يوسف عبد المنان يكتب:..خارج النص..أنفاس النصر
يوسف عبد المنان يكتب:..خارج النص..أنفاس النصر
حبست الحرب منذ أسبوع أنفاس غالبية أهل السودان وهو ينتظرون مولود الفرح إلقادم من رحم الكفاح والجهاد والصبر والتضحيات والدم والدموع وقد توحدت المشاعر وتمازجت الامزجة وكادت أن تبلغ القلوب
الحناجر والشعب السوداني المغتصبة أرضه والمشرد من بلده واللاجئين في المنافي والجالسين في الأرصفة والمقاهي والراحلين مع ابلهم وغنمهم وابقارهم يترقبون أخبار الانتصارات التي تحققها القوات المسلحة في
ميادين الجهاد من أجل الوطن والدين والوجود والمال والتاريخ والمستقبل والأجيال التي ضاعت سنين عمرها سنتين ولاتزال تتمسك بالأمل وترجوا انتصارا يحققه الجيش في سوح المعارك أحصى المنتظرين الساعات
والايام والدقائق وهم يتبادلون أخبار تحركات الجيش وتقدمه في محور الخرطوم بحري كثير من النشر أضر بسير عمليات التحرير على الأرض ولكن قدر الجيش انه يخوض حرب مفتوحة بلا أسرار وفي عالم أصغر من
غرفة واحدة يتبادل الناس أخبار تقدم الجيش من السامراب إلى شمبات يحصون المحطات ويحفظون أسماء العمارات السكنية من أبراج السلطان حسن برقو إلى مستشفى البراحة ومن شمبات الأراضي الي شمبات الحلة ومن مصانع ويتا للتدقيق لابراج الحجاز يحسبون المسافات بالكيلو
والامتار والعدو مستميت في الدفاع عن أرضا ليست أرضه وينشر مئات القناصين بأسلحة متطورة ومناظير ليلة لكشف تحركات القوات المسلحة ولكن إذا كانت النفوس كبارا والعزيمة والآرادة والإيمان غالبا فلا شك
النصر قادما مهما تأخر ساعات أو ايام فإن المعركة التي تخوضها القوات المسلحة الآن في بحري هي أم المعارك وبداية النهاية للتمرد في الخرطوم وقد سرقت حرب التحرير في بحري الأنظار عن حرب التحرير في مدني
التي كان الناس ينتظرون عيد الاستقلال في مدني ولكن سير العمليات هناك اقتضى التاني في اقتحام مدني وربما عاش الشعب السوداني فرحة الانتصار في الساعات القادمة من بحري سر الهوى وسحر العاصمة المثلثة ومركز ثقل الختمية وقديما كانت هتافات أهلها (بحري لمين نصرالدين)
المقصود هنا نصرالدين السيد ومدينة بكل هذا التاريخ العريق يغتصبها إعراب الشتات ويجوس في ترابها القناصين الحبش والنوير الكولمبيين المستأجرين بمال المنهوب من أهل السودان
يمسك أهل السودان بالأمل في الله وحده لتحقيق الانتصار في بحري ويجلس طلاب امتحانات الشهادة السودانية في العاصمة الوطنية ام درمان تحفهم دعوات أهل السودان وتحمي أمنهم قواتهم المسلحة ومن أجل طلاب الثانويات وبناتناوهن يتاهبن للجلوس لامتحانات
الشهادة السودانية في ظروف بالغة التعقيد تتطلب أن يضحي أبناء السودان بأرواحهم يسقط شهيدا واخر وثالث وعاشر ومائة حتى تعود للبلاد حريتها وتنتصر إرادة الأغلبية على إرادة الأجنبي الذي يسعى لاستعمار بلادنا وانسانها مرة أخرى ويسلب شعبها أمله في الحرية إقامة سودان حر ديمقراطي
ورغم قسوة الحرب وفظاعتها وآثارها الا انها وحدت مشاعر هذا الشعب وقد عاش أهل السودان من القولد في الشمال والقضارف وأم براكيت في الشرق وطروجي والدلنج في الجنوب ومدينة النيل وحمرة الوز مع اهل الفاشر لحظة بلحظة ادمعت أعينهم لحصد الجنجويد
أرواح النازحين في معسكرات البؤس والشقاء وتلهفت قلوبهم لمدينة السلطان على دينار في كل ساعة ويوما وهي تصد عن نفسها الغزاة وتدافع عن شرفها
ببسالة ورجولة حتى جاءت جحافل الصحراء وثعالب وادي هور وانتقلت المعركة إلى حيث تريد القوات المشتركة وهو مايعرف عند العسكريين بزمام المبادرة
والمباداة وقد أصبحت القوات المسلحة والقوات المشتركة هي من يحدد ميدان القتال وزمانه مما افقد التمرد صوابه وأخذ ينتقم من الشعب السوداني الحر بالتدوين المدفعي على المناطق السكنية المأهولة بالسكان ولكن تبقى إرادة الشعب فوق كل طاغية جبار عنيد مناع للخير معتدي اثيم