يوسف عبد المنان يكتب: .. خارج النص..عادت الأقلام

يوسف عبد المنان يكتب: .. خارج النص..عادت الأقلام
عندما سأل الراوي مصطفي سعيد في موسم الهجرة للشمال (من أين جئت) فقال ليس مهما من أين ولا لماذا عدت؟ ولكن المهم أنني عدت. وأمس أطلق الصحافي عطاف عبدالوهاب الرجل الذي يجمل الأمسيات بالقصص والحكايات، ويزرع الأمل في النفوس، ساعة اليأس ويخاصم بقلب أبيض، ويداعب ببراءة الأطفال، أطلق صافرة عودة الأقلام التي فرضت الحرب عليها الهجرة القسرية إلى مدن السودان، بورتسودان العاصمة، التي نُزعت عنها هذه الصفة منذ بدء عودة الحكومة إلى مكانها الطبيعي، وتقدمت الصحافة في العودة، محمولين على فارهات رئاسة
الجمهورية من حافلات وسيارات، لتعود الأقلام لعاصمة بلا صحافة ورقيه، وقد نزع شارع الصحافة ومقاهي الخرطوم شرق، ونبت العشر في دار الاتحاد، الذي اعيدت شرعيته كلجنة مؤقته، لتسيير الأداء حتى انعقاد الجمعية العمومية، واختيار اتحاد جديد، يعبر عن مرحلة جديدة من تاريخ السودان، وقد طوى أهل صناع الحروف حقبة سوداء ظللت سماء الوطن، وتبدت بارقة امل في عودة السودان الذي سعت المليشيا للقضاء عليه، ثقافةً وارثاً.
■ والصحافة التي لم تستطيع الصدور ورقياً منذ منتصف أبريل، قبل ثلاثة سنوات، تعود اليوم الأقلام للخرطوم، ولكن لن تعود الصحافة الورقية، ولن تعود جلسات المساء وسهر الليل، وحتى الخرطوم التي يعود لها حملة الأقلام ومشاعل المعرفة ماعادت تلك الخرطوم حسناء المدن، وحورية أفريقيا.
■ إذا كانت الحكومة المركزية سيعود نصفها، ويبقى النصف الحلو في بورتسودان!! تعود وزارة المعادن والثقافة والإعلام والتربية والتعليم والحكم الاتحادي، وقد عادت الداخليه مبكراً وتبقى وزارة الخارجية و الماليه ومجلس السيادة على ضفاف البحر المالح، يتمتعون أنفسهم بانفاس شتاء المدينة الساحرة الساخرة، والخرطوم التي يفترض أن يصلها اليوم الفوج الأول من الصحافيين، أصبحت مدينة بلا قلب ينبض، ويضخ أكسجين الحياة، وذلك تدابير لجنة الفريق إبراهيم جابر التي قررت حرمان قلب الخرطوم من مياه النيل، ومن كهرباء مروي، ليموت قلب المدنيه تحت زعم تطوير وسط الخرطوم وجعله منطقة سياحيه، وتلك نظرة تفتقر
للحصافة، فالمدن تتنفس بقلبها، وإذا مات قلب المدن، ماتت أطرافها، ولكن اللجنة لاتسمع الا صوت الجنرال إبراهيم جابر ولا تنظر الا أسفل، بأحلام الخيال، وقلب الخرطوم هو تاريخ مجتمع وتاريخ مدينة ومقاهي ومساجد وكافيهات، ورجال أعمال، وشركات وصحف، وتاكسي ومواقف مواصلات، وملعب استاد الخرطوم، وجامعة القاهرة، ومعهد الكليات التكنلوجية. وفريق النيل والقوز وتوتي وقاعة الصداقة محجوب محمد صالح عبدالرحيم مكاوي ومتوكل الشريف و أسماك البربري وألوان حسين خوجلي والايام والصحافة وفندق الحرمين وعمارة ود الجبل وزينب بن بيلا عبدالمنعم محمد، وإبراهيم مالك وتاريخ لن يمحوه الزمن.
■ فهل يستحق قلب الخرطوم أن يعاقب بحرمانه من الماء والكهرباء؟! لكن إذا قال ( سيدي) قلنا القول ماقال الجنرال، والاقلام التي عادت أمس ستجد مدينة خراب. ولكن يبقى الأمل وتبقى عزيمة البناء والتعمير أقوى من كل متجبرا بسلاحه خرب الخرطوم وشرد أهلها وكاد أن يطمس معالمها لولا الشهداء الذين( دفناهم) في مقبرة سركاب الذين قدموا أرواحهم ليبقى الوطن.
✒️ يوسف عبدالمنان..
29 ديسمبر 2025م





