الأخبارالعالمية

عملية إعادة ترميم الثدي بعد جراحات استئصال السرطان

شيماء عبد الله

عملية إعادة ترميم الثدي بعد جراحات استئصال السرطان

 

في رحلة العلاج من سرطان الثدي، تتلخص أغلب الخيارات حول هدف واحد هو سلامة المريضة حتى لو أدى الأمر للاستئصال التام، تلك المرحلة التي تتغير فيها حياة الأنثى بصورة جذرية، وتتغير حتى نظرتها إلى ذاتها، للدرجة التي يمكن معها دخولها

في نوبات حزن واكتئاب لا تساعدها على تمام الشفاء من المرض الخبيث.

لكن يصبح الأمر مختلفا حين لا ينزع الأمل كليا، وتعرف المريضة التي ستخضع لاستئصال أحد ثدييها أو كليهما أن بإمكانها استعادة الشكل القديم للثدي، وأن شكل جسدها لن يتغير، ولن تفقد جزءا من أنوثتها، من خلال ما أطلق عليه الأطباء “عمليات الترميم”.

وبالنسبة للعديد من النساء اللائي يواجهن خيار استئصال الثدي، في مراحل عمرية مختلفة، فتحت عمليات ترميم الثدي بابا للأمل لاستعادة حياتهن كما كانت قبل الإصابة بالسرطان، لكن خيار الترميم ليس قرارا سهلا، بل يخضع للعديد من الحسابات والتقييمات التي يضعها الأطباء لحالة كل مريضة على حدة.

وفي العالم العربي لا تزال عمليات ترميم الثدي قليلة، بسبب المخاوف من أن السيليكون المستخدم في تلك العمليات قد يسبب إعادة انتشار للورم، علما أن الخوف من عودة الورم هو العامل الأكبر في التحديات التي تواجهها النساء.

الذكاء الاصطناعي.. غوغل تدخل في تشخيص سرطان الثدي
عمليات إعادة ترميم الثدي تعتمد على استخدام حشوات من السيليكون أو أنسجة من الجسم (غيتي)

في مجموعة تواصل خاصة بمريضات سرطان الثدي، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تقول كنوز (40 عاما) من المغرب “أنا رفضت العملية رفضا تاما، ولا أنصح بها لما قد تسببه من مشكلات، فمن الممكن أن يرفضها الجسم، أو يحدث انفجار بمكونات الترميم من السيليكون والتيتانيوم بسبب التعرض للحرارة”.

وأضافت “نصحني طبيبي الخاص بعدم إجرائها والاكتفاء بمشدات الصدر المخصصة لعمليات ما بعد الاستئصال لتوازن الشكل بصورة طبيعية”.

كثيرات مثل “كنوز” يتجنبن مسار عمليات إعادة ترميم الثدي، لكن قلة من السيدات يخضن التجربة، مثل ريما من الأردن التي أجرت عملية إعادة ترميم الثدي بعد عام من انتهاء علاجها الإشعاعي وفق تعليمات الأطباء، وتقول “كنت أعتقد أنه يمكن إجراؤها أثناء عملية الاستئصال، لكن اتضح أن كل حالة تختلف عن الأخرى”.

وإعادة ترميم الثدي بعد عمليات الاستئصال، ليست إجراء حديثا وفق الدكتور خالد الزهراني، أستاذ جراحات الثدي، فهو “إجراء جراحي منتشر بالخارج منذ سنوات طويلة، لكن في العالم العربي دائما ما يكون التوجه الأول هو إزالة الخطر، فيما ينظر للجانب التجميلي والصحة النفسية للمريضة بالكثير من الاستخفاف، لكن مؤخرا زاد الوعي بأهمية عمليات الترميم، لما تضفيه من سلام وهدوء على حياة المريضة الاجتماعية والزوجية”.

وتعتمد عمليات إعادة ترميم الثدي على استخدام حشوات من السيليكون أو أنسجة من الجسم ذاته.

ويتابع الزهراني في حديثه للجزيرة نت أن الترميم قد يتم أثناء جراحة الاستئصال، أو بعد انتهاء العلاج الإشعاعي والكيميائي للمريضة بشكل تام، أو بعد سنوات من الجراحة الأصلية.

وفي دراسة قام بها اتحاد أبحاث جامعة “ميتشغان” لمساعدة المريضات بسرطان الثدي على اتخاذ القرار وإطلاعهن على كافة المعلومات والمخاطر المرتبطة بكل خيار جراحي.

يقول الطبيب إدوين ويلكينز القائم على الدراسة “تخيلي أنك امرأة تواجه عملية استئصال الثدي بكل ما يصاحبها من ألم نفسي وجسدي، ثم يدخل جراح التجميل ويخبرها أنه يمكنها إعادة بناء شكل الثدي، وأن هناك 6 أو 7 خيارات مختلفة، فكيف ستختار؟”.

وفي الدراسة -التي اعتمد فيها ويلكينز على 2300 حالة في 11 مركز علاج للسرطان- تم تتبع معدلات المضاعفات والنتائج التي أبلغت عنها الحالات لمدة عامين أو أكثر بعد الجراحة لمقارنة التقنيات المختلفة في إعادة بناء الثدي.

وركزت الدراسة بشكل خاص على تقييم المخاطر والفوائد من وجهة نظر المريضة، بما في ذلك رضاها عن الثدي الجديد والأداء الاجتماعي، ونوعية الحياة وكذلك اختبار الألم.

وبناء على نتائج الدراسة يقول ويلكينز “إنه حتى مع وجود المطبات في الطريق، فإننا عادة ما نصل إلى ما نذهب إليه من خلال ترميم الثدي”.

والنتيجة الأهم التي يراها فريق ويلكينز أن ترميم الثدي قرار معقد كما هو الحال في أي قرار يتعلق بالصحة والحياة عموما، وعلى المريضة التحدث مع أطبائها بشأن اختيار الخيار الأفضل لهم والأقل تكلفة على المدى الطويل.

على المريضة التحدث مع أطبائها بشأن اختيار الخيار الأفضل لها والأقل تكلفة على المدى الطويل (غيتي)

مخاطر محتملة

يقسم المركز البريطاني لسرطان الثدي المشاكل المحتملة في إعادة ترميم الثدي، إلى مشاكل بعد الجراحة مباشرة، ومشاكل أخرى طويلة الأمد:

  • مشكلات بعد الجراحة مباشرة

  • جلطات الدم

بعد الجراحات تكثر نسبة التعرض للإصابة بجلطات الدم، سواء في الساقين أو الرئتين.

  • عدوى الجرح

والعدوى خطر في أي عملية جراحية، وإذا تمت الإصابة بها أثناء جراحة الترميم فالأمر يستلزم الراحة وتناول المضادات الحيوية على مدى أسبوع على الأقل، وإذا استمرت الإصابة بالعدوى بلا تحسن، فربما يحتاج الطبيب لإزالة شبكة الترميم، والانتظار لـ3 أشهر على الأقل قبل أي إجراء آخر.

  • وجود سوائل تحت الجرح

هذا أيضا عرض متكرر في أغلب الجراحات، وفي بعض الأحيان يختفي السائل من تلقاء نفسه، لكن إذا لم يحدث ذلك فعلى الجراح إزالته باستخدام حقنة صغيرة لسحب السائل، لكن إذا عاد مرة أخرى فهذا يستدعى إزالة شبكة الترميم واستبدالها بعد وقت.

  • فقدان الحساسية

سيكون الثدي المرمم أقل حساسية من نظيره السابق، وقد يتحسن الإحساس بمرور الوقت وقد لا يتحسن بالنسبة لبعض الأشخاص.

مشاكل طويلة الأمد

  • تصلب وتغير شكل الزرع

السيليكون آمن للزرع تماما، لكنه يظل غريبا على الجسم مما يجعل احتمال تكون غطاء ليفي حوله أمرا واردا بشكل كبير، وعلى مدى عدة سنوات يمكن للحشوة أن تتقلص، ويتغير شكله وحجمه، وهذا يستلزم إخراج الحشوة واستبدالها فورا.

  • الثديان غير المتكافئين

بمرور الوقت، قد لا يتطابق الثدي المرمم مع الثدي الآخر، وهذا في حالة فقدان الوزن أو تغير شكل الغرسة، وهنا يمكن إجراء جراحة للحصول على تطابق أفضل.

  • الحاجة لاستبدال حشوة السيليكون

قد تحتاج بعض الحشوات إلى الاستبدال بعد 10 إلى 15 عاما.

  • نوع نادر من سرطان الغدد الليمفاوية في الثدي

تصاب بعض السيدات اللائي يخضعن لترميم الثدي من خلال حشوات السيليكون بنوع نادر من سرطان الغدد الليمفاوية في الثدي، لكن هذا عرض نادر الحدوث، لذا لا بد من متابعة دورية للحشوات وإخبار الطبيب عن أي تكتل أو تغير في الثدي.

تكلفة عملية ترميم الثدي

ووفق الدكتور خالد الزهراني، فإن تلك الجراحات تُجرى في مصر وعدد من الدول العربية، وهي قد تتم أثناء الاستئصال أو بعد انتهاء العلاج بالأشعة، إذا كان بروتوكول علاج المريضة يقضي بالبدء فيه بعد الاستئصال.

وقد يتم بعد سنوات من الجراحة في حالة عدم تأقلم المريضة مع وضع جسدها بعد الاستئصال. وتقدر التكلفة من 60 إلى 80 ألف جنيه مصري (3 إلى 4 آلاف دولار أميركي)، وتختلف باختلاف أنواع الحشوات واستمراريتها.

وتقدر تكلفة العملية في دول أميركا وأوروبا بـ15 ألف دولار أميركي، وقد تصل إلى 37 ألف دولار أميركي في بعض الحالات.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى