من يقتل المتظاهرين؟.. شرطة السودان تُجيب عن سؤال الساعة
من يقتل المتظاهرين؟.. شرطة السودان تُجيب عن سؤال الساعة
المتحدث باسم الشرطة السودانية في حديث خاص بحسب “العين الإخبارية”
سؤال بلا إجابة ظل معلقا على جدران المشهد السوداني منذ اندلاع الأزمة السياسية الأخيرة، خاصة ما يتصل بضحايا الاحتجاجات.
“من يقتل المتظاهرين؟”، استفهامُ يدور بمخيلة السودانيين ويسيطر على مجالسهم، بعد مقتل 79 شخصاً خلال حركة الاحتجاجات التي أعقبت قرارات الجيش السوداني الصادرة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
واستطاعت “العين الإخبارية” كسر جدار الصمت الرسمي تجاه هذه القضايا، عبر مقابلة حصرية مع المتحدث الرسمي للشرطة السودانية، العميد الدكتور حسن التجاني.
وقال التجاني إنه لم يتم حتى الآن تحديد قتلة المحتجين، لكن وفقا للرؤية الاستراتيجية للشرطة، يمكن أن تتم اغتيالات من داخل المظاهرات دون أن يراها أحد.
ودافع متحدث الشرطة بشدة عن قوات الأمن في تعاملها مع المتظاهرين، نافياً استخدام القوة المفرطة بحق المحتجين، مؤكدا أن تعاطيها مع المواكب يكون وفق المسموح به قانونا.
وشدد على أنه سيتم محاسبة أي فرد من الشرطة يثبت ارتكابه تجاوزات بحق المتظاهرين، لافتاً إلى وجود عدد من منسوبي قوات الأمن قيد التوقيف، عقابا على التعسف في استعمال القوة.
وأكد متحدث الشرطة أن الأوضاع الأمنية مستقرة في السودان، باستثناء بعض المشكلات الناجمة عن المظاهرات، وقال إن “الخرطوم تعتبر من أكثر عواصم العالم أمنا في الوقت الراهن”.
وتحدث العميد التجاني بالتفصيل عن واقعة مقتل ضابط الشرطة، وحقيقة ضبط حبوب مخدرة توزع للشباب، وعدد من القضايا ذات الصلة بالملف الأمني.
وتالياً نص الحوار:
ما تقييمك للأوضاع الأمنية في السودان، هل باتت مستقرة؟
لا أجزم بشكل قاطع أن الأوضاع الأمنية في السودان عامة هادئة، لكن هناك هدوءا كبيرا جداً بالولايات، عدا الخرطوم وولايتين أخريين تعانيان بعض المشكلات البسيطة نتيجة صراعات معروفة تؤلمنا جداً، ومع ذلك يمكن القول إن العاصمة القومية تشهد استقرارا أمنيا، مقارنة ببعض عواصم دول أخرى.
العاصمة القومية (الخرطوم) فيها بعض المشاكل، وذلك نتيجة للكثافة السكانية كونها أكبر ولايات السودان، إذ يقطنها نحو 12 مليون نسمة تقريبا.. هذه الإشكالات وصلت لمرحلة الاغتيالات، وهذه مسألة مزعجة، لأن المجتمع السوداني لم يتعود على مثل هذه الأحوال غير الآمنة وغير المستقرة.
ويشهد السودان أيضا كما هائلا من النشاط بمختلف أنواعه بالتحديد السياسي؛ حيث المظاهرات والمسيرات التي يكفلها القانون والضوابط والمواثيق، في إطار حق المواطن في التعبير عن رأيه.
لكن إذا خرجت المسيرات عن الوضع المخطط لها، يصبح الأمر مقلقا، لا سيما إذا اتخذت منحى غير سلمي، عندها تتدخل الشرطة لحماية المواطن وممتلكاته.
حسب بلاغات الجرائم المدونة بسجلات الشرطة، نستطيع القول إن الوضع آمن، رغم التفلتات التي تصاحب المسيرات السلمية، لكن هناك حوادث اعتداءات تقع في بعص المناطق الطرفية بالخرطوم لا يتم التبليغ عنها غير مدونة في أرض الواقع، بل تنشر في “الأسافير” فقط.
لذلك تتم شيطنة الشرطة، وتأذت كثيراً، لكن لم يؤثر ذلك على أدائها، كما لم تتقاعس عن عملها، بل ضاعفت النشاط، ونتوقع أن ترتفع حالة الاستقرار والأمن إلى أعلى الدرجات قريباً.
أعلنت الشرطة في اليوم الثاني لمقتل العميد علي بريمة إلقاء القبض على المتهم، ولم توقف أحد من قتلة المتظاهرين البالغ عددهم ٧٩ شخصا، البعض يتساءل عن دور الشرطة في هذا الموضوع؟
رحم الله الشهيد علي بريمة وكل شهداء الثورة وشباب الوطن رحمة واسعة، لقد افتقدناهم وقلوبنا تتقطع عليهم، لأن هؤلاء الشباب أبناؤنا رغم نظرة البعض إلينا في الشرطة كأننا جسم غريب، في حين أن أبناءنا مشاركون في الحراك الثوري.
حادث استشهاد العميد علي بريمة وهو قائد مسؤول عن تغطية المظاهرات، وقد تفقد قواته وخاطب المسيرة والمتظاهرين بـ(سلمية سلمية) في هذه اللحظة غُدر به وقتل، وتم القبض على المتهم، لأن القوات كانت قريبة من مكان الحادث وتتبعت المتهم، بمساعدة شهود العيان الذين شاهدوا القاتل .
الشرطة بالقانون ممنوعة من دخول صندوق المسيرة الاحتجاجية، بل تسير قواتها بجوار المظاهرات عن اليمين والشمال، لحمايتها حتى لا يحدث أي احتكاك.
الشرطة لا تريد معرفة ما يدور داخل المواكب من قبل الثوار، خاصة أن لديهم أهدافا وخطة استراتيجية محددة للعبور إلى مكان ما، نحن لا نعارض هذه الخطوة والقانون يكفل لهم ذلك .
نحن نتوقع بالرؤية الاستراتيجية للشرطة أنه يتوسط الشباب والثوار الحقيقيين أصحاب أغراض وأجندة ينفذون أشياء تخصهم، لذلك تتم الاغتيالات بداخل المظاهرات بدون أن يراها أحد.
كشفت الشرطة من الذي قتل العميد علي بريمة، وألقت القبض عليه بالوثائق الثبوتية وهو مفتاح يفتح أبوابا أخرى من خلال التحري والتحقيق المستمر .
ما هو ردكم على ما يردده البعض من استخدام القوة في تفريق المتظاهرين؟
الشرطة لا تستخدم في المواكب أو المليونيات أسلحة نارية نهائياً، كل المستخدم هو الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه من الدفاع المدني فقط، كما تستخدم الأدوات غير القاتلة في المسيرات لأن الموجودين فيها ليسوا مجرمين أو خطرين أو معتادي إجرام بل هم ثوار.
من الطبيعي أن يتم وضع قطعة أو اثنتين من السلاح الناري في السيارة الأخيرة من أي قوة شرطية متحركة لحمايتها من الاعتداء أو المجرمين الذين يستغلون الفرصة أثناء المواكب الاحتجاجية.
في بعض الأحيان تقع إصابات وسط المتظاهرين خلال المواكب في غير اتجاه الشرطة، من الذي يقتل المحتجين، هذا أمر الأيام جديرة أن تكشف ذلك.
الشرطة غير مبرأة من الخطأ فنحن بشر، لكن ليس الخطأ القاتل، فاستخدام القوة أحياناً يكون إجبارياً للضرورة. وإذا اكتشفنا شرطيا استخدم قوة غير مقدرة بشكل صحيح سوف تتم محاسبته، بموجب قوانين موجودة لدينا، فهناك عدد من الضباط وضباط الصف الشرطيين في الإيقاف.
استخدام القوة يحدد بالقانون وليس حسب الرؤية غير الموفقة، ولا تملك الشرطة تشريعاً واضحا يتيح لها استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.
ليس لدى الشرطة عداء مع المتظاهرين أبداً، نحن موجودون في أي موكب لتأمين وحماية المواطن، حيث يفرض علينا القانون ذلك لو أدى للمجازفة بحياتنا.
يرفض المتظاهرون اتهامات الشرطة لهم بالتخريب والعنف، ما هو ردكم على ذلك؟
نتهم الذين يأتون فعلاً معادياً للقانون كما تعرضت أقسام (مراكز) الشرطة للتلف وتعطل دولاب العمل فيها، مثل قسم الأوسط أمدرمان، والصافية الذي يخدم كل قطاع هذه المنطقة، تم هذا الدمار من متفلتين وسط المتظاهرين الذين لا يدركون قيمة مؤسسات الدولة، ولدينا مئات الإصابات في صفوف الضباط والجنود .
المواكب التي تسير في الخرطوم وسقوط قتلى، لماذا لم تقدم الشرطة إفادة للرأي العام حول التحقيق؟
للآن لم يُعرف من الذي يقتل والشرطة تتحرى الدقة في توفير المعلومة، ولا نميل للتصريح بذلك للرأي العام باستثناء واقعة القبض على المتهمين بقتل العميد بريمة وضبط بعض المظاهر السالبة في المظاهرات التي تم الإعلان عنها.
نشرت بيانا باسم الشرطة حول إلقاء القبض على المتهم بقتل العميد، فيه توضيح للحقائق عكس الشائعة أن القاتل من قواته، والدليل على ذلك القاتل مدني ليست له علاقة بالشرطة.
الكشف عن القاتل العميد ليس لأنه مميز من الشهداء أو أشرف منهم، فجميعهم شرفاء، ولكن استراتيجتي كمتحدث باسم الشرطة تمليك الرأي العام المعلومات .
في حال استمرت حالة الاحتقان في الشارع، ما هي السيناريوهات المقترحة للتعامل من وجهة نظركم؟
نحن لدينا خطط واضحة جداً لقد دعت الشرطة الجهات المنظمة للمسيرات للتنسيق المشترك لتسهيل كشف الحقائق، لكنها لم تستجب، ففي واقع الأمر نحن لانعلم قائد الموكب لنقوم بحمايته.
هناك انحسار في أعداد المتظاهرين من موكب لآخر حسب تقديرنا للعملية بعدد المربعات في أرض الواقع، هذا الانحسار بسبب سلوك بعض المتظاهرين، فهناك ثوار لديهم رسالة علينا حمايتهم، والبعض متفلتين يقومون بالتخريب لذلك الشرطة تقوم بالقبض عليهم.
هل يمكن أن تطرح الشرطة أي مبادرات لمحاولة تهدئة الشارع؟
لقد طرحت الشرطة في السابق على لجان التنسيق للمواكب فكرة التنسيق، فنحن دائماً أيادينا ممدودة لتقديم الخدمات فالمواطن أمانة في أعناقنا، وفي حال انحرف أي شرطي عن عمله تتم محاسبته بعقوبة تصل الفصل عن الخدمة وتقديمه للمحاسبة، فالشرطة تعمل بالعدالة.
ما هي الرسائل التي توجهها الشرطة لجميع الأطراف في العملية السياسية الآن، سواء من الجانب العسكري أو المدني أو المواطنين بشكل عام؟
رسالتي المهمة هنا للمواطنين بمختلف فئاتهم العمرية، أنهم في حدقات العيون، نحن جزء من الكيان الإنساني السوداني وأبوابنا مشرعة لكل مواطن.
راج مؤخراً واقعة ضبط مخدرات توزع للشباب ما حقيقة ذلك؟
تم ضبط حالة لشاب بحوزته كمية من المخدرات والحبوب المنشطة جنسيا، وأموال أكثر من مليار جنيه سوداني يوزعها على المتظاهرين منهم، فالمخدرات عبارة عن سرطان دمر الشباب وتسبب في تجميد أعداد من الطلاب لدراستهم بالجامعات وانعزالهم عن أسرهم.