مقالات

د. محمد مجذوب يكتب: الحرب المركبة

د. محمد مجذوب يكتب: الحرب المركبة

ما تقوم به إسرائيل من إشعال للحروب في المنطقة العربية والإسلامية ليس بغرض استرجاع دورها كشريك لغيره من النظم العربية الأخرى على قاعدة الأرض مقابل السلام؛ بل هو محاولة لفرض النفوذ والهيمنة المطلقة على المنطقة واخضاع الاقليم اخضاعا تاما مع الابقاء على كونها الطرف الوفي لامريكا في ذات الوقت.

وهي تستند في مشروعها هذا على عقيدة “اسرائيل الكبرى” وعلى قوتها العسكرية المتفوقة على جوارها تفوقا ظاهرا والقادر على اخضاع الجميع قسرا.

امريكا ترامب السمسار من جانبها مشوشة بمقدار حصيلة دفعات الأموال التي تصل اليها أو تتوقعها من الدول العربية الغنية؛ وهي وان كانت تفضل الصفقات المادية والمالية على الحروب العسكرية المكلفة وانها ليس مقتنعة كثيرا بسياسة الحروب الاسرائيلية؛ إلا أن جدية اللوبي الإسرائيلي هي من ستكسب الرهان لوضوح الرؤية والأهداف وعموم أحوال الضعف العربية والإسلامية.

إذن ف”المشروع” الحقيقي الفاعل فى المنطقة هو مشروع نتنياهو، وهو يقوم على اهداف التقسيم بالنسبة للسودان واليمن وسوريا والاردن ولبنان والعراق والسعودية من وجه وهزيمة ايران ومصر وتركيا عسكريا من الوجه الآخر.

القاهرة وانقرة والرياض وطهران هي العواصم الأكثر قلقا بشكل أخص؛ فالنظام العربي والإسلامي الحالي؛ والذي تتزعمه هذه العواصم يستمد شرعيته السياسية من العداوة لإسرائيل ولو فى الحدود الدنيا والاعلانات الظاهرة؛ وفى حال استمر مشروع التقسيم فى السودان والصومال وسوريا والعراق ولبنان وليبيا فسيسقط النظام السياسي العربي والإسلامي ويفقد مشروعيته أمام ردة فعل شعبية عنيفة ومسلحة.

الاغلب وقوع حرب مع طهران واخرى مع القاهرة وانقرة؛ مع تراخي فى التواريخ؛ وستدخل المملكة ورشة التقسيم بعد تقسيم اليمن؛ وما الحروب فى السودان والصومال واليمن إلا تجفيف واضح للنفوذ المصري؛ السعودي؛ التركي؛ بعد ان تم تجفيف النفوذ الإيراني بحرب الأيام الإثني عشر وتراجع حزب الله وتقييد ايادي حماس.

انقرة تحاول استرجاع القوة بتطوير الصناعات العسكرية وتوسيع النفوذ من خلال بوابات دمشق وليس امامها غير الإستمرار فى دعم السودان والصومال وتحييد اثيوبيا؛ فهي اي انقرة مقصودة لذاتها.

القاهرة مجبرة على الخروج من قصر الاتحادية؛ واعمار نفوذها فى القرن الأفريقي وترجمة خطوطها الحمراء في السودان إلى أفعال؛ فالحرب لن تكون على حدودها الشرقية ؛ بل وفى الغربية والجنوبية كذلك.

الرياض مطالبة بحسم ملف اليمن وبناء تحالف مع مصر والسودان وارتيريا والصومال لتأمين البحيرة الحمراء الإسم الزرقاء اللون؛ فضلا عن اعادة الناشز ابوظبي لبيت الطاعة؛ فمنطقة الخليج لا تحتمل النشوز والخروج على آداب العائلة الواحدة.

الخرطوم ليست شامتة ولكنها متالمة؛ وقد خاضت معركتها وعرفت عدوها واستعادت وعيها؛ وهي إلى النصر أقرب بكسر شوكة التمرد؛ وتحويل نفسها لمتنفس امني واقتصادي؛ فهذا النوع من الحروب المركبة يحتاج الى الصبر والثبات والمصابرة؛ وقد عرفت دربها الخرطوم فالتلزم.

العالم الإسلامي والعربي ليس بضعيف ولكنه عالم مسكون بعدم الثقة وضعف المناصرة؛ والاعتقاد بان النار البعيدة عن مضارب القبيلة والعشيرة ؛ لن تصلها بينما هي أقرب إليها من حبل الوريد في الواقع.

فى حال فشل النظام العربي والإسلامي فى مواجهة رؤية إسرائيل الكبرى؛ فإن النظام العربي سينهار لانعدام مبررات وجوده؛ وعندها ستجد القوى الحية فى الأمة نفسها وجه لوجه أمام العدو؛ ولن يكون امامها نظام أو جيش نظامى تحتمي به؛ وستكون مضطرة لخوض معركة التحرير الكبرى التى ستكون معركتها الاخيرة على أبواب القدس.

وحتى ذلك الحين فهي دعوة مني لبناء جبهة عريضة بين القوي الاسلامية والقومية والوطنية والشعبية فى العالم العربي والإسلامي؛ لمحاصرة أذى الإمارات وهزيمة مشاريع التقسيم فى المنطقة العربية والإسلامية.

يا له من عالم متشابك وقضية عادلة وأمة لا تموت.

من يخبر عرب دارفور أنهم اصبحوا واحدة من أدوات قيام إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات .. يا للعار.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى