مقالات

محمد احمد مبروك يكتب : دي هدنة شنو

سطور ملونة

محمد احمد مبروك يكتب : دي هدنة شنو

 

هل تعني الهدنة إلغاء الدولة وتعطيل عملها ؟
وهل تعني الهدنة أن المتمردين كيان مواز مساو للدولة ؟..
وهل تعني الهدنة شرعية بقاء المتمردين حيث يريدون ، ويعملون أعمالا هي من صميم صلاحيات الدولة من شرطة وجيش ؟
وهل تعني الهدنة السماح للمتمردين باستمرار إحتلال (بيوت أسر) نعم بيوت مواطنين ، بعد طردهم منها ، ونهب محتوياتها وتخريبها ؟

 

وهل تعني الهدنة السماح للمتمردين بكسر المحلات التجارية ونهب الاسواق وحرقها ؟
وهل تعني الهدنة استمرار نشر قوات المتمردين وسط الأحياء ، وتشكيل خطر على حياة المواطنين لمجرد وجودها بينهم ككتل من الذخائر والمتفجرات وسط البيوت ؟

وهل تعني الهدنة استمرار وقف إمداد المتاجر والأسواق والصيدليات بما يحتاجه الناس ؟
وهل تعني الهدنة استمرار تعطيل البنوك التي أصبحت الحياة لا تدور بدونها ، واستمرار اغلاق محطات الوقود بما يعني شل حركة الناس مهما كانت الضرورة ؟

كل هذا وغيره من عشرات الأسئلة نترك لك طرحها عن خدمات العلاج ، ونقل القمامة ، واصحاح البيئة، والتعليم ، والشعور بالأمان وغير ذلك .

يكون الفهم غير صحيح للهدنة في حالنا الٱن إذا كان النظر إليها انها بين كيانين تتساوى فيها الحقوق بينهما . فإذا كانت الحرب بين دولتين ذواتي سيادة واقيمت بينهما هدنة يصح أن تنطبق عليهما شروط متساوية . لكن التوصيف الصحيح في حالتنا يقول أن هناك دولة ، وتمرد

كيان عسكري يتبع قانونا لجيشها ، وخرق كل قوانين هذا الجيش في التسليح والتحرك . ثم أعلن الاستيلاء على السلطة وانه سينزع رأس الدولة وقائد الجيش ويحاكمهم . واحتل المطارات وقصر الرئاسة ووحدات من الجيش والاذاعة . وعاث فسادا في كل مكان في المنشٱت العامة والملكيات الخاصة ، وعطل الحياة بمعنى الكلمة .

التوصيف الصحيح يقول أن الجيش شرع في تنفيذ واجبه الأساسي بوقف كل ذلك وردع المتمردين . وبعد أن كسر شوكتهم صرخوا …. هدنة ….. هدنة …. وصرخ محرضوهم ومخططوا المؤامرة من الخارج وعملاؤهم في الداخل … هدنة … أوقفوا الحرب !!!!

عجبا والله عجبا لما يطلبون .. وعجبا عجابا لمن بستجيبون لهم ..
التوصيف الصحيح يقول إن الدولة وجيشها يجب أن لا يوقفوا إنهاء التمرد وتصحيح الوضع الشائه المقبوح هذا ..
ويجب قبل الحديث عن هدنة إزالة تعديات المتمردين على مرافق الدولة ، وعلى الملكيات الخاصة ، والالتزام بالأنتشار وفق الضوابط التي يحددها الجيش ، وعدم السماح بتواجدهم في مكان دون إذنه .

والهدنة حتى الصحيحة التي تكون بين دولتين يجب ان تكون محددة الأهداف محدودة الزمن . كالسماح بتنفيذ الأعمال الإنسانية وتيسير معاش الناس وإجلاء الأجانب وغيره .

اما هدنتنا فإنها لا تحقق أيا من هذه الأغراض . ولا تحقق سوى أن يلتقط المتمردون أنفاسهم ، ويحركوا قواتهم ، ويتمكنوا من المزيد من إحكام السيطرة عل مواقع تمركزهم ، ويكسبوا وقتا يمكن الدعم الخارجي من

الوصول إليهم .. وفي نفس الوقت يطيل أمد معاناة سكان الخرطوم ، ويستنفد مواردهم ، ويعطل عملهم ومسيرة حياتهم .

 

لكن الأهم من ذلك عدم قبول كلمة الهدنة من حيث المبدأ . والصحيح هو أن الدولة يمكن أن تعلن وقف الأعمال العسكرية .. لكن فقط بعد إزالة تعديات المتمردين على المرافق العامة والملكيات الخاصة وليس قبل ذلك .. وبعد إزالة وجودها من ارتكازات في الشوارع تستجوب الناس

وتفتشهم .. وبعد إعادة المنهوبات العامة والخاصة .
وأهم منه أن يكون قرار الدولة بوقف الأعمال العسكرية لهدف واحد معلن .. هدف واحد فقط .. هدف واحد لا ثاني له وهو إتاحة الفرصة للراغبين في الإستسلام من تسليم أنفسهم وسلاحهم للجيش في مدة محددة غير قابلة للتجديد ..

 

أما الهدنة الٱن فهي أشبه ما تكون بثعبان شديد السمية يمشي تحت غطاء من القش هو الهدنة .. السم الزعاف يملأ انيابه وهو يزحف مستهدفا فريسة وضعت العصا !!

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى