مقالات

علي سلطان يكتب وترجل الفارس الدكتور السيد التلب

علي سلطان يكتب وترجل الفارس الدكتور السيد التلب

 

 

 

نعى الناعي من الدوحة قطر ..امس الاول الدكتور السيد السعيد بابكر التلب الذي وافاته المنية فجر الاحد الماضي.. وكان خبرا مزلزلا فاجعا وقع علينا كالصاعقة. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
لقد فقد السودان والامة الاسلامية رجلا عظيما لا نزكيه على الله.. رجلا رائدا ملهما ورجلا امة عرف كثيرٌ من المسلمين والناس بأعماله الجليلة التي عمت بلاد المسلمين وغيرها.. فقد كان داعية إسلاميا من طراز فريد ورجلا صالحا مباركا طيبا.
الدكتور السيد السعيد بابكر التلب من ابناء الطندب جنوب شندي واهله منتشرون في كل انحاء جنوب شندي وشمالها وشندي نفسها.. وفي الخرطوم وفي مناطق شتى حول العالم.. سافر الى الصين طالبا مبتعثا في عام 1974 درس اللغة الصينية والتحق بكلية الطب في جامعة بكين.. وعقب تخرجه انتقل الى هونغ كونغ حيث اقام هناك واسس مكتبا وشركة هناك.. وكانت تلك بدايته في نهاية السبعينيات وبداية ثمانينيات القرن العشرين المنصرم.. وبدا في وقت لم يكن العالم يعرف شيئا كثيرا عن الصين.. فقد كانت الصين في نظر العالم دولة شيوعية حمراء فاقع لونها.
تزوج الدكتور السيد في هونغ كونغ من سكرتيرته الصينية التي اسلمت على يده واختير لها اسم ايمان.. وانجبت له مجاهد ومنيب وابنته ميمنة.
وكان الدكتور السيد قد ادرك بحصافته مستقبل الصين العظيم الماثل أمامنا الان.. فبدأ يروج للصين في العالم العربي وفي افريقيا ويدعو لقبول الصين وفتح ابواب التعامل معها.. وكان كثير من الساسة العرب ينظرون الى الصين كدولة شيوعية لا يُفتح لها باب او شباك.. ولكن الدكتور السيد تمكن بذكائه من فتح الباب للصين من خلال التجارة والطب والاستثمار وخاصة الطب الصيني.
ونجح لاول مرة في اقامة معارض كبيرة في السعودية للسجاد الصيني وبعض المنتجات الصينية.. كما نجح في ادخال الطب الصيني كعلاج وادوية.. واسس لاول مرة مركز الخليج للطب الصيني في الامارات في امارة عجمان وفي أبوظبي في منتصف الثمانينات.. ونجحت الفكرة نجاحا كبيرا.. ثم عمم المشروع في عدد من دول الخليج مثل سلطنة عُمان وقطر.
وحين استقر به المقام قبل نحو عقدين في قطر اسس عددا من المراكز للعلاج والطب الصيني في الدوحة.. وماتزال هذه المراكز موجودة الى الان.
كما حرص على يكون للسودان علاقات متميزة مع الصين.. وتمكن من دعوة عدد من الزعماء واقطاب السودان الى الصين ومنهم الامام الراحل الصادق المهدي والدكتور الراحل حسن الترابي والراحل احمد الميرغني رحمهم الله أجمعي عبر بوابة هونغ كونغ.
وحين قامت الانقاذ حاول جاهدا ادخال الشركات الصينية( الام) المتخصصة في مجال البترول الى السودان.. سيما وانه كان من الداعين الى ان تتولى الصين ملفي استخراج البترول والزراعة في السودان.. وكانت لديه الكثيرة من الأفكار التي سبق بها عصره.
وكان الدكتور السيد سفيرا شعبيا للسودان في الصين.
واهتم كثيرا بامر المسلمين في الصين ونجح في ابتعاث عدد من ابنائهم للدراسة في الازهر والسعودية والسودان.. ونجح في أن يحظى عدد كبير منهم بالحج والعمرة بفضل علاقاته المتميزة.
كان الدكتور السيد اول اجنبي في الصين يحظى بفرصة للاستثمار في الصين وحصل علي رخصة لاقامة مصفاة للبترول في جنوب الصين.. واجتهد في أن يكون هذا الاستثمار عربيا.. واسس شراكة مع احد رجال الأعمال الإماراتيين لاقامة المصفاة.. رغم ان شركات عديدة يابانية وأمريكية سعت سعيا جادا لشراء حق الامتياز من الدكتور السيد ولكنه رفض عروضا بملايين الدولارات.. وقد كنتُ شاهدا على بعض تلك المفاوضات مع شركات يابانيةفي مكتبه في هونغ كونغ في اواخر الثمانينيات.. كما دعا المستثمرين العرب للاستثمار في مدينة شنيجين المجاورة لهونغ كونغ والتي كان أحد المهتمين بانشائها.. وانشئ فيها فندق ومطعم إسلامي.. وقد اصبحت شينغين التي شهدتُ معه بدايتها من قرية الى مدينة احد اهم مدن صناعة التكنولوجيا في الصين الان.. وكانت وقتها مدينة قونجوا او قوانزو او كانتون الحالية قرية وقتها.
اهتم السيد بمعرض كانتون الدولي الأشهر عالميا ودعا مئات السودانيين لزيارته.. وتوافد عدد كبير من رجال الاعمال السودانيين للمعرض الاشهر في العالم.
واقام في السودان عددا من المعارض الصينية المميزة وافتتح مراكز للطب الصيني وساهم في ابتعاث عدد كبيرا من ابناء السودان للدراسة في الصين.. وكان راعيا لعموم الطلبة السودانيين في الصين دون منٍ ولا اذى.. وله ايادٍ بيضاء على كثير من خلق الله من أجناس شتى فقد كان رجلا كريما بيته مفتوح للجميع.
اهتم بالعلاقات العربية والافريقية الصينية.. وعقد كثيرا من المؤتمرات والملتقيات.. وكان محل تقدير واحترام حيثما حل.. وكانت صحبته متعة لا تقدر بثمن.. فهو رجل فريد قل نظيره في عالمنا المعاصر.
كنت على وعد معه أن أكتب سيرته الذاتية وكما قال لي: من الطندب الى الصين الى الدوحة.
رحم الله الاخ الحبيب والصديق والقدوة والرائد الدكتور السيد التلب وغفر له واسكنه الجنة وفردوسها الاعلى.. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى