم للبلد وبعديييين نجي لي مقترحينك ديل من تحرير تام للاقتصاد ثم الحوكمة والرقمية التي تحتاج الى قاعدة بيانات عالية وسيرفرات ضخمة
مابنلبس العمة والشال قبل السروال والجلابية 😂 ) انتهى
ورده هذا الذي جاء ضمن تفاعلات وردود كثيرة تعكس حرصًا صادقًا على وطنٍ أثقلته الجراح، وواقعًا أليمًا يراه كل ذي عين.
وأقول للكاتب الكريم أنني أختلف معكم اختلافًا جذريًا في قراءة الأولويات، وطرائق المعالجات.
صحيح أن السودان الآن في أسوأ مراحله، لكن من الخطأ الجسيم أن نربط الإصلاح بما بعد انتهاء الحرب، وكأن الحرب عائق عن العمل أو أن الدولة تُبنى فقط في أوقات الهدوء.
التاريخ والتجارب تقول بعكس ذلك تمامًا، إذ إن الدول التي نفضت عنها غبار الحرب وولدت من العدم، بدأت بالإصلاح الجذري حتى وهي تنزف وأنظر ألى ألمانيا واليابان اللتان دكتهما الحرب العالمية الثانية تماما وقضت على كل شيء بما في ذلك الرجال بدأتا بالإصلاح الشامل فإذا بهما بعد عشر سنوات قد بلغتا التعافي وأصبحتا بعد عشر سنوات أخرى من أقوى القوى الاقتصادية في العالم .
هل ننتظر حتى تُقفل الجراح ثم نبدأ التفكير؟ وهل ستندمل وتنقضي وتزول إلا بمثل ما طرحنا من رؤية؟ فهاتان الكيزتان هما الأداة والوسيلة للإصلاح . فكيف نعالج مشكلاتنا إن عطلنا هذه الأداة والوسيلة ؟!!
لا يا أخي… بل نبدأ بالعقل والرؤية وسط الحرب، لأن الانتظار هو بذاته تعميق للفشل والخراب.
بل إن ما طرحته في مقالي ودعوتي لرئيس الوزراء هو وسيلة لإيقاف الحرب من جذورها عبر تحويل المسار السياسي والاقتصادي بالكامل، وتفكيك البنية التي تسمح للحرب أن تتغذى عليها.
أما القول بأن المقترحات تصلح لدولة “مؤسسة أصلًا”، فأقول: إذًا كيف نؤسس الدولة أصلا هل نظل في الانتظار حتى “تؤسسها لنا الصدفة”؟
إنّ أهم دور للنخبة الواعية اليوم هو أن تُفكر وتطرح رؤى تأسيسية جريئة للإصلاح والخروج من الجُب، وإن كنا في الرمق الأخير من الاحتضار.
أما عن الحوكمة الرقمية (Digital Governance) والرقمنة (Digitization) وأتمتة الدولة (State Automation) والذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، فهي ليست كماليات، بل أدوات عاجلة
للنجاة، وقد بدأت دول أفريقية من تحت الصفر، مثل رواندا، استخدامها في أحلك الأوقات ونجحت ايما نجاح.
أخي العزيز، ما دعونا إليه ليس لبس العمامة ولا الشال، بل هو السروال بعينه فنحن مجردون تماما عن المحيط والمخيط. ناهيك عن الجلابية فالجلابية تأتي لاحقًا بإذن الله، ويعقبها العمامة والشال وما شئتم من بعد.
المقال دعوة للنجاة السريعة، وليس للترف ، وهو يوجه رسائل مدروسة لرئيس الوزراء والنخب الفاعلة بأن لا يستسلموا لضيق اللحظة، بل يتسلحوا برؤية مؤسِّسة تشرع في بناء اللبنات، ولو وسط الركام.
فمن لم يزرع اليوم لأنه يرى الأرض محروقة، لن يجد غدًا ما يحصده إن خمدت النيران.
ولا تنسَ أن ما ذهبنا إليه ركيزتان: أولاهما لا تتطلب إلا كلمات وورقة وقطرة حبر، والثانية تحتاج شيئًا من التمويل اليسير قياسًا على ميزانية دولة، وإن كانت صغيرة كرواندا، ناهيك عن السودان.
ولا يُطلب أن نبلغ قمة الكمال منذ البدء، إنما المطلوب أن نصعد بخطى واثقة من السوء إلى الحسن، ومن الحسن إلى الأحسن، حتى نبلغ الرشد بإذن الله.
“وأود أن أوضح، رغم أنني لست ممن يتعقبون الردود المطولة عادةً، فإن هذا الموضوع بالذات يمثل هاجسي القديم، وهمي الفكري والوطني منذ عقود. وقد كتبتُ عنه
في الصحف حتى في بدايات التسعينيات في عهد الإنقاذ، تحت عنوان (وماذا لو أطلقتم الهرة؟)، لأني كنت وما زلت أراه العائق الأكبر أمام نهضة السودان، بل المفتاح المعطل الذي إن فُتح تحركت عجلات التنمية من عقالها.”
وختامًا، إن أصبنا فمن الله تعالى، وإن أخطأنا فمن أنفسنا والشيطان.
وللجميع كل تقدير وود.
محمد عثمان الشيخ النبوي