يوسف عبد المنان يكتب: صور ومشاهد من قلبها..الجميلة المستحيلة وقصة اغتصاب معلن ماذا فعل الجنجويد بجامعة الخرطوم؟؟؟

يوسف عبد المنان يكتب: صور ومشاهد من قلبها..الجميلة المستحيلة وقصة اغتصاب معلن ماذا فعل الجنجويد بجامعة الخرطوم؟؟؟
في أول يوم بعد انقضاء عطلة العيد كانت رحلتي هذه المرة إلى قلب جامعة الخرطوم التي تغني طلابها منذ أيام ماقبل غروب شمس السودان الذي الفنا والفناه بأنها الجميلة المستحيلة زي سحابة الريح تعجل برحيلها والسيارة تهب الشوارع التي تحفها من اليمين الشمال بقايا الرصاص وأثار المعارك ورائحة الدم والموت وخراب
بلد لم يعرف ساستها قدرها (وجعلوها امرأة مباحة لعرب الشتات) ومرتزقة من الدينكا والنوير والأمهرا والقرعان والتبو وحتى الطوراق من سكان الصحراء أقبلت على الخرطوم في رفقة ثلاثة صحفيون وصحفيتان وعندما عبرت السيارة جسر النيل الأزرق باتجاه الخرطوم راودتني قصيدة لعلي الجارم الشاعر المصري الكبير حفظت بعض آبياتها ونسيت البعض الآخر ولكن لم أنسى
جئنا إليها وفي اكبادنا ظما
يكاد يقتلنا لولا تلاقينا
جئنا إليها من دار إلى وطن
ومن منازل اهلينا لاهلينا
جئنا إلى جامعة الخرطوم وهي أولى محطات رحلة اليوم الطويل في تفرس المدينة التي دست رأسها من عار الجنجويد والمليشيا بين رجليها وانكفات تبكي بلا دموع فقد جفت في بلادي الدموع دخلنا مع الاخوان الحاج الشكري وصلاح مركز وصلاح التوم من الله والصحافية حفية نوالدائم
والإذاعية انتصار من بوابة ميدان الجامعة الشرقي الذي اختفت ملامحه ونبت في مكان ذلك النجيل الأخضر شجيرات العشر وهو نبات وسدر قليل وتسلق اللبلاب كشافات الميدان الشرقي بجامعة الخرطوم وهو ميدان تتجاوز رمزيته كرة القدم لفرق جامعة لم يعرف عنها كثير ولع بكرة القدم مثل جامعة القاهرة الفرع في ذلك الزمان ولكن كان الميدان الشرقي ساحة للفكر والمعرفة
والمساهمة في قضايا البلاد الكبري ومنبرا من يتحدث الشفيع أحمد الشيخ وحسن الترابي ومحمد يوسف محمد وابن عمر محمد أحمد والمحجوب والازهري ومحمود الفضلي وعرف الميدان محمود محمد طه و محمد طه محمد أحمد والحاج وراق وغني فيه وردي بعد انتفاضه رجب أبريل 1985ياشعبا لهبت ثوريتك وغني فيه محمد
الأمين لاكتوبر ويعرف الميدان نزار قباني وعلى الجارم و العقاد ومحمد المهدي المجزوب ولكن الميدان في صورته أمس اشعث اغبر تخشى السير فيه حذر الرصاص غير المتفجر وبقايا روث الجنجويد الذي يقضون حاجتهم في مكان وتنبعث من قاعة كلية العلوم المجاورة لميدان الجامعة الشرقي روائح نتنه هي بقايا براز الجنجويد الذين دنسوا الجامعة حقا واغتصبوا شرفها ليلا ونهارا
من شارع المين إلى المسجد
من شارع المين بجامعة الخرطوم حيث البوابة التي نالت منها دانات المدافع ولكنها قاومت وصمدت وبقية شاهد على ماحل بالجامعة هناك عربة عسكرية محطمة وأكثر من عشرة عربات مدنيه (شلعوها) الجنجويد وتركونها قابعة في شارع الجامعة الخالي من المارة ومن المركبات الا بعض الجنود المنتشين بالنصر ولكنهم يعانون أشد المعاناة وفي الحصول على جرعة الماء البارد وهم قد ضحوا بالعيد والايام رمضان يقاتلون من أجل تحرير
مدينة تمثل لهم كل شي وانت جالس في بيتك أمنا ومطمئنا وبين اهلك وعشيرتك وهاتفك تحت راسك وتتابع مباريات ريال مدريد والارسنال وتهتف العسكر للثكنات وتطعن في شرف رجال أشرف منا جميعا في الطريق إلى مجمع الكليات ومقابل إدارة الجامعة بدأ لي كم هي المسافة بعيدة بين الأماني والواقع وبين الرجاء والثناء على كفاح وجهاد شباب السودان وهم ينتزعون انتصارا بشق الأنفس من قوى الشر التي تفوقهم عددا
وعتاد ولو كان السلاح يقاتل والكثرة تغلب الشجاعة للبث الجنجويد في قلب الخرطوم حتى ينفخ في الصور وتاتون افواجا ولكن ابطال القوات المسلحة وهم يفترشون الأرض في بلد درجة الحرارة بلغت في النهار 45درجة ويتوسدون الحجارة وعلى اليد الدوشكا ينافحون عن بلد تعرض للخيانة من بعض أبنائها
الفاسدين ومن ادارة جامعة الخرطوم التي حطمت الاثاثات عمدا وخربت المعامل اتجهت والأخ الشكري من أجل الصلاة في مسجد جامعة الخرطوم ذلك المسجد التاريخي الذي يمثل للإسلاميين رمزية ملهمة للجهاد في سبيل الله ولكن لاصلاة الآن في المسجد لا ماء وضوء ولا أرضا طاهرة وقد تناثر الزجاج في كل أرضية المسجد المهجور رفع الشكري نداء الصلاة للظهر ولكن من يسمع
النداء من مسجد هجره رواده وعشاقه وعماره مرة حينما اتجه الإسلاميين إلى مساجد قريبة من السلطة أو حليفة لها مثل مسجد القصر حيث كان يصلي البشير ويصلي معه محمد لطيف بدون وضوء أو طهاره ويصلي آخرين في مسجد سيده سنهوري حيث شركاء السلطة من التيار الإسلامي وشركاء المال من البرير واتجه في اخريات سنوات الإنقاذ قادتها والراكعين بابواب سلاطينها للصلاة في مسجد كافوري للخليفة عمر ابن البشير وترك
الإسلاميين مساجدهم التقليدية واشهرها المسجد الذي هدمته المليشيا من سقفه وتركت اعمدته الخرصانيه لتشهد بأن في هذا المسجد كان الشهيد حاج نور يصدح بالحق وكان الكاروري يبشر بدولة الرعاية الاجتماعية وكان بروفيسور أحمد علي الإمام يحدث الناس عن التفسير التأويلي للقرآن الكريم
صعدت إلى المنبر ووجدت فأر كبيرا يبحث عن شيئا ما ولكن بدأ أمامي مشهد تلك الوجوه الراضية والنفوس الطاهرة والأشواق لدولة تقيم حدود ولكن اه من تبخر الأحلام تحت وطأة الواقع ومسجد الخرطوم حاله أقل بؤسا من وزارة التعليم العالي التي حرقت ولم تبقى منها إلى الأعمدة الخرصانيه وجثث السيارات المحترقة
وبعض الأثاث المتناثر في تحت أشجار اللبخ الذي جفه معظمه لندرة الماء في خرطوم مقرن النيلين التي تموت مثل موت الطيب ود ضحوية الذي انشد على فراش موته
وكيف امسيتي يالمزنه ام سحابا شايل
وشن سويتي في السلمه وبلاد ناس نايل
واحدين في الخلا وواحدين بسقوا الشايل
معاك سلامة ياالدنيا ام نعيما زايل
فماذا قالت الخرطوم يوم ان خرج من مغتصبيها
هذا مانعود إليه في حلقة أخرى من تغطية أحداث تحرير الخرطوم