
سفارة السودان بجيبوتي تعقد “تنويرًا” للبعثات حول تطورات الحرب..(ميدان الدبلـــــوماسية).. المعركة مستمرة
تقرير: محمد جمال قندول
استمرارا لنهج الدولة فى تعريف العالم أجمع بانتهاكات ميليشيات آل دقلو الإرهابية وضمن الجهود الدبلوماسية، عقدت السفارة السودانية بجيبوتي أمس الأول (الخميس) لقاءًا تنويريًا للبعثات الدبلوماسية عن تطورات
الحرب في السودان، حيث استعرضت شكل المخطط الذي كانت تأمل في تحقيقه قوات الميليشيا بدفعٍ ودعمٍ خارجي، كما عرض اللقاء الموقف العسكري الميداني وانتهاكات ميليشيا الدعم السريع وما ارتكبته من فظائع وإفرازات سالبة.
أجندة خارجية
وقال السفير محمد سعيد حسن إنّ التمرد البغيض لميليشيا الدعم السريع في أبريل 23، هو أكبر تحدٍ تمر به البلاد منذ الاستقلال بما انطوى عليها من تهديد لوجود الدولة السودانية والسعي في تفتيت وحدتها خضوعًا لأجندة خارجية، مشيرًا خلال كلمته إلى أن تغيير هوية الدولة وعمل إحلال سكاني، بجانب التدمير الممنهج لمراكز الإنتاج والمراكز الخدمية الأساسية، والاستعانة بالمرتزقة والمجرمين من أفريقيا وخارجها برزت كأحد أهداف الميليشيا.
كما أبان السفير أن هذه الحرب ما كان لها أن تستمر حتى الآن لولا التدخل الخارجي المخرب والذي وفر الإمداد المادي والعسكري من أسلحة ومعدات، لهذا قدم السودان شكواه ضد الإمارات أولًا أمام مجلس الأمن، ومن ثمّ لدى محكمة العدل الدولية.
بدوره، تحدث الملحق العسكري اللواء ركن علاء الدين عبد الله عن الخطة التي قامت بتنفيذها القوات المسلحة والتي لم تتعجل حتى تكتمل أركانها وتحافظ بقدر الإمكان على تقليل الخسائر البشرية. كما استعرض الوضع العسكري عقب انتقال الجيش وقواته المساندة من خانة الدفاع إلى خانة الهجوم التي أحرزت نتائج كبيرة وخسائر مقدرة في صفوف العدو.
وأوضح أن ميليشيا التمرد برغم ما تطلقه من شائعات إلّا أن الواقع الميداني يكذب ادعاءاتهم والشاهد هو عملية الانحسار الملحوظ والانتقال من خانة مهاجمة المواقع العسكرية إلى مربع الهجوم على القرى الآمنة.
وبخصوص محاصرة الفاشر، فقد أشار سيادته إلى أن قوات الفرقة السادسة مشاة كل يوم تحرز نتائجًا طيبةً وتكبد العدو خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وأن الحصار الذي تمارسه الميليشيا لا يقع ضرره على القوات المسلحة المتواجدة هناك بل المتضرر الأول والأخير هو المواطن.
وأكد أن القوات المسلحة وهي تمتلك زمام المبادرة، أعدت عدتها للفاشر وعموم دارفور، والنتائج المتوقعة سترضي عموم أهل السودان وأهل دارفور على وجه الخصوص.
فيما طاف المستشار الفني بالسفارة عمر عصام بالحضور حول إفرازات حرب الميليشيا وانتهاكاتها ومخاطر ذلك على الإقليم ما لم يتم تداركها. وأبان أن الميليشيا تسلمت أسلحة تفوق حاجتها وتسرب كثيرها إلى الأسواق ليقع في أيدي التنظيمات الإرهابية.
وذكر عصام أن التمرد قام بإطلاق أكثر من 19000 سجينٍ من بينهم إرهابيون ومن ينتمون لتنظيم داعش، موضحًا أن الإرهاب عادة يلجأ للمناطق ذات السيولة الأمنية.
وأكد أن المخابرات السودانية وبتعاونها مع الأجهزة الصديقة والشقيقة ظلت تعمل وفق منهج مهني رفيع للحد من إبطال وكشف تحركات التنظيمات والمجموعات الإرهابية كما تطرق لأنشطة المرتزقة المستجلبة من غرب أفريقيا على أساس “إثنيٍ” ومن خارجها من قبل ميليشيا الدعم السريع، وبعضهم عناصر تنظيمات إرهابية، لافتًا أن ما تم من عمليات إرهاب وقتل واغتصاب وسرقات ممنهجة وتخريب طال معظم البنى التحتية والممتلكات الخاصة والعامة.
نقلة نوعية
وفي سؤالنا للصحفي والمحلل السياسي د. إبراهيم شقلاوي حول اللقاء التنويري الذي نظمته السفارة السودانية بجيبوتي قال: إنّ ما ذكره السفير محمد سعيد حسن، وما أشار إليه الملحق العسكري اللواء ركن علاء الدين عبد الله، يعد – في تقديري – مجهودًا طيبًا يحسب لصالح المعركة الدبلوماسية التي تخوضها وزارة الخارجية السودانية في كافة المنابر الإقليمية والدولية. كما أنه تجسيدًا واضحًا لطبيعة المعركة التي يخوضها السودان اليوم، ليس فقط على المستوى العسكري، بل على صعيد الدفاع عن بقاء الدولة وهويتها واستقلال قرارها الوطني.
وأضاف شقلاوي أن اللقاء التنويري يمثل نقلة نوعية في الأداء الدبلوماسي السوداني لأنه نجح في نقل حقيقة ما يجري على الأرض إلى المجتمع الدولي، وفضح أدوار الأطراف الخارجية التي تسعى لزعزعة استقرار السودان.
وأكد شقلاوي أن حديث السفير وضع النقاط على الحروف بشأن المشروع التخريبي الذي تتبناه ميليشيا الدعم السريع، بدءًا من عمليات الإحلال السكاني والتدمير الممنهج للخدمات، وصولًا إلى الاستعانة بمرتزقة ومجرمين، في محاولة لفرض واقع جديد بالقوة، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يتقاطع مع أجندات خارجية لا تريد للسودان أن يستقر، كما أنها طامعة في ثرواته.
وأشار إلى أن الخطة التي أدار بها الجيش المعركة تُظهر درجة عالية من الانضباط والاستراتيجية، حيث انتقل من الدفاع إلى الهجوم بحسابات دقيقة لتقليل الخسائر البشرية، وهو ما يؤكد على أن القوات المسلحة السودانية تخوض معركتها بخبرة راسخة ومسؤولية منضبطة رغم حجم التحديات وضراوة العدوان.
وأضاف شقلاوي أن ما تم الكشف عنه بشأن إطلاق آلاف السجناء وتسرب الأسلحة إلى التنظيمات المتطرفة، يجب أن يدق ناقوس الخطر إقليميًا ودوليًا لأن ذلك يهدد بتحول السودان إلى بؤرة تحتشد بالتحديات العابرة للحدود في ظل تواطؤ بعض القوى الإقليمية والدولية.
كما شدد على أن ما يجري في الفاشر ومعسكر “زمزم” يمثل استهدافًا ممنهجًا للمكون غير العربي، في مشهد يعيد للأذهان جرائم الميليشيا في دارفور، مما يتطلب موقفًا دوليًا أكثر صرامة تجاه هذه الانتهاكات.
واختتم شقلاوي حديثه بالتأكيد على أن السودان يخوض معركة وجود لا تحتمل التردد، منبهًا إلى أن الصمت الدولي عن الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع هو تواطؤ صريح مع مشروع تفكيك الدولة وإشعال الفوضى في المنطقة.
كما أن الاستجابة للسودان بتصنيف ميليشيا الدعم السريع منظمةً إرهابية بات أمرًا حتميًا لا يقبل التسويف أو التأجيل.
المصدر : صحيفة الكرامة