مقالات

د.أيمن لطيف يكتب: … (سيـــداو)…الحلقة الرابعة

◾ *بالقلم الأسمـــر*◾

د.أيمن لطيف يكتب: … (سيـــداو)…الحلقة الرابعة

CEDAW•••
*إتفاقية الدمار الشامل*..
ظاهرها فيه الرحمة وباطنها كل العذاب

# *{٤ من ٥ }*…
*دس السُّم في الدســم*..
بنود المخالفة… قراءة وتمحيص
___________________

¶ *نفَّــــاج:*
# ‏”كان في ‎قرطبة 170 امرأة يكتُبن المصاحف بالخط الكوفي..بينما كانت في أوروبا لا يجوز لهن لمس الكتاب المسيحي “المُقدَّس”
#

◼️وحتى لانكون كمن يُطلق الكلام على عواهنه ويكتب من دون علم ويمتطي “الموجة” بغيرِ هُدى-
هانحن – وبعد ثلاثة مقالات سابقة عبر هذه السلسلة- نمضي اليوم وعلى مدى مقالين في “تفكيك” إتفاقية (سيداو) لنرى مكامن الخلاف ومباعث الإختلاف التي أدَّت لرفض الرافضين القاطع لإتفاقية (الدمار الشامل)..

◼️فنقول مبدءاً بأن كثير من الأهداف «المُعلنة» لسيداو “كفكرة” لاغُبار عليها وهي تتماهىٰ مع تعاليم الإسلام في المساواة بين البشر عامةً عرباً وعجم ، ذكراناً وإناثا..
الا أن الخلافات «الجوهرية» تظهر كلما أبحرنا وتمعنا في نصوص هذه الإتفاقية “اللقيطة”- و يتمثل الخلاف «الإستراتيجي» بين بنود ومقاصد هذه الإتفاقية والتشريعات والأحكام الإسلامية في شكل المساواة (المطلقة) التي تنادي بها (سيداو)- حيث تذيب الإتفاقية كل الفروق المنطقية والعقلانية والخلقية بين (الرجل والمرأة)- ما يمكن أن يقود مستقبلاً الى «كوارث إنسانية» وتغييرات إجتماعية غير حميدة سنأتي لتفصيلها في خِضَم هذا المقال والذي يليه؛؛*

◼️ولابد من التأكيد على حقيقة أن من يقرأ بنود (سيداو) بعينيه فقط – دون أن يُعمِل عقله ويُفسِّر الأحرُف ويفهم مقصود الكلمات، ويعِي مايترتَّب على كل ماورد فيها-
فإنه سيقع في ذلك “الفخ” الذي نُصِب على طريقة *(دس السُم في الدسِم)*؛؛

◼️وهنا حتى نكون عمليين-
وبعد أن منحنا هذه الإتفاقية ماتستحق من إشادة «مرهونة ببعض نصوصها وظاهر أهدافها وشعاراتها النبيلة»-
دعونا نسبر غورها؛ ونخوض في بحرها الملح الأجاج ؛ لنمُر على نشأة وميلاد هذه الإتفاقية؛
ثم نورِد أبرز مخالفاتها لأساسيات “الشرع” فيما يلي «حقوق و واجبات المرأة»..

◼️أولاً: اتفاقية ” سيداو “CEDAW تُسمى “إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”، وقد صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1979م، وتحتوي على (30) مادة،
وهذه الاتفاقية بشكلٍ إجمالي تحتشد بالأفكار الغربية التي تُريد أن تفرض نظرةً واحدةً للإنسان والكون والحياة، وهي النظرة الغربية التي لا تعترف بالقيم الدينية أو الخصوصيات الحضارية،

ماجعل العديد من الدول بما فيها دول (غير مُسلمة) تتحفظ عن المصادقة عليها وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي يرى “متديِّنوها” المسيحيون بأنها تقضي على شكل الأسرة المعروف وتخالف كثير من تعاليم ومعتقدات ديانتهم المسيحية؛؛

~حيث ترتكز إتفاقية (سيداو) على مبدأ المساواة المطلقة والتماثل التام بين المرأة والرجل في التشريع والقوانين وجميع مناحي الحياة دون النظر الى الفروقات بين “الجنسين” حتى من ناحية التكوين الأُسري- وهذا ما

أشرنا إليه في مقال سابق عند الحديث عن نظرية (الجندر) التي قامت على أساسها (سيداو)- حيث أباحت تلك النظرية تكوين إثني عشر نوع من الأُسر بما في ذلك أُسر الشذوذ الجنسي “رجل ورجل”؛ “إمرأة وإمرأة”؛

~وهذا ما أقرته (سيداو) بدعوتها نصَّاً – وليس تلميحاً- لتغيير (الأنماط الإجتماعية) والثقافية لدور الرجل والمرأة في الأسرة والمجتمع؛

◼️ *ثانيـاً:*
إتفاقية (سيداو) حفلت بكثير من المخالفاتٌ الصريحةٌ لنصوص الكتاب والسنة، وما قرَّره وأتفق عليه علماء الأمة على مدى القرون الماضية؛
وهذا الأمر لايمكن إستسهاله لدرجة الخنوع لهكذا إتفاقيات والقبول بالمصادقة عليها- دون حذف كل مايخالف «شريعتنا الإسلامية» منها؛؛

~ومن واقع القراءة المتأنية لبنود (سيداو) نخلص الى المواد المخالفة؛ والتي تتناقض «فهماً وعملاً» مع شرعنا المأخوذ من الكتاب والسنة:

*نبدأ بالمادة (1) التي نصت على: (التماثل والتطابق التام بين الرجل والمرأة وإلغاء الفروق بينهما)،
وفي ذلك مناقضة للفطرة الإنسانية، ومخالفة للحقائق الكونية، فالله سبحانه وتعالى خلق زوجين، الذكر

والأنثى، قال تعالى:{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} سورة النجم الآية 46، وقال تعالى:{فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} سورة القيامة الآية 39،
وقال تعالى: {ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} سورة الذاريات الآية 49؛؛

~وهذا التماثُل والتطابق التام بين المرأة والرجل- الذي تتبناه (سيداو) تترتب عليه أمور لايمكن القبول بها- شرعاً ولا عقلاً- وفيه ظلم بائن للمرأة نفسها-

وبه ما يُصادم الكثير من مطلوبات الشارع فيما يخص الحقوق والواجبات بين الرجل كـ”زوج” والمرأة كـ”زوجة”- ولعل تفاصيل ذلك تأتي أكثر وضوحاً عندما نتحدث عن المادة (١٦) في إتفاقية سيداو؛؛

◼️ المادة (2):
يمكن إعتبارها (كلمة السر ومفتاح الخطر الأعظم بمواد سيداو) حيث نصَّت على «إبطال كافة الأحكام الدينية وغيرها- من التشريعات التي تُميِّز بين الرجل والمرأة من قوانين الدول الموقعة عليها» ..

وهذا فيه مخالفةٌ صريحةٌ وواضحةٌ للشريعة الإسلامية،

حيث نصت الفقرة (و)- من المادة {٢} على (إتخاذ كافة التدابير اللازمة بما في ذلك “التشريع” لتعديل أو إلغاء الأنظمة والقوانين التي تتعارض مع الإتفاقية في مبدأ “المساواة المطلقة” وعدم التمييز بين الرجل والمرأة)؛؛*

ولعل “رفض” هذه الفقرة- التي تبدو في ظاهرها مطلباً “عادلاً” – “يحتاج” لتوفُّر الفهم السليم لمبدأ التمييز بين “الجنسين” في الشريعة الإسلامية-

لأن ذلك التمييز لم يقُم سوى على طبيعة الخلق – وهو بالتالي لايعني «مطلقاً» ظلم المرأة- كما ترى الإتفاقية حتى وإن لم تذكر ذلك نصاً- الا أن مدلولها بالمطالبة بتغيير «التشريعات» المخالفة لفهمها يُشير لذلك مباشرة- واللبيب لايحتاج لتفسير المُفسَّر؛؛

◼️ المادة (6):
والتي نصَّت على إتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لمكافحة جميع أشكال الإتجار بالمرأة و (إستغلال بِغاء المرأة)*؛؛

وهنا لانَمَل من التأكيد على أن بنود إتفاقية (سيداو) بما فيها البند أعلاه تبدو دائماً في ظاهرها “حماية المرأة والحفاظ على كرامتها” الا أنها تحمل في نتائجها

ومايترتب عليها إمتهان تلك الكرامة والدعوة الى التحرُّر الفوضوي و الإنحلال الأخلاقي
فهذه المادة تُكرِّس خُلاصة فكر الحركة الأنثوية الراديكالية
*Radical Feminism
التي رفعت شعار
*«My Body is My Own»
(أي حق المرأة الكامل في التحكم في جسدها)،
فقد طالبت المادة المذكورة بمكافحة «استغلال دعارة المرأة» والإتجار بها، وليس «مكافحة الدعارة ذاتها»،

بمعنى أن عملها في الدعارة لحساب نفسها يدخل ضمن نطاق تحكُّمها في جسدها، أما إذا استغل آخرون هذا العمل لحسابهم، فإن هذا هو ما طالبت الاتفاقية بسن التشريعات لمكافحته.*؛؛

~ولعل ذلك يبدو واضحاً من النص- حيث كان الأوفق- لو كان الغرض فعلياً الحفاظ على “جسد المرأة وكرامتها”- أن يأتي النص بمنع «بِغاء المرأة»- وليس مكافحة (إستغلال بغاءها) الذي يبدو واضحاً هنا بأنه “أي بغاء المرأة” مُباحاً ولاغضاضة فيه- طالما أنه يتم برضا وقبول “المرأة” وهو

ماذكرناه سلفاً عبر مقال سابق وعضدناه بالشرح والتفسير لمفهوم (الجندر) وحرية المرأة في التحكم بجسدها- وحقها في التصرف- كما تشاء – بما في ذلك “ممارسة الرذيلة” كحق من حقوقها- دون أن تتعرض للمساءلة – مادام ذلك قد تم برضاها؛؛

◼️ المادة (13):
نصت على التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في المجالات الأخرى للحياة الاقتصادية “والإجتماعية” لكي تكفل لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة نفس الحقوق.*

~وهذا بكل بساطةٍ يلغي ما قررته الشريعة الإسلامية بإعطاء الأُنثى نصف نصيب الذكر في الميراث كما قال تعالى:{يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} سورة النساء الآية 11.

~هذا مع إمكانية إستفاضتنا في شرح حكمة “الخالق” من هذا التقسيم “العادل” بين (الرجل والمرأة)- والذي يحتاج لمساحة أخرى للتفصيل والتعليل ؛

مع التنويه لوجود تصنيفات أخرى “في المواريث” أقرها الشرع يُمكن أن تتساوى فيها المرأة مع الرجل؛ بل إنها يُمكن أن تنال ضعف مايناله الرجُل من ميراث وفق

شروط معيَّنه- لايعرفها ولم يتطرَّق لها دُعاة «المساواة المطلقة» وعدم التمييز- الذين يعتقدون أن الإسلام ظلم المرأة فيما يتعلق بالمواريث دون أن يعلموا بأنه أنصفها أكثر مما يظنُّون؛؛

~وقبل-هذا وذاك- نقول بأن أي قانون «إنساني» مهما سما وأرتفع فإنه لايمكن أن يُعلى على التشريع السماوي سواء كان هذا التشريع مأخوذ من “نص قُرآني” أو

“حديث نبوي”- أو مما أتفق وتوافق عليه علماء الأمة- حتى لو لم يُصادف هذا النص أو التشريع هوىً في أنفسنا، أو لم يواءم ذاك الحديث أمزجة ومعتقدات غيرنا؛؛

◼️كل ماسبق ليس سوى غيضٌ من فيض مخالفات (سيداو) لروح ونصوص التشريع الإسلامي،
ولعلَّنا- بإذن الواحد القهَّار– نُكمِل هذه السلسلة عبر المقال

القادم لنكتب حول «سرطان مواد سيداو» وهي المادة (١٦)- التي آثرنا “تفكيكها” في مقال منفصل حتى تكتمل الصورة- ويظهر الحق أبلجاً كما الشمس في رابعة النهار؛؛

〰️ *نهاية المداد*:
#«ويسألونك عن الرُّوح قُل الرُّوحُ من أمرِ ربِّي وما أوتيتُم من العلم الا قليلا»

#اللَّٰهُمَّ أرحم روحاً أغلى من روحي#

و…
نلتقي إن كان في “القلم” بقية…
*Dr.Ayman.A.Latif*

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى