
حصار ارتفاع العملات الأجنبية أكبر التحديات..لجنة الطوارئ الاقتصادية.. البحث عن حلول..!
اللجنة برئاسة د. كامل استعرضت مؤشرات الوضع الاقتصادي.
متابعة تنفيذ قرار شراء الذهب و مكافحة التهريب وضبط الاستيراد..
حكومة الأمل تواجه تحديات بالغة التعقيد ..
تنظيم سوق الذهب لا يكتمل بمعزل عن إصلاح منظومة الصادرات ..
تقرير : محمد جمال قندول
لا تزال حكومة الأمل برئاسة د. كامل إدريس تسعى لحصار ارتفاع العملات الأجنبية ووضع حلول ولو إسعافية للازمة الاقتصادية التي أطلت برأسها بقوة خلال الأسبوعين الماضيين.
أمس وفي إطار الجهود انعقد إجتماعه لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء د. كامل إدريس، حيث استعرض مؤشرات الوضع الاقتصادي.
تحديات
وبحسب تعميم صحفي، فإن الاجتماع ناقش قرار تشكيل لجنة الطوارئ الاقتصادية وتنفيذ قرار شراء الذهب وتنظيم سوقه، إلي جانب مكافحة التهريب وإجراءات ضبط الاستيراد، وتحسين الصادرات الأخرى.
وينتظر أن يتم إصدار قرارات بشأن الموضوعات التي تم التوافق حولها، وتشكيل لجان للمتابعة والتنفيذ.
وتشكلت لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة رئيس الوزراء قبيل أسبوعين ويزيد، وعقدت اجتماعيين في سبيل ضبط المشهد الاقتصادي ووضع خطط تحدث اختراقا في الأزمة الاقتصادية.
حكومة الأمل تواجه تحديات بالغة التعقيد في أعقاب تعيين إدريس قبل أشهر رئيسًا للوزراء بصلاحيات واسعة، وتشكيل حكومته التي عقدت أول اجتماع لها في العاصمة الأسبوع قبل نحو عشرة أيام، وتبقى الأوضاع الاقتصادية الأكثر صعوبة خاصة وأن البلاد منهكة جراء حرب بكلفة خسائر اقتصادية غير مسبوقة وعدم وجود موارد حقيقية أو دعم إقليمي ودولي، وهو ما يجعل من مهمة د. كامل وحكومته ولجنة الطوارئ برئاسته صعبة جدًا وتتطلب حلولًا من خارج الصندوق خاصة وأن الأزمة الاقتصادية أحد المهددات الحقيقية لمصير الحكومة نفسها وقد تطيح بها حال لم يعجلوا بايجاد حلول.
رؤية تنموية
في سؤالنا للكاتب السياسي والباحث في الإعلام التنموي د. إبراهيم شقلاوي حول الاجتماع وما تمخض عنه قال بحسب الكرامة،
إن اجتماع لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء د. كامل إدريس، والذي ناقش تنظيم سوق الذهب ومكافحة التهريب، يمثل لحظة فارقة في مسار الإصلاح الاقتصادي، إذا ما تم توظيفه في الاتجاه الصحيح وبآليات تنفيذ حقيقية.
وبحسب شقلاوي فإن الذهب لم يعد مجرد مورد طبيعي فحسب، بل أصبح في ظل الظروف الراهنة شريانًا حيويًا يربط بين الاقتصاد الرسمي والاقتصاد الموازي، ما يتطلب ضبطه وتنظيمه لا مجرد مراقبة. لذلك، قرار تشكيل لجنة الطوارئ الاقتصادية، وما تبعه من نقاش حول تنفيذ سياسات شراء الذهب ومحاربة التهريب، يُعد مؤشراً على إدراك الحكومة لخطورة الانفلات الذي ظل يعانيه هذا القطاع لسنوات.
ويرى الخبير في الإعلام التنموي والكاتب الصحفي د. إبراهيم أنه من المهم طرح الدولة محفزات اقتصادية وتشريعية جاذبة للمنتجين والمصدرين، تكون بديلاً عمليًا ومغريًا عن التهريب، الذي يتم إلى دول الجوار نظرًا للحدود البرية المتداخلة التي يصعب على الدولة في ظل الظروف الراهنة، أن تسيطر عليها بالكامل.
وزاد محدّثي: عليه، كما نعلم مكافحة التهريب لن تُحسم فقط بالإجراءات الأمنية، بل تتطلب معالجات اقتصادية ذكية تستوعب منطق السوق وتوازناته.
والسودان، بحكم موقعه الجغرافي، يتقاطع اقتصاديًا وتجارياً مع عدد من دول الجوار، ما يتطلب فتح قنوات للتنسيق الإقليمي والتعاون الاستخباراتي والجمركي لضبط حركة الذهب العابرة للحدود.
شقلاوي أشار إلى أن تنظيم سوق الذهب لا يمكن أن يتم بمعزل عن إصلاح منظومة الصادرات ككل، وهو ما لمسناه في ما أُعلن عن الاجتماع عبر طرح موضوع تحسين الصادرات الأخرى وضبط إجراءات الاستيراد، وهي قضايا مترابطة يتطلب التعاطي معها كمنظومة متكاملة.
واعتبر د. إبراهيم أن تشكيل لجان للمتابعة والتنفيذ يُعد خطوة مهمة، لكن في ذات الوقت نبّه إلى أن التحدي الأكبر لا يكمن في اتخاذ القرارات، بل في إنفاذها على أرض الواقع بفعالية ومتابعة دقيقة، بعيداً عن الروتين وبطء الإجراءات، داعيًا إلى ضرورة أن تتبنى الدولة حزمة من الإجراءات العاجلة والمستدامة، تشمل منها تقديم حوافز سعرية وضريبية تشجع المنتجين على بيع الذهب عبر القنوات الرسمية وإنشاء بورصة سودانية للذهب تضمن الشفافية والتسعير العادل وتعزيز التنسيق الأمني والجمركي والإقليمي لمكافحة التهريب عبر الحدود، وكذلك إطلاق حملات توعية إعلامية وطنية حول خطورة التهريب على الاقتصاد القومي ثم تفعيل دور الولايات في مراقبة الإنتاج المحلي وربطه بسياسات المركز بوضوح وشفافية.
واختتم محدّثي وقال إن التعويل على الذهب كمورد للخروج من الأزمة الاقتصادية يجب أن يكون مؤطرًا برؤية تنموية عادلة، تضمن التوزيع الشفاف للثروة، وتربط بين الموارد الطبيعية وتحقيق العدالة الاجتماعية، مع ضرورة أن يترافق كل ذلك مع استقرار سياسي وأمني حقيقي يُمكّن من تنفيذ هذه السياسات بفعالية وإحكام.
المصدر: صحيفة الكرامة