Uncategorized

توقيت حساس ومخاطر غير مسبوقة.. ماذا وراء تحذير غوتيريش من الإبادة النووية؟

توقيت حساس ومخاطر غير مسبوقة.. ماذا وراء تحذير غوتيريش من الإبادة النووية؟

وسط التوترات المتصاعدة في قلب القارة الأوروبية حيث تستمر الحرب الروسية على أوكرانيا، وفي جنوب شرق آسيا مع وصول التصعيد بين الصين وأميركا إلى مستويات غير مسبوقة، يُخشى أن تتغير قواعد نظام رادع وراسخ منع اللجوء لاستخدام السلاح النووي منذ الحرب العالمية الثانية.

واشنطن- دفعت تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العالم على بعد “خطوة واحدة غير محسوبة” قد تؤدي إلى “الإبادة النووية”، إلى مخاوف غير مسبوقة، وسط تصاعد حدة أزمات أبرزها في أوكرانيا وتايوان، وهي أزمات يملك أطرافها آلاف الأسلحة النووية.

وقال غوتيريش في مستهل مؤتمر للدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، “حالفنا الحظ بشكل استثنائي حتى الآن. لكن الحظ ليس إستراتيجية ولا يقي من التوترات الجيوسياسية التي تتفاقم إلى حد نزاع نووي”.

وحذّر الأمين العام من تزايد مخاطر الانتشار النووي، وأكد أن العالم بحاجة إلى معاهدة عدم انتشار السلاح النووي الآن أكثر من أي وقت مضى.

من جانبه، عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن عن استعداده للتوصل لاتفاق جديد لنزع الأسلحة النووية مع روسيا، ودعا موسكو إلى التصرف بحسن نية، بينما قال نظيره الروسي فلاديمير بوتين إنه لا يمكن أن يكون هناك فائزون في أي حرب نووية.

UN Secretary-General Antonio Guterres attends news conference at the end of his visit to Lebanon
غوتيريش يحذّر: العالم على بُعد خطوة واحدة من الإبادة النووية (رويترز)

أهمية تحذير غوتيريش

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار جاشوا روفنر البروفيسور في الجامعة الأميركية بواشنطن، والخبير في القضايا النووية، إلى أن “هذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها تحذيرات رهيبة بشأن الأسلحة النووية، لكن الجديد والمهم اليوم هو أن الأخطار المختلفة تتقارب”.

وأضاف “من الواضح أن الأمين العام غوتيريش قلق بشأن المشاكل الطويلة الأجل مثل تآكل المعايير ضد انتشار الأسلحة النووية، وهو قلق أيضا من الأزمات السياسية بين الدول المسلحة نوويا”.

ورأى روفنر أنه قد يكون هناك قلق ثالث لذلك، وهو “أن تستخدم القوى العظمى الأسلحة النووية كغطاء للعدوان التقليدي. وربما نشهد ذلك في أوكرانيا اليوم، ويخشى البعض أن تفعل الصين الشيء نفسه بشأن تايوان”.

وكانت روسيا قد ذكرت العالم في بداية حربها الأوكرانية بأن لديها القدرة على استخدام أسلحة الدمار الشامل. وفي خطاب ألقاه عشية بدء القتال في 24 فبراير/شباط الماضي، حذّر بوتين الحلفاء الغربيين من أن أي محاولة للتدخل في النزاع ستؤدي إلى “عواقب لم تصادفها أبدا في تاريخك”.

وبعد 3 أيام فقط من الخطاب، أمر بوتين بوضع قواته النووية في حالة تأهب قصوى، وهو ما يعني أنه يمكن إطلاق الأسلحة في غضون مهلة قصيرة.

ووسط التوترات المتصاعدة سواء في قلب القارة الأوروبية حيث تستمر الحرب الروسية على أوكرانيا، أو في جنوب شرق آسيا مع وصول التصعيد بين الصين وأميركا إلى مستويات غير مسبوقة، يُخشى أن تتغير قواعد نظام رادع وراسخ منع اللجوء لاستخدام السلاح النووي منذ الحرب العالمية الثانية عام 1945.

وقال روفنر “غوتيريش يحاول بث الحياة في نظام منع الانتشار النووي، في وقت يتعرض فيه لضغوط. وقد يرغب في المساعدة في نزع فتيل الأزمات السياسية الحالية، أو على الأقل الحد من خطر تصعيدها إلى المستوى النووي”.

 

مخاطر نووية متزايدة

وقالت لين روستن نائبة رئيس البرنامج العالمي للسياسة النووية بمبادرة التهديد النووي، إن “الأمين العام غوتيريش على دراية تامة، وهو مصمم على تحذير المجتمع الدولي من التهاون في مواجهة المخاطر النووية المتزايدة. وكما قال فإن الإنسانية ليست إلا على بُعد خطأ واحد وسوء تقدير واحد من الإبادة النووية”.

 

وأضافت -في حديثها للجزيرة نت- أنه في الوقت الذي يجتمع فيه المجتمع الدولي بالأمم المتحدة لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تتضاعف التوترات والانقسامات العالمية، لذلك يجب أن تعمل الجماعة الدولية بجدية لمواجهة هذه التوترات الخطيرة، بحسب قولها.

وطالبت روستن قادة الدول المالكة للسلاح النووي بالتمسك “بقاعدة الـ77 عاما المناهضة لاستخدام الأسلحة النووية، وتعزيزها، وإعادة الالتزام بهدف معاهدة عدم الانتشار المتمثل في القضاء على الأسلحة النووية، واتخاذ خطوات عملية نحو نزع السلاح، وتعزيز نظام عدم الانتشار النووي. إذا فشل قادة العالم في التحرك، فإن أمن جميع البلدان والمواطنين سيكون في خطر كبير”.

وتعدّ مبادرة التهديد النووي (Nuclear Threat Initiative) جهة بحثية رائدة، تسعى لنزع السلاح النووي بصورة كاملة حول العالم، إلا أن جهودها تصطدم بواقع جيوستراتيجي شديد التعقيد، خاصة مع امتلاك 9 دول أكثر من 13 ألف رأس نووية، وامتلاك 22 دولة مواد تدخل في صناعة الأسلحة النووية، ويمكن بيعها أو تعرضها للسرقة.

معاهدة تحتاج لتحديث

ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية السارية منذ عام 1970، توفر أوسع مجموعة من التزامات 191 دولة وقعت عليها للحد من انتشار هذه الأسلحة.

وبموجب المعاهدة، وافقت القوى النووية الخمس الأصلية (الولايات المتحدة والصين وروسيا “الاتحاد السوفياتي آنذاك” وبريطانيا وفرنسا) على التفاوض من أجل القضاء على ترساناتها في يوم من الأيام، ووعدت الدول التي ليست لديها أسلحة نووية بعدم الحصول عليها مقابل ضمان قدرتها على تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية.

ولم تمنع المعاهدة دخول المزيد من الدول النادي النووي، وكانت الهند وباكستان -اللتان لم تنضما إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية- قد نجحتا في الحصول على القنبلة النووية قبل نهاية القرن الماضي.

وكذلك فعلت كوريا الشمالية التي صدّقت على الاتفاقية لكنها أعلنت لاحقا أنها ستنسحب منها، ويُعتقد أن إسرائيل -غير الموقعة على الاتفاقية- لديها ترسانة نووية، لكنها لا تؤكد ذلك ولا تنفيه.

وتعقيبا على خطاب غوتيريش، ذكرت بياتريس فين المدير التنفيذية لمنظمة الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية (ICAN)، الفائزة بجائزة نوبل للسلام عام 2017، أن “جميع الدول الخمس الأعضاء في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تنتهك التزاماتها بنزع السلاح بموجب المعاهدة، وتزيد من مخاطر وقوع حرب نووية كارثية”.

المصدر : الجزيرة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى