الثقافية

اميمة عثمان تكتب مقبرة النسيان

اميمة عثمان تكتب مقبرة النسيان

الخرطوم:العهد أونلاين

أيقظهُ طيفها من غفوتهِ …. كان الصوت فيه الكثير من الاضطراب و الغضب … يحدد موعداً و يستجديه الإنصات… يذهب للقاءِ كان يظنه بمقدار المسافات ضرب من الأمنيات المستحيلة.
في الماضي كان يرتب نفسه لمثل هذه المواعيد بتجهيز الكلمات و العبارات التي غالباً ما تجلس مكانها و لا تقوى على الحراك، لكن هذه المرة يعرف أنه يلعب دور المستشار الذي يستمع و يحلل و ينصح، فجلس يلفه ثوب الهدوء ينتظرها بشوق ملازم في الحضور أو الغياب، جاءت وجلست برصيف الوعي غير بعيدة عنه …. و هو يرقبها محاولاً استحضار تفاصيل الماضي الذي تحلل جثمانه في مقبرة النسيان…. بدأت رويداً رويداً تضاء قناديل الذاكرة و تتوالى الصفحات و تطوف وجوه تحمل تفاصيل الزمن السعيد الذي يحكي لقاء الإعجاب المحتشم مع الاحترام الحنون.
كانت الكلمات تخرج من ثغرها متسارعة و متزاحمة تحملها أنفاسِ غاضبة، وهي تتأرجح بين الشكوى و الوعيد و الندم على أشياء تحمل معها كل حالات الفعل، فالشكوى كانت من خزلان انتظار المساندة و سوء الفهم و الهرب أحياناً من المواجهة و تحمُل الأعباء، و الوعيد يأتي بالرد بالمثل و اتخاذ موقف القطع، أما الندم فعلى صمت الرضا و غصة الحلق التي حدثت بفعل الدهشة من بُعد الأزمان، فرغت من بثه كل ما يُثقل نفسها و يعكر صفوها من سيناريوهات الحياة المتقلبة، هدأت أعصابها و بردت دواخلها لعلمها أن لها بشرفاتِ نفسه مساحات تضع فيها ما تشاء من الإحساس و تأخذ منها الكثير من الدعم و المساندة التي تفتقدها.
انتهت المرافعة التي لا تنتظر الحُكم، و بدأت المداولة ( التي كم تمنى أن لا تنتهي ) بين شد و جذب تارةً و نُصح و توجيه تارةً أخرى، استمعت له بإعجاب و دهشة متجددة من قدرته على إدارة المشاكل و الخروج منها، وزادت قناعتها فيه فدائماً ما كانت تراه خارج الإطار يستطيع تعديل صورتها داخله، وتزداد ثقتها أنه الوحيد الذي يستطيع العبور بها لبر الأمان.
اميمه عثمان

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى