الركابي حسن يعقوب يكتب: مجموعة حمدوك.. وإدمان الفشل

الركابي حسن يعقوب يكتب: مجموعة حمدوك.. وإدمان الفشل
لا أعتقد أن هناك مجموعة سياسية في هذا العالم الفسيح لازمها الفشل ورافقتها الخيبة مثل مجموعة حمدوك، هذه المجموعة التي تجمعت حول حمدوك يوم أن وطئت قدماه ثرى هذا الوطن الطيب رئيساََ للوزراء بالتعيين لا بالانتخاب وقد أحسن السودانيون الظن فيه يومذاك
ورضوا أن يكون قائداََ مدنياََ للثورة المصنوعة التي نسجت خيوطها بليل بهيم أيادي الخيانة والعمالة والارتزاق
..
تجمعت هذه المجموعة الموسومة بالفشل والخيبة حول حمدوك بسرعة لا تضاهيها إلا سرعة تجمع الذباب حول مزعة من لحم تجيفت.
تسلمت هذه المجموعة زمام الأمور في البلاد شراكة مع الجيش بناءاََ على الوثيقة (الدستورية) الموقعة بين الجانبين وتبوأ عدد من عناصر هذه المجموعة مقاعد في أعلى هرم السلطة السيادية والتنفيذية بلا مؤهلات وبلا تفويض شعبي فعاثوا فساداََ ما شهد السودان له مثيلاََ في تاريخه.
فكان حصادهم حتى يوم 25 أكتوبر 2021، فوضى سياسية وتردي اقتصادي وانفلات أمني وفراغ عدلي وتدهور مريع في الخدمات وضيق شديد في معاش الناس وندرة حادة في احتياجاتهم الأساسية وتعطل متكرر في قطاع التعليم بمستوياته المختلفة.
ولم تجد هذه المجموعة مبرراََ لعجزها وفشلها الذي سارت بخبره الركبان سوى شماعة (الكيزان) لتعليق فشلهم وعجزهم وخواء عقولهم عليها.
زعموا أن كل هذا الركام من الفشل والخيبة يقف من ورائه (الكيزان)، ووصفوا (الخطوة التصحيحية) التي خطاها البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021،بعد أن ضاق بهم وبفسادهم وعمالتهم ذرعاََ، وصفوها بالانقلاب الكيزاني وأن الجيش ما يزال (مِلْك يمين) للكيزان.
ورغم عودة حمدوك إلى رئاسة الوزراء مرة أخرى بعد أقل من شهر، بعد الإطاحة به بالخطوة التصحيحية، إلا أنه وبعد أربعين يوماََ من عودته تقدم باستقالته في اعقاب فشله الذريع في القيام بمهام منصبه وغادر البلاد إلى حيث هو الآن.
ومن بعده واصلت مجموعته مسيرة فشلها وخيباتها واختارت التحالف مع ميليشيا الدعم السريع واتخاذها (خِدناََ) بعدما تبين لهذه المجموعة أنه لا حظ لها في الجماهير ولا مستقبل لها في حكم السودان عبر صناديق الإنتخابات.
فأتمت مراسم زيجتها بالميليشيا والدخول في السر، فكانت الثمرة مولوداََ سفاحاََ سُمي (الإتفاق الإطاري) وقدموه ليكون وريثاََ للعرش، واشترطوا أن يقبل به الجميع الجيش والشعب والقوى السياسية ويبصموا عليه بالعشرة، وإلا فالحرب هي البديل..
فأشعلوا الحرب ببندقية الميليشيا الإرهابية ليستولوا على السلطة وليدخلوا القصر الجمهوري حاكمين بالقوة بتاتشرات الميليشيا الإرهابية ويفرضوا نفوذهم بدانات الثنائي، وذخائر القرنوف والدوشكا وقد أعجبتهم كثرة عدة وعتاد الميليشيا وظنوا أنهم قادرين على قهر الجيش، فهم الذين ظلوا يرددون (معليش معليش ما عندنا جيش)..
ولكن كانت خيبتهم كبيرة وفشلهم ذريع حين تكسرت كل هذه القوة على وقع ضربات الجيش والقوات المساندة له ومصرع قيادات الميليشيا الواحد تلو الآخر وقد كان كبيرهم أول من تم (تحييده) في الأسبوع الأول من الحرب.
وفشل مخطط الاستيلاء على السلطة، وكان من الممكن لمجموعة حمدوك إن كان لها رشد وعقل أن تتدارك الأمر وتعمل على إقناع ذراعها الميليشي بالتراجع عن المغامرة البائسة وتنفيذ إتفاق جدة، ولكن لم تفعل بل تمادت في توسيع عدوانها وانتهاكاتها ضد المواطنين.. وبررت إحتلال منازل المواطنين والأعيان المدنية ووصفتها ب (المناطق المحررة)..
وسدرت مجموعة حمدوك في غيها وهي تقول أن الحرب التي تشنها الميليشيا الحليفة لها هي من أجل القضاء على دولة 56، وهكذا وضعت هذه المجموعة بغبائها نفسها في مواجهة مفتوحة مع الشعب السوداني كله..
وأوزعت المجموعة الحمدوكية المسكونة بالغباء لذراعها العسكري بالتمدد وتوسيع عملياته العسكرية في مناطق جديدة في ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض وارتكاب مجازر مروعة في حق المواطنين الأبرياء وكان الهدف من ذلك حسب نظرية هذه المجموعة هو استثارة المجتمع الدولي للتدخل من أجل حماية المدنيين..!!
ولكن ارتد هذا الهدف على المجموعة والميليشيا، فقد أدانت العديد من الجهات الدولية والمنظمات الأممية الإنتهاكات التي ارتكبتها الميليشيا الإرهابية ووضع عدد من قادتها البارزين في قوائم المطلوبين للعدالة وفرضت عليهم العقوبات وتم تجاهل الدعوات المتكررة لمجموعة حمدوك بالتدخل الدولي لحماية المدنيين، كما ارتد سهم
هذا الهدف وتمثل في ذلك الالتفاف الكبير لجماهير الشعب السوداني حول الجيش والقوات المساندة له والتدافع الكبير لحمل السلاح وتشكيل كتائب المقاومة الشعبية والاستتفار الواسع في أوساط الأهالي، مما كانت نتيجته إلحاق الهزيمة بالميليشيا وإخراجها عنوة واقتداراََ من هذه المناطق بالإضافة إلى تحرير أكثر من 95٪ من العاصمة الخرطوم.
وأخيراََ وضمن سلسلة حلقات الفشل والخيبة التي صاحبت مسيرة مجموعة حمدوك، وكانت الورقة الأخيرة بالنسبة لمحاولات هذه المجموعة ومن يقف خلفها لكسب الرهان هي حلقة إنشاء حكومة موازية في مناطق سيطرة الميليشيا الإرهابية وهو ما يعني تحديداََ إقليم
دارفور ، وبالتالي الإتجاه نحو فصل الإقليم، وكان هذا الهدف أكبر حلقات الفشل والخيبة والغباء السياسي وأظهر بجلاء ضحالة التفكير وبؤس التخطيط السياسي لهذه المجموعة وسطحية إلمامها بواقع السياسة الدولية عموماً، والوضع الإقليمي خصوصاََ..
فالإتجاه نحو الأخذ بخيار الحكومة الموازية في ظل اعتراف دولي كامل الدسم بالحكومة الحالية في السودان برئاسة البرهان، هو إتجاه خاطئ تعوزه الحصافة السياسية ولم يأخذ في الحسبان القانون الدولي والمواثيق والأعراف الدولية وقفز فوق واقع وجود
مؤسسات إقليمية محترمة لها مواثيقها الراسخة وشروط عضويتها، كما تجاهل هذا الإتجاه الأوضاع السائدة في دول الجوار العربي والأفريقي للسودان وما يمكن أن يمثله إنشاء حكومة موازية للحكومة السودانية من تهديد للأمن القومي للعديد من هذه الدول.
لذلك أتت ردود الأفعال من هذه الدول سريعة وواضحة بالرفض القاطع الصريح لحكومة موازية، وكانت الصفعة الكبرى التي تلقتها مجموعة حمدوك تلك التي جاءت من الإدارة الأمريكية التي رفضت هي الأخرى الفكرة وذلك خلافاََ لما توقعته مجموعة حمدوك البائسة التي كانت تظن أن فكرتها ستجد تأييداََ واسع النطاق متوجاََ بتأييد من البيت الأبيض..
وهكذا أوردت مجموعة حمدوك بغبائها نفسها وخِدنها العسكري موارد الهلاك والفشل وبئس الوِرد المورود..
ومن غرائب وعجائب الغباء الحمدوكي أنهم يريدون الإعلان عن حكومة موازية في مناطق سيطرة الميليشيا في الوقت الذي تقاسي فيه هذه الميليشيا وطأة الهزائم وهي في وضع (الهروب) والتشتت والحصار والعجز التام عن الحفاظ على الأراضي التي تحت سيطرتها، وعدم
قدرتها على اقتحام الفاشر مفتاحها لفرض سيطرتها على إقليم دارفور عقب ما يقرب من مائتي محاولة فاشلة.. وتقول كل القراءات حول الوضع الميداني للميليشيا أنها تشارف على الإنهيار التام في كل الجبهات..
إنه شراء الحبال قبل البقر..
إن حُلم مجموعة حمدوك وذيلها العسكري الميليشيا الإرهابية في تحقيق نصر في معركة الفاشر كعشم إبليس في الجنة، وعرس أبو الدردوق للقمرا..
وإن كان في قوم حمدوك وآل دقلو رجل رشيد، فليخبرهم أنه ليس أمامهم إلا أحد خيارين لا ثالث لهما، فإما الاستسلام وإنقاذ ما بقي من شتاتهم، وإما خوض معركة أخيرة خاسرة بكل المقاييس..