محجوب ابوالقاسم يكتب : السودان بعد معركة الكرامة ..دبلوماسية تعادل الميدان

محجوب ابوالقاسم يكتب : السودان بعد معركة الكرامة ..دبلوماسية تعادل الميدان
الخرطوم | العهد أونلاين
يدخل السودان مرحلة جديدة من تاريخه الحديث بعد معركة الكرامة التي باتت على مشارف نهاياتها لتفتح أبوابا واسعة أمام إعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الحضور الإقليمي والدولي
فبينما يواصل الجيش والقوات المساندة له تحقيق التقدم العسكري على الأرض برزت في موازاة ذلك جبهة أخرى لا تقل أهمية وهي جبهة الدبلوماسية.
سنوات حكم حمدوك سيئة الذكر أضعفت صوت السودان في الساحة الدولية وأفقدت البلاد الكثير من ثقلها السياسي والدبلوماسي.
لكن ومع تحولات ما بعد معركة الكرامة بدأ التعافي يطل من جديد على علاقات السودان الخارجية رغم غياب وزير للخارجية حتى الآن، فقد جاء تعيين عدد من السفراء الجدد بمثابة انطلاقة جديدة أعادت النشاط والحيوية إلى الدبلوماسية السودانية وأسهمت في مساندة الجيش من مواقع مختلفة حول العالم.
ولجمهورية مالي دفع بالسفير خالد شكري، وجمهورية زيمبابوي السفير إبراهيم الشيخ، وجمهورية جنوب أفريقيا السفير عثمان أبو فاطمة وجمهورية فنزويلا السفير الهادي الصديق.
خطوة تعيين السفراء الجدد في ظل معركة الكرامة جاءت في توقيت حساس إذ أوكلت إليهم مهمة مزدوجة الدفاع عن الموقف السوداني في الخارج وكسب الدعم السياسي والدبلوماسي للقوات المسلحة في الداخل.
هؤلاء السفراء باتوا بمثابة جنود دبلوماسيين يوازون في دورهم ما يقوم به الجيش في الميدان كل في ساحته من أجل تحقيق الهدف الجامع بناء سودان قوي وفاعل ومستقر.
أحد أبرز وجوه هذا التحرك هو السفير الزين إبراهيم سفير السودان لدى إثيوبيا ومندوبه الدائم لدى الاتحاد الإفريقي فالرجل يقود جهودا نوعية لاستعادة مقعد السودان في الاتحاد الإفريقي بعد أن جمدت عضويته في وقت سابق بفعل تغلغل عملاء قوى الحرية والتغيير كما وصف ذلك عضو مجلس السيادة الفريق اول ياسر العطا.
السفير الزين عمل نائب للسفير في اثيويبا في فترة سابقة وكان مسئؤلا من ملف الاتحاد الافريقي وثابر ونافح حتى فاز السودان بمقعد بمفوضية من ضمن المفوضيات الخمس للاتحاد الافريقي
تحركات السفير الزين لم تقتصر على الجانب الإفريقي فحسب بل شملت ملفات أكثر تعقيدا إذ بحث مع مفوض السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي بانكولي أدوي سبل تحقيق الأمن والاستقرار في السودان وناقش الخطوات العملية لإعادة البلاد إلى حضن المؤسسة القارية .
وفي خطوة لافتة فتح الزين ملف المرتزقة الكولومبيين الذين ثبتت مشاركتهم في القتال إلى جانب مليشيا الدعم السريع في الفاشر حيث بادر بالتحرك المباشر مع نظيره الكولومبي في أديس أبابا لكشف أبعاد هذه المشاركة.
التعويل الآن كبير على نجاح الدبلوماسية السودانية في استعادة موقع السودان بالاتحاد الإفريقي وهو هدف يوازي في أهميته الانتصار العسكري على الأرض ، لكن السؤال الأهم يبقى ما بعد العودة؟
فالمطلوب ليس مجرد استرداد المقعد بل استثمار هذا الوجود لتعزيز حضور السودان في كل المحافل والبرامج الإفريقية وتكثيف المشاركة في أنشطة الإيقاد والآليات الإقليمية الأخرى، بما يرسخ الدور التاريخي للخرطوم كفاعل محوري في القارة.
إن تقوية محطة أديس أبابا وتكثيف الحضور السوداني في الدوائر الإفريقية ضرورة لا تحتمل التأجيل ، كما أن الدور المأمول من السفير الزين إبراهيم يتطلب إسنادا من سفراء آخرين يدعمون تحركاته، لتتحول بعثة السودان لدى الاتحاد الإفريقي إلى غرفة عمليات دبلوماسية متقدمة.
السودان اليوم يقف على أعتاب مرحلة جديدة مرحلة عنوانها الانتصار في معركة الكرامة ميدانيا والانطلاق نحو معركة البناء والإصلاح دبلوماسيا وبين هاتين الجبهتين، يبقى الأمل كبيرا في أن يستعيد السودان مكانته كرقم صعب في المعادلة الإفريقية والدولية.
ولنا عودة.
6سبتمبر2025م