مني ابوزيد تكتب: ..هناك فرق … أسماء بنت عميس هل مَرّت على الفقيه الدكتور..!

مني ابوزيد تكتب:..هناك فرق .. أسماء بنت عميس هل مَرّت على الفقيه الدكتور..!
“الحكم نتيجة الحكمة والعلم نتيجة المعرفة، فمن لا حكمة له لا حكم له، ومن لا معرفة له لا علم له” .. محي الدين بن عربي ..!
إن أحب أحوالنا إلى الله ما كان على وجه السداد والتيسير، دونما تكلف أو اجتهاد أو تعسير، ولعل في الدرس الرباني العظيم المتمثل في زواج سيد الرجال
والخلق أجمعين من أرامل ومطلقات كانوا نساء لرجال قبله – ماعدا السيدة عائشة – عبرة لبعض المتنطعين، ومواساة لبعض المستضعفات، وصفعة لغرور الأدعياء من الرجال..!
قرأت مقالاً كارثياً ومقززاً للدكتور الوليد مادبو – الحافظ لكتاب الله بإجازة من الحرم المكي الشريف، والحائز على شهادة دكتوراه في الحوكمة من إحدى جامعات العالم
الأول – يُعَرِّض فيه بسيرة سيدة سودانية، محصنة غافلة، وسفيرة مرموقة، فيسقط عبره سقوطاً داوياً – وقد كثرت سقطات الوليد – بوازع من أحقاده المناطقية ومواجده السياسية..!
قرأت الكثير من الهراء الموشى بشرائط ملونة من الحُمق، فلم أجد فيه لا حكمة الحوكمة ولا نور القرآن، بل وجدت عبارات دنيئة بأوصاف وضيعة، لم تصمد طويلًا تحت رداء التذاكي البلاغي..!
وجدتُ مقالاً أراد صاحبه أن يبدو فيه ناقداً اجتماعياً فانتهى به الأمر محقّراً ومحتقراً، راسماً على جسد امرأة مسلمة خارطة عبور سلطوي، متجاهلًا أن له أم وشقيقات وزوجة وبنات يفتح بإرادته الحرة بابا للتعريض بهن بتطاوله على امرأة مثلهن..!
تذكّرت وأنا أقرأ ذلك المقال الوصمة سيرة الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس، التي لم تحرمها كثرة الزيجات من شرف الصحبة، ولا من رواية الحديث، ولا من حمل لقب “مهاجرة الهجرتين، مصلية القبلتين” ..!
أسماء، التي اختارها ثلاثة من أعظم صحابة الإسلام المبشرين بالجنة، جعفر الطيار، ثم أبو بكر الصدّيق، ثم علي بن أبي طالب، دون أن تُمسّ مكانتها، أو يُقال فيها ما يعيب سيرتها الطاهرة..!
تُرى، لو سئل الدكتور الوليد عن سيرة أسماء بنت عميس، هل كان سيكتب عنها كما كتب عن سيدة سودانية مسلمة؟. هل كان سيقول إن “دولة الخلافة الراشدة قد
تداولت عليها كما تداولت الملفات”، أم أن قربها من دار النبوة يمنحها حصانة لا تمنح للمسلمات في هذا الزمان..!
المفارقة أن كل هذا العيب قد صدر عن رجل يحفظ كلام الله عن ظهر قلب، ويحمل شهادة حوكمة تُدرس كيف تُصان الكرامات وتُصاغ السياسات. كيف لمن يحفظ القرآن
الكريم ويخطب في المساجد أن ينسى أن خديجة كانت تاجرة، وأن زينب كانت مطلقة، وأن أم سلمة كانت أرملة، وأن سودة كانت مسنة، وأن الله قد اختارهن زوجاتٍ لخاتم النبيين..!
ولو أراد العدل، ولزم المنطق لذكّرنا بأن النساء أيضاً يخيّرن، ويقبلن، ويرفضن، ولا يدخلن كل قصر يُعرض عليهن. بل إن بعضهن – حين يُخيّرن – يرفعن رؤوسهن ويقلن لا، لأنهن حرائر كريمات. ثم ما الذي يُعيب المرأة إن تزوّجت رجالًا في مواقع سلطة..!
ما كتبته يا دكتور ليس اجتهاداً تأويلياً، بل فخٌ أخلاقي سقطتَ فيه وأنت تتظارف وتبتسم، تموّه الإهانة وتُغلّفها بسكر البيان،لكن تغليف التجني بالسكر لن يعفيك من مسائلة القانون ولا من عقاب الله يوم تجتمع الخصوم..!
السيدة السفيرة أميرة قرناص ليست بحاجة للدفاع عنها، تكفيها سيرتها المهنية المضيئة ويكفيها شرفاً تكأكؤ أعيان الرجال لنيل حظوة الزواج منها، ولو لم تكن امرأة استثنائية لما جاءها علية القوم خاطبين..!
لكن ما نحتاجه حقاً هو أن نوقف هذا المسلسل الطويل من جلد النساء كلما تزوجن، أو طلقن، أو أنجزن، أو تقدمن، أو برزن في مواقع لا تناسب رغبات حُرَّاس المجتمع الذكوري..!
يا حافظ الكتاب وخطيب المساجد، يا دكتور الحوكمة، لن يقيمك الناس بالحصول على شهاداتك بل سيحاسبونك على كيفية توظيفك لها، ولن تنجو بحفظك القرآن من
غضب المولى عليك عندما تحمله كما تُحمَل الأسفار، لأن الله لا يحب أن يُتخذ اسمه ذريعة لتحقير عباده، ولا أن يقف التَفقُّه في دينه شاهداً على ميتة القلب وسواد الطوية!.
صحيفة الكرامة
munaabuzaid2@gmail.com