الأخبارالإقتصاديةالسودانتقارير

( السياسات النقدية والتمويلية للعام 2023م) .. التكرار والنظر للمشكلة من زاوية واحدة

( السياسات النقدية والتمويلية للعام 2023م) .. التكرار والنظر للمشكلة من زاوية واحدة

تقرير: سنهوري عيسى

نصت السياسات النقدية والتمويلية لبنك السودان المركزي للعام 2023م، علي استهداف تضخم بنسبة (25%)، واستهداف معدل نمو في الكتلة النقدية بنسبة (27%)، مع الإبقاء علي نسبة الاحتياطي النقدي لدى بنك السودان المركزي في حدود الـ(20%).

ووجه البنك المركزي، البنوك بالالتزام بالتطور التقني وإجراء المعاملات المصرفية تقنياً تسهيلاً للمواطنين ، بجانب إلزام المصارف بتخصيص نسبة (12%) من محافظها للتمويل الأصغر، وترك الحرية للمصارف لتحديد

هوامش مرابحاتها وتعرفتها المصرفية ورسوم خدماتها، بينما يري خبراء اقتصاديون ومصرفيون, أن السياسات النقدية والتمويلية لبنك السودان المركزي للعام الجديد (2023م) لم تحمل جديداً، ولم تخاطب المشكلة.

الحقيقية التي يعاني منها الاقتصاد السوداني والنشاط التجاري والإنتاجي والركود في الإقتصادي وحالة الشلل التام التى اصابت قطاعات الإنتاج الحقيقي والنشاط التجاري والإقتصادي، بل ظلت السياسات النقدية

والتمويلية تركز على النظر إلى المشكلة الاقتصادية من زاوية واحدة وهي زاوية معدل التضخم واستقرار سعر الصرف فقط، دون نظرة كلية لمعالجة المشكلة

الاقتصادية وتحريك قطاعات الإنتاج الحقيقي والنشاط التجاري حتي إذا حدث ارتفاع طفيف في معدل التضخم أو تحريك لسعر الصرف.

الاستمرار في توحيد سوق النقد الأجنبي

واستهدفت السياسة النقدية للعام 2023 م الاستمرار في توحيد سوق النقد الأجنبي، وعمليات السوق المفتوحة، ومبادلة وبيع وشراء النقد الأجنبي، وتحقيق الاستقرار

النقدي واستقرار المستوى العام للأسعار، والمساهمة في الاستقرار المالي، وتعزيز الشمول المالي، وتشجيع التمويل الأخضر.

وأقرت السياسات الجديدة خروج بنك السودان من المساهمة في رؤوس أموال المصارف وشركات ومؤسسات التمويل الأصغر.

تقوية أنظمة الحوكمة

ووجهت السياسات الجديدة المصارف بتفعيل وتقوية انظمة الحوكمة والضبط الداخلي وإدارات المخاطر والالتزام والمراجعة الداخلية للمصارف، وتعزيز مكافحة غسل الأموال وتطبيق التدابير الوقائية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب واستخدام أنظمة فعالة في المكافحة.

استمرار الحظر المصرفي

ونصت السياسات الجديدة علي استمرار البنك المركزي في حظر تمويل المتاجرة في العملات الأجنبية وشراء الأسهم المالية وسداد عمليات تمويلية قائمة متعثرة، بالإضافة لمنع المتاجرة في رصيد الاتصالات

واستخداماته، وشراء العقارات والأراضي، عدا المسموح بها وفق الضوابط المنظمة، وشراء الذهب ومخالفاته.

لا جديد في السياسات النقدية

ويري دكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي، أن السياسات النقدية والتمويلية لبنك السودان المركزي للعام 2023م، لم تأتي بجديد، بل تكرار للسياسات السابقة، ولم تنص السياسات النقدية والتمويلية للعام 2023م علي معالجة جذرية لتعقيدات المشكلة الاقتصادية، خاصة وأن

سياسات العام الماضي (2022م) كانت تنظر الى المشكلة الاقتصادية من زاوية واحدة وهي زاوية معدل التضخم واستقرار سعر الصرف ولكن رغم أهمية هذه الزاوية، إلا أنه عندما تنظر إلى المشكلة الاقتصادية من هذه الزاوية تجد أنها أثرت بوضوح على المواطنين

والاقتصاد الوطني ، خاصة النشاط التجاري بحدوث ركود اقتصادي وكساد في الأسواق، بجانب توقف قطاعات الإنتاج الحقيقي.

سياسات تحفيزية مطلوبة

واضاف دكتور الناير: لابد من سياسات تحفيزية لتحريك النشاط الاقتصادي والانتاجي والتجاري ، نتيجة للجرعة العالية التي تعرضها المواطنين من سياسات أسعار السلع والخدمات والدولار الجمركي وورشتات صندوق النقد

الدولي القاسية التي تم تطبيقها بدون مقابل من قروض ومنح لتلافي آثارها السالبة علي المواطنين والاقتصاد الوطني، وبالتالي الآثار السالبة لهذه السياسات القاسية انعكست بوضوح وبالكامل علي المواطنين والاقتصاد

السوداني والنشاط الاقتصادي والانتاجي والتجاري سلبا الأمر الذي يتطلب تحريك القطاع الإنتاجي حتي لو ادي ذلك لزيادة معدل التضخم وتحريك سعر الصرف طفيفا من أجل إحداث توازن.

ومضى دكتور الناير إلي القول بأنه: إذا نظرنا إلى (60%) من إيرادات الدولة تأتي من الضرائب على والجمارك ، واذا لم يكن هنالك نشاط انتاجي لم تكن هناك إيرادات ضريبية، كما أن هيئة الجمارك أكدت أنها لم تحقق الربط

المطلوب من الرسوم الجمركية العام الماضي رغم زيادة الدولار الجمركي الأمر الذي يؤكد أن زيادة الدولار الجمركي لم تزيد الإيرادات الجمركية وكذلك زيادة الفئات الضريبية لم تزيد الإيرادات الضريبية، بل حدث احجام عن الاستيراد، وتوقف لقطاعات الإنتاج ، وزاد التهرب الضريبي والجمركي.

نمو عرض النقود وهيكلة البنوك

ووصف دكتور الناير ، معدل نمو النقود الذي نصت عليه السياسات النقدية الجديدة، بأنه معقول ، ولكن ربما يزيد عرض النقود بسبب الضغوط التي يعاني منها الاقتصاد السوداني.

واضاف دكتور الناير: نصت السياسات النقدية علي بقاء نسبة الاحتياطي النقدي القانوني في حدود (20%) يحجم البنوك بالزامها بالاحتفاظ بهذه النسبة الكبيرة، وبالتالي لابد من إعادة النظر في هذه النسبة، بجانب تسريع خطي إعادة هيكلة البنوك بزيادة راسمالها، أو

دمجها أو الاستحواذ، مع وضع برنامج واضح لإعادة هيكلة البنوك خاصة وأن السياسات النقدية والتمويلية لم تنص على برنامج واضح لاعادة هيكلة البنوك بمدي زمني محدد لتنفيذه.

توجيه التمويل للإنتاج

وفي السياق ذاته يري دكتور صالح جبريل الخبير الاقتصادي ومدير عام بنك الأسرة ، ضرورة أن تركز السياسات النقدية والتمويلية الجديدة، على توجيه التمويل للانتاج كمدخل فى صناعات لخلق قيمة مضافة

والاهتمام بتصدير الإنتاج، والابتعاد تدريجيا عن تصدير الخام، وتشجيع المنتجين، والاهتمام بزراعة القمح خاصة أن العام ٢٠٢٣ عام نقص الغذاء على مستوى العالم.

تحسين بيئة البنوك الحكومية

واضاف دكتور صالح جبريل:
لابد أن يسعى البنك المركزى بالتعاون مع مجالس إدارات البنوك الحكومية بتحسين بيئة البنوك الحكومية وخلق توأمة بين مؤسسات التمويل الأصغر والبنوك لتوفير

الموارد لتحسين مستوى الشمول المالى فى المجتمعات الريفية المنتحة، كما أشرت لايتم استقرار سعر الصرف إلا بالانتاج وهذا ليس صعبا اذا كانت هناك سياسات صارمة وجاذبة وتطبيق القانون والحوكمة.

محافظ البنوك للتمويل الأصغر

ووصف دكتور أحمد سالم الخبير الاقتصادي والأمين العام لديوان الضرائب الأسبق، تحديد بنك السودان في السياسة النقدية لهذا العام لنسبة ( 12% ) من محافظ البنوك للتمويل الأصغر بأنه (قرار ممتاز)، ويحتاج فقط لضوابط ونظم صارمة وآلية للمتابعة والتقييم تضمن

ذهاب ذلك التمويل مباشرة للإنتاج وزيادة الإنتاجية، ولا يأخذ طريقه للمضاربات وتمويل العمليات الغير منتجة .
ونوه سالم الي أن البنك المركزى أقر تشجيع التمويل الأخضر (الزراعى) ولكن ذلك غير كافى وكان الأجدى أن تحدد السياسة النقدية نسبة من محافظ التمويل

بالمصارف للتمويل الأخضر، كما حددت سقف للتمويل الأصغر ، وبذا نضمن أن هنالك جزءا مقدرا من سقوف التمويل بالجهاز المصرفى ذهبت لدعم الإنتاج ورفع الإنتاجية وهو ما يجعل الإقتصاد يعتمد على رافعة الإنتاج وزيادة حجم الصادرات .

رفع درجة الإفصاح

وأشار سالم إلي أن البنك المركزى وجه بتقوية أنظمة الحوسبة والرقمنة والحوكمة والضبط الداخلى وتفعيل المراجعة الداخلية بالمصارف
وذلك حتما سيرفع من درجة الشفافية والإفصاح ويحافظ على ودائع العملاء ويمنع ذلك كثيرا من

الممارسات الخاطئة التى كانت تمارس من داخل الجهاز المصرفى، كما منع البنك المركزى المضاربة فى تجارة العملة والعقار لتخفيض حجم الكتلة النقدية فى الإقتصاد ونتيجة لذلك سينخفض معدل التضخم وقد يصل إلى أقل من 25% كما ذكر فى منشور السياسة النقدية ،

وستؤدى تلك السياسة لإستقرار سعر الصرف وإلى إستقرار نسبى فى أسعار السلع والخدمات والذى يحتاج للثبات على السياسة التمويلية المذكورة لتزيد بذلك من الإنتاج المؤدى إلى زيادة العرض وخفض الأسعار ورفع القوة الشرائية للعملة المحلية.

ضرورة تناغم السياسات النقدية والتمويلية

ونبه سالم الي ان السياسة المالية تصدرها وزارة المالية و السياسة النقدية يصدرها البنك المركزى وهما اللذان يحددا نجاح العمل فى الملف الإقتصادى بالسودان ويستطيع بهما الإقتصاد الخروج مما أصابه من تدهور واختلالات ومؤشرات سالبة، ولذا فعلى وزارة المالية

وبنك السودان العمل بكل جد للتنسيق المطلوب بينهما والوقوف بقوة لحماية تلك السياسات المعلنة ضد التدخلات السياسية من أى جهة كانت حتى نضمن النجاح فى إدارة الملف الإقتصادى وتصبح بذلك سنة 2023 سنة الأساس للتعافى الإقتصادى.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى