صلاح الدين عووضة يكتب : الكرباج!
صلاح الدين عووضة يكتب : الكرباج!
أو ثقافة الكرباج..
وهي ثقافة عربية؛ وثقافة العديد من دول العالم الثالث..
بينما الديمقراطية ثقافة غربية..
ولولاها لما عرف العالم وسيلة سلمية لتداول السلطة..
ومن إفرازاتها الحسنة احترام إنسانية الفرد..
والنأي عن كل ما يُمكن أن يسبب له عاهات نفسية… أو ذهنية… أو جسدية..
وجلد التلاميذ في المدارس يسبب ذلكم كله..
ولنحتكم إلى السجلات الشرطية… والنفسية… والتعليمية… للتأكُّد من ذلك..
بل لنحتكم إلى السجل الدراسي لكاتب هذه الأسطر نفسه..
فهو تولَّدت بداخله عُقدة من الرياضيات – سنين عددا – بسبب الجلد بالكرباج
منذ أولى ابتدائي؛ وحتى الصف الثالث بالثانوي العام..
وهناك فُكت عقدته بفضل أستاذ (متحضر) اسمه محمد حسن سالومة..
فهو كان ذا أسلوب تدريسي (راقٍ) بعيداً عن السوط..
وقفزت درجات صاحب هذه الزاوية – في الرياضيات – من القاع للقمة..
بل وكان ثاني اثنين نجحا في حل مسألة خارج المقرر..
ومن ثم صار الأعلى صوتاً في المُناداة بإسقاط عقوبة الجلد المدرسي..
وثقافة عدم الجلد الغربية أدت إلى نبوغٍ طلابي..
فالمدارس هناك هي الأحسن… والجامعات الأفضل… والبحوث الأجود..
ولذلك فالغرب يتقدّم على دول الكرباج بسنوات ضوئية..
بل إنّ ثقافة العُنف في التعليم والسياسة والتربية هي أحد أسباب تخلفنا..
فما بين ضاربٍ سادي ومضروبٍ منكسر يضيع المجتمع..
وبضياع المجتمع تضيع الدولة بأسرها؛ بما أن عماد حضارتها هو الإنسان..
الإنسان الذي كرّمه خالقه؛ وأوصى بإكرامه..
وتشير دراسات نفسية إلى أنّ الضاربين هم أنفسهم ضحايا هذه الثقافة..
فهم تلقّوا ضرباً أحدث شروخاً في نفسياتهم..
وتحت تأثير هذه الشروخ يضربون بدورهم كل من يجدون فرصة لضربه..
ضرب في المدارس… وأقسام الشرطة… وسوح السياسة..
وإسرائيل التي تتفوّق أكاديمياً على جميع دول العرب لا ثقافة جلد فيها..
هي لا تعرف ثقافة الكرباج..
لا في فصول الدراسة… ولا مخافر العدالة… ولا أجهزة السياسة..
أعني لا تعرف ثقافة توجيهه نحو الداخل… نحو الشعب..
ومن بين الجامعات الـ(500) الأفضل في العالم (64) إسرائيلية..
وفي مقابل (6) من حاملي نوبل العرب (13) من اليهود..
وما تنفقه دول العرب كلها على البحث العلمي تنفق ضعفه دويلة إسرائيل..
أكرر: (دويلة) إسرائيل..
ونظير (836) براءة اختراع عربية (16805) إسرائيلية..
وذلك حتى فترة إعداد هذه الدراسة..
رغم إن نسبة العلماء العرب إلى نظرائهم اليهود هي خمسة إلى واحد..
ولكنها كثرة مثل كثرة العرب مقارنة بإسرائيل..
ورغم ذلك تتفوّق إسرائيل على العرب في المجالات كافة؛ في كل شيء..
تتفوّق علمياً… واقتصادياً… وحضارياً… وعسكرياً..
فهي لها جيش يستطيع (كربجة) كل دول ثقافة الكرباج..
وما ذاك إلا لأن إنسانها تُكرم إنسانيته طوال مراحله العمرية..
منذ أن يلج المدرسة؛ وإلى أن يخرج منها للحياة..
فهو لا يُضرب أبداً..
وإن قُدر له أن يسمع بذاك الذي نُضرب به فمثل إصغائنا نحن لقصة الغول..
الكرباج!.
المصدر : الصيحة