مقالات

محمد احمد مبروك يكتب: ..سطور ملونة..لا تقتلوا دلال التي نجت من الموت مرتين

محمد احمد مبروك يكتب: ..سطور ملونة..لا تقتلوا دلال التي نجت من الموت مرتين

 

حافلة الركاب التي نسفها الاوغاد المرتزقة، واستشهد جميع ركابها ،  سمع بها الناس كلهم، لكن قلة من الناس سمعوا بدلال الوليدة، الناجيةالوحيدة في هذه الحافلة، دلال هذه من آيات الله التي ينبغي أن يتأملها الناس.

عند وقوع حادثة قصف الحافلة، كانت أسرة دلال فيها، وكانت دلال في رحم أمها ، على أعتاب الميلاد ، أصيبت أمها في الحادثة، ولم تمت لكنها كانت على مشارف الموت ، نقلت إلى المستشفى حيث تلقتها الأيادي الرحيمة، البعض يحاول إنقاذ حياة الأم والبعض يحاول إنقاذ جنين حي في رحمها .

بقوة ممزوجة بالرحمة والشفقة بادر د/  محمد حبيب الله محمد مصطفي بإتخاذ قرار بإجراء عملية قيصرية عاجلة للأم المحتضرة ،  لإنقاذ جنينها جنبا إلى جنب مع محاولات إنقاذ حياة الأم ، وأجريت العملية بالفعل، وسلمت الأم العظيمة مولودها سالما بعد حملها المضني، وسلمت روحها معها، بنت ولدت كاملة اليتم من أبويها وأسرتها كلها .

د. محمد حبيب الله لم يقف عند إجراء العملية، واستخراج المولودة، لكنه مد بساط الرحمة ليتبناها وسماها دلال إبنة لواء البراء بن مالك ، فأصبح إسمها ( دلال لواء البرا بن مالك) ، وأصبح أبوها المتبني هو د/ محمد حبيب الله، فهي الآن ابنته بالتبني.

ولإعلان تبنيها أقام أبوها محمد حبيب الله إحتفالا، وحضره قادة مكتب لواء البراء بن مالك في كل من بربر وعطبرة، وقادة السلطات المحلية،. في المحليتين، وجمع من رموز المجتمع والكيانات الوطنية.

د/ محمد حبيب الله الأب المتبني لدلال أعلن في الإحتفال تبنيه لها وأعلن أن دلال ستظل بنته وأنها ليست في حاجة لأي مساعدة، أو دعم مادي أو نفسي.

وإنها ستظل تحت رعايته وحمايته، وحب عميق ربطه بها، ولن يسمح بأن تكون دلال مادة من مواد ( الميديا ) ولن تكون سلعة يتاجر بها البعض أو يدعون بها البطولات، وسيتكفل بحسن تربيتها كما يفعل أي أب مسئول مع أبنائه.

إبو دلال يؤكد أنه منطلق في هذا الأمر من قواعد ديننا الحنيف الذي أوجب علينا الرحمة، وفرض رعاية اليتيم، والإحسان إليه. وكفل له من الحقوق مالم يكفله لغيره، ومالم تكفله كل القوانين في أرجاء الدنيا كلها.

وكما أعلن تبنيه لدلال، يعلن الآن اسدال الستار على سيرتها، وإغلاق الباب أمام جعلها مادة للدعاية أو للإعلام أو للتكسب المعنوي الرخيص،. حتى تتربى وتعيش حياة هادئة مثل أي طفل سوي لا تسمح أسرته أن يكون مضغة في الأفواه.

دلال آية من آيات الله جديرة بالتأمل حيث نجت أمها من الموت في نفس لحظة قصف الحافلة، والتي لايتصور عقل أن يخرج منها كائن حي، لكن هذا الزمن القصير لحياة الأم إنما كان هو تقدير الحكيم الخبير، الذي شاءت إرادته أن تحيا دلال، وتنجو من الموت في رحم أمها لحظة القصف،. وتنجو بقرار الطبيب الشجاع بإجراء العملية للأم المحتضرة.

ولعل كل من يدعي الوطنية أو الرأفة والرحمة سيدع دلال وشأنها و سينصرف إلي هموم الوطن الكبري، و المسئوليات الجسام الملقاة علي عاتق كل فرد من هذه الأمة.. فلا تقتلوا دلال بعد أن نجت من الموت مرتين، بجعلها مضغة للأفواه ومادة للأنس، والتسلية أو تجارة للتكسب المادي والمعنوي.

 

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى