محمد مصطفى الزاكي يكتب :حتى لا يتفشى الإكتئاب في الأقاليم!
صدى الواقع
محمد مصطفى الزاكي
حتى لا يتفشى الإكتئاب في الأقاليم!
بينما تجلس الخرطوم عاصمة حواضر الولايات السودانية، على ضفاف النيل، واضعة يديها على الخدَّين قلقاً وحيرة، تملكها الإكتئاب،بعد أن حاصرها الفقر والعوز ، وتناوشتها مخالب الطمع القاسية، ورمتها الأقدار في متاهة أغلب خياراتها مهلكة؛ التناقض والتضارب والتعارض في الأقوال والأفعال، داخل قصور الحكم وبين أروقة السياسة، شكَّلت ضباباً من الغموض، انعدمت فيه الرؤية أمام المتكهنين، ومحللي الأحداث، والأخبار، والمعلومات، السياسية والأمنية.
لكن الحواضر لازالت محتفظة بأوراق المناورة، تبرزها للخرطوم واضعة يديها على الخصر!، تطالب كل الحقوق، فالثورة قامت لتنشد العدالة، ويتحقق السلام شاملاً بلا نقصان، ليصون الكرامة،ويطلق طائر الحرية من القفص، إلى رحاب فضاءات الوعي والإحساس بالمسؤولية، إلا أن المشهد يبدو عليه إنقلاب الفصول والمراحل.
ورغم كل ذلك لم يفقد الأمل، الذي يلمح منه ضوءاً طفيفاً وسط الظلام، وفرصة النجاة من الغرق يلوح من خلال تغييرات مرتقبة في أساليب الحكم والحكام، خاصة في الولايات،التي صبرت كثيراً على تخبط القدامى، الذين فرضتهم الأحزاب ولم يعملوا في مكوثهم الطويل حسنةً يحفظها لهم الناس.
الأقاليم ترجو من الخرطوم ألا تشطح هذه المرة في الإختيار ، فالناس هنا ضاقت ذرعاً بمن زادوا على فقرهم فقراً أعتى، لدرجة تحوّلت الخدمات كالكهرباء في عهدهم، ترفاً ورفاهية تضرب لوصوله دفوف الفرح!.
وها قد بدأت الخرطوم تسمي حكاماً على الأقاليم، وفقاً لوثيقة السلام التي وقعتها في جوبا، عليها واجب الفحص في ملفات الولاة المختارين لمساعدة الحكام في إدارة شئون الناس في الأقاليم، ومن الأهمية بمكان أن يعيدوا أبصاركم كرتين في السير، رغم أن الإختيار مصدره الأحزاب والحركات والتنظيمات المكونة لشراكة الفترة الإنتقالية، إلا أن من حق قائد الأوركسترا أن يقرر في مصير العازفين؟ماذا لو كان بينهم (مشاتر) لا يلتزم بالنوتة ويصرُّ على الخروج من الإيقاع عمداً أو جهلاً؟.
من الحكمة أن يعطى حاكم الإقليم فرصة لتمحيص طاقمه المساعد في حكم ولايات إقليمه، يتفق معهم على نوتة منسجمة يطرب لها المواطن ويدفعه للانفعال مع الطرح الحكومي فيسهم في العمار لا في الخراب، وبذلك يجنب الأقاليم انتقال عدوى الإكتئاب الذي أصاب الخرطوم،ولن تشفع البلاد كل عقاقير الدنيا المستوردة في التعافي، من الأمراض الاجتماعية والسياسية والأمنية التي استفحلت، في حال إنتقال العدوى إلى مدن الأقاليم.