
إعلان حكومة الدعم السريع.. الأهداف والمآلات
جماهير إعلان (حكومة المنفى).. جنسيات غير سودانية وجمهور مدفوع الأجر!!
إعلان حكومة نيروبي هو دليل يأس معلنيها من تحقيقها على أرض السودان
مراقبون: استضافة كينيا لهذا الاجتماع ستؤثر على دورها المستقبلي في حل النزاعات الإقليمية
كرري: نزار حسين
كما فقاعة الصابون التي عبرت نافذة واصطدمت بخيطٍ رفيع انسل من ستارتها وانفجرتْ، أُسدل الستار على ذلك المهرجان اليائس الذي كانت كل فقراته نصوصاً من الخواء المكتوب على سطور هامشية تحكي قصةً من الوهم وحالةً من الانهيار الشامل لعقليات تحاول أن تتشبَّث بأحلام خرجت عن دائرة الممكن إلى دوائر ما بعد المستحيل..!
ذلك المهرجان الذي قدمته مجموعة من الفاشلين التاريخيين الذين كُتبوا في قائمة السواد الداكن لشخوص حملوا جنسيات سودانية، بعضهم عن طريق الخطأ وبعضهم في غفلةٍ من الزمن وبعضهم ربما جاء ليرتزق بالنهب والقتل، أو بالانتقام عبر أبواق الإعلام أو الاحتشاد خلف الدعاوى الهُرائيَّة التي تدعي الوطنية والانتماء وتتبنَّى (دجَلاً) برامج تُعنى بمستقبل شعب السودان..!
رغم أن هذا المهرجان الذي كان تحت عنوان (إعلان حكومة موازية) استهلت جوقته خطابها بأنها تنشد السلام والديمقراطية وتحارب الأنظمة الاستبدادية والحروب، لكن لم يفُتْ على أي متابع من داخل أو خارج السودان، أن كل من حضر في تلك المهزلة كان من الذين دعموا الإبادة الجماعية التي كان يقوم بها مجرمو مليشيا
الدعم السريع، والاغتصاب والنهب والحرق وتدمير البُنى التحتية وهدم البيوت وسرقة الممتلكات وإذلال المواطنين العُزَّل وتدمير وحرق كلما يمكن أن يمثل قيمةً لهذا البلد وتاريخه وإنسانه، من متاحف ووثائق وسجلات قومية، لم يفُتْ على هؤلاء الناس أن كل من رقص وبشَّر هناك كان داعماً مباشراً، وبإخلاص شديد، لهذا العدو الحاقد الذي لم يدَّخر خُلُقاً دنيئاً إلا وارتكبه في هذه الحرب التي استهدفوا فيها الشعب الذي يقولون إنهم يقاتلون من أجله!.
جيَفٌ تنتظر الدفن
فبعد أن فشلت مليشيا الدعم السريع في الحصول على ما تريد بقوة السلاح، وهو حكم السودان وإذلال شعبه وقتله وتهجيره ليحل محله عنصر آخر، مكون من الأجانب المرتزقة وأعراب الشتات وكل من ليس له وطن تحت بلاط حكم آل دقلو، وبعد أن ظهر بوضوح أنهم لفظوا أنفاسهم الأخيرة سلفاً وأن ما تبقى منهم هو الجيف التي
تنتظر الدفن، حيث إن من نجا منهم من الموت لا يلتفت وراءه ولا يدفن أو ينقذ حتى أخاه، وبعد أن قبرها الإعلام السوداني الشعبي الوطني والحكومي العسكري في مقابر الميديا التي صالوا فيها وجالوا بهتاناً وكذباً وتضليلاً، وبعد أن هُزِمت سياسياً بصَلْب مشروعها على قارعة طريق مستقبل السودان الواعد بعد الحرب، لم تجد تلك القوى السياسية المنتشرة في أصقاع العالم تسترزق بالقضية السودانية وتستجدي بها أصحاب الأهداف
الاستغلالية لموارد هذا البلد من دول ومنظمات مشبوهة، لم تجد حلاً لمد فترة استحقاق مرتباتها ومميزاتها ومخصصاتها التي تدفعها لها الجهات التي تستخدمها لتدمير بلادها، سوى المماطلة في الاستسلام ورفع الرايات البيض والبحث عن وطن آخر ووسائل كسب أخرى، بإعلانها حكومة موازية للحكومة الشرعية داخل السودان وهي الحكومة التي يلتف حولها الشعب الآن
ويعُضُّ عليها بالنواجذ ويحيطها بالقلوب، فحكومة السودان الواقعية الآن هي الجيش، فهو المؤسسة الوحيدة التي تتربَّع على القلوب قبل العرش في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان.
ذلك الواقع الذي يحاول المرجفون من (أحزاب الميديا) أن يغيِّروه بشتى السبل دون جدوى، فاضطروا إلى سلك طريق الوهم بإعلان حكومة المنفى المزعومة والتي هي محض هراء ينساه الناس بمرور الأيام.
شراء الجمهور..!
خبراء ومتابعون للشأن السوداني من جنسيات سودانية وغيرها اتفقوا على أن هذه الحكومة الموازية التي تكونت من أحزاب وأشتات من السياسيين الذين حار بهم الدليل، لا تعدو كونها محاولة يائسة لفعل شئ ما يرضي أنفسهم المهزومة وهي محاولة أيضاً لمد أجل الدعم المادي الذين يحصلون عليه من الجهات الداعمة لهم لاستمرار الحرب وتحقيق غاياتها، المتمثلة في الاستيلاء عبر هذه الفئة
على مقدرات الدولة، ذلك الهدف المعلوم للجميع.
فتسريبات كثيرة وفق مصادر خاصة متعددة تقول إن هنالك الكثير من الأموال دفعت لكل المشاركين في إعلان هذه الحكومة الذي تم من كينيا، بل وصل الأمر إلى الدفع لكل من يحضر هذا الإعلان حتى لو لم يكن له انتماء فعلي لأي حزب من أحزابها، ومن المؤسف أن تلك المبالغ
التي دفعت كان جلها للقيادات وأن كثيراً من الحضور تقاضوا مبالغ لا تستحق عناء الحضور ناهيك عن أنك تحضر في مكان يضم فئة تدعم القتلة والمجرمين كمليشيا الدعم السريع، ما يعني أن كل هؤلاء المهللين والمصفقين كان قد تم شراؤهم بالمال!.
أجانب في إعلان الحكومة
التقارير التي حصلنا عليها من مصادرنا من داخل كينيا بل ومن داخل القاعات التي أعلنت منها هذه الحكومة، تقول إن من بين الحضور كانت هناك جنسيات غير سودانية وأشخاص من دول أخرى شاركوا بعد أن تم الدفع لهم مقابل الحضور حتى يزيدوا من أهمية المشهد العام بحشد أكبر عدد ممكن من المشاركين على أنهم ممثلون
للشعب السوداني، لكن في الحقيقة كان كثيرٌ من هؤلاء الناس غير سودانيين، فقد أكدت مصادرنا أن هناك أفراداً من عدة دول إفريقية مجاورة ضمن الحضور، مثل تشاد ودولة جنوب السودان، وقد عضَّد هذه التسريبات التي تلقيناها من مصادر موثوقة بعض مقاطع الفيديو التي أظهرت مجموعة من الحضور من مواطني جنوب
السودان، يرقصون داخل الأروقة، كما كانت هناك عناصر من الجنسيات التشادية وغيرها من دول إفريقية تحمل الجنسية السودانية، ما يؤكد العجز الحقيقي عن حشد فئات الشعب السوداني أو الجالية السودانية في كينيا، في إعلان هذه الحكومة، وعدم وجود أي دعم لهم من هذا الشعب الذي يعلم تماماً ماهية هذا التكتُّل المشبوه.
كينيا واللعب بالنار
من سقطات الرئيس الكيني وليام روتو الذي يعاني من فترة انشقاقات وانتقادات لسياساته الداخلية، أنه أقحم نفسه وبلاده في أتون هذه الحرب التي تجري في السودان بدعمه ومواقفه التي اتخذها في بدايتها
بانحيازه الذي كان واضحاً لمليشيا الدعم السريع، وذلك، بالتأكيد، يرجع لمصالحه المشتركة مع قائدها، فقد سربت تقارير ومصادر خاصة الكثير عن صفقات وتعاملات كانت تتم بينه وبين قائد هذه المليشيا محمد حمدان دقلو، وتسريبات أخرى أكدت صلته بالتعامل مع دولة الإمارات التي كانت المستفيد الأول من التعامل مع تلك المليشيا
في صفقات بيع الذهب بطرق غير رسمية تم عبرها التفريط في حق هذا البلد ومواطنيه، ما يجعل تواطؤه مع حميدتي أمراً مفهوماً، فالرجل يؤثر مصلحته على حقن دماء شعب السودان!!
ورغم أن الدبلوماسية بين البلدين بدأت تحقق تقدماً نسبياً في الآونة الأخيرة، حيث إن مبدأ السياسة يقتضي استخدام الحكمة في القضايا الدولية الحساسة، حسب مقتضى الحاجة والمرحلة، إلا أن استضافته لهذه الحكومة الموازية التي هي حكومة مليشيا (الدعم
السريع) وحاضنتها السياسية يؤكد أن هذا الرجل متورط إلى عنقه في العمالة والارتهان لدول أخرى أنه محكوم بسياسات دولية لا يمكنه التحرر منها، وأنه سيدخل بلاده في أضابير مظلمة من السياسة الدولية، وسيعرضها لمشاكل مستقبلية على رأسها العداء من دولة لها مكانتها في القارة الإفريقية والمحيط الاقليمي والدولي كالسودان.
وقد تعرضت كينيا بموقفها هذا لردود فعل كبيرة حتى من الداخل الكيني طفت على سطح وسائل الاعلام، إذ اعتبرت صحيفة (ستاندرد) الكينية استضافة الاجتماع خطأً دبلوماسيًا، فيما رأت (ديلي نيشن) أن كينيا تلعب بالنار من خلال دعمها لمليشيا الدعم السريع وحكومة المعلنة في المنفى.
وقد اتهمتها وسائل إعلامية أخرى بالتستر على أنشطة إجرامية عبر استضافتها اجتماعًا نظمته قوات الدعم السريع.
ويرى مراقبون أن استضافة كينيا لهذا الاجتماع أضرت بصورتها كوسيط محايد في القضية السودانية وهو ما يدعمه موقفها المبدئي، مما قد يؤثر على دورها المستقبلي في حل النزاعات الإقليمية.
الانشقاق
بوادر الانشقاق بين هذا الرتْق المرتزِق، والذي لا تجمعه في حقيقة الأمر إلا المصالح المشتركة، لا مصلحة الوطن، بدأت تلوح وهذا هو الأمر الطبيعي والمتوقع، فهذا الشتات الذي التمَّ في نيروبي، لو تمعَّنْت النظر إليه لوجدته مجموعة من أعداء الأمس، ليس من السهل أن
يجتمعوا كتلة واحدة لأن مبادئهم الأساسية فيها اختلاف أصيل. فمجموعة الحلو على سبيل المثال، لا تريد أن تكون تبعاً لأحد، ظل هذا الرجل سنوات طويلة يقاتل وحده ويتخذ مواقفه الشاذة وحده ولا يصل كالعادة إلى أي شئ كأنما هذا هو الوضع الطبيعي الذي يريد أن يظل عليه في نضاله الواهم الذي لا يؤدي إلى مصلحة هذا
الشعب بالتأكيد، فهو يتحدث بلسان أناس لم يفوضوه. أما عبد الرحيم دقلو فهو سليل أسرة آل دقلو التي تحلم بأن يكون السودان مملكتها الخاصة وأن يكون الشعب السوداني كله تبعاً لها، إن بقي منه أحد!!
وعن بقية الأحزاب التي شاركت فهي لا تؤمن بالحلو ولا عبد الرحيم دقلو مبدأً، فلكل منها برامجه الخاصة لكيفية حكم السودان وكل منهم ينظر للطريق إلى الحكم بأيديولوجيته الخاصة، التي تتعارض قطعاً مع برنامج الحلو وبرنامج عبد الرحيم دقلو.
أما بقية المشاركين فهم في غالبهم ليسوا إلا أصحاب مصالح آنيَّة لا تنفك عن كونها استفادة مادية فحسب فلا أظن أن أحداً خارج هذا المثلث يحلم بأنه سينال شيئاً في حكومة كهذه أو منصباً، هذا إن اتفق هذا المثلث، وهو أمرٌ بالتأكيد لا يمكن أن يكون، ما يؤكد أن هذا المَجْمع لا مستقبل له ولا حتى على مستوى الأثير والوسائط.
وقد لاحت بوادر الاختلاف بتبرؤ الحزب الاتحادي عن مشاركيه في هذه الحكومة حيث أخرج بياناً قال فيه إن الذين شاركوا باسمه في هذه الحكومة الموازية المعلنة لا يمثلون الحزب وهذه إشارة لعدم شرعية من يشارك باسمه في هذا الإعلان.
كما أن تصريحاً للحلو حول إدماج قواته الذي رهنه بالتوافق السياسي الكامل بين جميع الأطراف في السودان يُقرأ منه أن وجوده في هذا التجمُّع لا يعوَّل عليه على المدى الطويل، وهو الرجل الذي عرف بالتعنت في المواقف والإصرار على مبادئه الخاصة التي تتعارض قطعاً مع مبادئ أرباب مليشيا الدعم السريع المهزومة عسكرياً وسياسياً وشعبياً.
حصاد الوهم
التفاصيل التي أوردناها في مجملها توصلنا إلى أن هذه الحكومة التي تم إعلانها في المنفى، والابتسامات المهزومة التي تعكس اضطراب دواخل أصحابها، ليس لها مستقبل كما أنه ليس لها حاضر ولن يكون لها أي تأثير في المشهد السياسي، حتى لو كان من أهدافها التخطيط لإطالة أمد الحرب بـ(صوملة) السودان أو (لبْيَنتِه) بيد
دولة الشر التي تمسك بالمشرط المكسور في مشروعها الاستئصالي في هذا البلد، أو سلك طريق سياسي دولي لاستجلاب قوى خارجية أو دعم عسكري يقاوم الجيش وشعبه في حرب الكرامة التي لاحت نهايتها بانتصار ساحق، فليس هنالك أدل على يأس وفشل هذه الطغمة التي يحكمها الوهم من إعلان هذه الحكومة الموازية التي لا ولم ولن يعترف بها أحد.
ولم تقف الانتقادات لكينيا حد ردود الفعل الدولية، إذ اعتبرت صحيفة “ستاندرد” الكينية استضافة الاجتماع “خطأً دبلوماسيًا”، فيما رأت “ديلي نيشن” أن كينيا “تلعب بالنار” من خلال دعم فصيل معين في النزاع السوداني.