يوسف عبد المنان يكتب:..حديث السبت..لماذا حرب الشتاء في دار زغاوة؟

يوسف عبد المنان يكتب:..حديث السبت..لماذا حرب الشتاء في دار زغاوة؟
حزب الأمة يخسر آخر معاقل نفوذه في دارفور !!
1️⃣
تمادت مليشيا الدعم السريع في عدوانها الإنتقامي، من شعوب إقليم دارفور، وبعد الانتهاكات المروعة التي ارتكبتها في الفاشر، وفرار الآلاف من السكان، نحو آخر ثلاثة محليات في دارفور، تحت سيطرت الحكومة السودانيه والملاذ الذي لجأ إليه سكان مدينة الفاشر، والمحليات هي الطينة على الحدود مع دولة تشاد، ومحلية أمبرو، ومحلية كارنوي، وهي مناطق تقع على تخوم الصحراء، وغير بعيدة عن دولة تشاد، التي استعاد القرعان سلطتهم من خلال ابن إدريس دبي محمد كاكا، الذي تنحدر أمه من قومية القرعان، الشئ الذي جعله يرفع كلتا يديه عن مساندة الزغاوة، في السودان ويبيع دمه بالمال الإماراتي، وترك عشيرته الأقربين يتعرضون لحرب إبادة جماعية، بدأت في مدينة الفاشر ولن تنتهي الآن في المحليات الثلاثة، التي يبلغ عدد النازحين إليها أكثر مليون، أرغمتهم حرب المليشيا على اللجوء لتلك الأرض القاحلة، والأمم المتحدة منذ تسعينات القرن الماضي بدأت اهتماماً كبيراً بقضايا النازحين، وخصصت مساعداً
لأمين عام الأمم المتحدة لشئون النازحين، أسوةً باللاجئين، ولكن حينما يتعرض النازحون في السودان للإبادة، من قبل المليشيا، تصم الأمم المتحدة أذنيها كان بهما وقرٌ وصمم، وخير شاهد على ذلك مايحدث الآن من هجومٍ على السكان النازحين من الفاشر، ملاحقتهم للقضاء عليهم، والآن فديو حديث متداول يحكي مأساة تصفية المئآت – علي يد المليشيا – في طريقهم الي طويلة!! ويقطن المحليات الثلاثة أغلبية من قبيلة الزغاوة، والمنطقة نفسها تُعرف بدار زغاوة، باعتبارها حاكورة قطنها الزغاوة منذ مئات السنين، شأنهم مثل البرتي في شرق دار دارفور، وكذلك البنى هلبة في عد الفرسان، والتعايشة في رهيد البردي، والتنجر في كتم، والزيادية في المالحة، والرزيقات في الضعين. وقبيلة
الزغاوة التي شأنها كمعظم القبائل الأفريقية العربية، يختلف علماء الأجناس حولها، %فمنهم من ينسبها لعرب أفريقيا، ومنهم من يقول إنهم من البربر، ولكن المتفق عليه انها قبيلة مشتركة، لها وجود في ثلاثة دول هي ليبيا وتشاد والسودان، مثلها وعرب والرزيقات. وهؤلاء لهم وجود في خمسة دول أفريقية. ونظراً لشراسة الزغاوة في القتال، مثلهم وسائر القبائل البدوية الصحراوية، شكلوا صداً منيعاً لمشروع (عربنة) إقليم دارفور، وبالفعل واجه الزغاوة عرب الجنجويد وطموحاتهم في حكم دارفور، قبل أن تزداد تطلعاتهم الي قيام دولة في حوض نهر النيل وفي دارفور بإسم دولة( العطاوة)!! ورفع الزغاوة السلاح في وجه حميدتي بعد الخامس عشر من أبريل، ورفضوا الإذعان له، كما أذعن الفور، وتعرض المساليت لصدمة التصفيات في الجنينة، التي لم يفيقون منها بعد، بينما الزغاوة تصدوا
بشراسة للدعم السريع وشكلوا قوات للدفاع عن النفس أطلقوا عليها اسم( عرد عرد)، وكان لها الفضل الكبير في الصمود الأسطوري لمدينة الفاشر عاصمة الاقليم، ولمدة قاربة الثلاثة سنوات، قاتل الزغاوة ولم يوهنوا ولم يضعفوا، علي الرغم من أن حميدتي استطاع بمال الإمارات شراء الطاهر حجر، وسليمان صندل، مثلما اشتري صمت زغاوة تشاد الذين آثروا الغنائم العاجلة على وشائج الأرحام!! ومنذ ثلاثة أيام بدأت مليشيا الدعم السريع هجوماً برياً واسعاً جمعت له آلاف المقاتلين والعربات المصفحة، والدبابات والطيران المسير، الذي ينطلق من منصات بعضها داخل تشاد مما يمنح السودان في الأيام القادمة بعد وصول طيرانه الحديث حق الرد على تشاد، وضرب منصات إطلاق
المسيرات داخل العمق التشادي، والتي تستهدف الآن القضاء على النازحين الفارين من الفاشر، السكان المحليين في المحليات الثلاثة، وتقدمت مليشيا الدعم السريع نحو دار زغاوة، ولكنها واجهتها مقاومة شعبية وبسالة القوات المسلحة التي أصبحت أمام واقع لابد من مواجهته بكل بسالة وشجاعة، والدفاع عن شعب الزغاوة، وطبعاً هي مسؤلية الحكومة، ولكن الحكومة التي لم تحسن الدفاع عن بابنوسة، وبينها واكبر فرقة في الجيش السوداني أقل من ثلاثمائة كيلو مترا، لن تنتظرها قبيلة الزغاوة لتدافع عنها، ولئن انتظرتها ستجد نفسها خارج الحدود، ولن يرحم الجنجويد طفلاً في كارنوي ولا شيخاً في مزبد ولا امرأةً في فوراوية.
ومثلما يقود حميدتي مليشيا الدعم السريع فإن المارشال مناوي والدكتور جبريل عليهما الدفاع عن أهلهم وعشيرتهم بما يمليه عليهما الواجب، وأقله توفير السلاح الحديث، الذي يقضي على الجنجويد، ويعيدهم إلى الضعين.
معلوم أن المليشيا تخوض حرباً عنصرية، وقبلية، والا لماذا تجنبت دخول مناطق مستريحة ومصري وبورسعيد، حيث تتمركز مليشيات موسى هلال، وتجاوزت تلك المنطقة، وتهاجم دار زغاوة، دون سائر مناطق دارفورية أخرى، غير خاضعة لنفوذ المليشيا، مثل جبل مرة وركرو وجبل سي.
ماتشهده دار زغاوة الان يمثل تطورا خطيراً في مسار الحرب، ويضع المنطقة برمتها تحت وابل رصاص لن توقفه الهدنة، التي يسعى لها السعوديون ومن ورائهم الأمريكان،وذلكم بعد موافقة البرهان على اقرارها بدايات العام الجديد، تلازماً مع ما تسرب من تحت الطاولات، ومايجري وراء الحيطان التي صمت اذانها.
2️⃣
أصبح الآن لحزب الأمة ثلاثة حلل ومفردها (حلة) وكان الدكتور جون قرنق يعلق ساخراً على مواقف الصادق المهدي وحزبه، ويقول إن حزب الأمة درج على أن (يشد حلتين) اي يضع على النار حلة مع الحكومة وأخرى مع المعارضة، أيهما نضجت أولاً أكلها الحزب و(قش خشمه) ولكن اليوم أصبح لحزب الأمة ثلاثة حلل معلنةً، وربما هناك حلل أخرها يعلمها فضل الله برمة. حزب الأمة الان وضع كل ثقله تحت مظلة ال دقلو التي تفوح منها رائحة الدم والعرق، واصبح الحزب بكل ثقله الجماهيري مطيةً، يركبها الدعم السريع، ويستخدم شيوخ الحزب وشبابه كمخبرين، وسط المدن، وقوادين للقتلة، كما حدث في النيل الأبيض، والهلالية، وكردفان، ودار فور، والدلنج، وبابنوسة، والفاشر.. وآخرين من حزب الأمة
امتهنوا طلاء وجه الدعم السريع في الإعلام .. والدعم السريع يستخدم ال المهدي في مشروع ال دقلو، ويلعب فضل الله البرمة دور حمالة الحطب، وهو طاعن في السن قارب التسعين من العمر، ولازال والغاً في دماء الأبرياء. وهؤلاء جعلوا من الدعم السريع مصيرهم، وحبيبهم وعشقهم وحبهم، وولاءهم لآل دقلو. وقد خسر حزب الأمة بعد سقوط شمال دارفور في يد الدعم السريع آخر معاقله نفوذه، ولم يتبق له إلا حاضنة البقارة التي لاتتجاوز في أحسن تقدير العشر دوائر جغرافية.
هناك جناح آخر من حزب الأمة وضع حلته بالقرب من البرهان ولكنه لم يشارك البرهان القتال الا عشيرة إسماعيل كتر من الزغاوة وهؤلاء يمثلون تيار محمد عبدالله الدومة والفريق صديق محمد إسماعيل، وهذا التيار الذي يضع حلته مع الجيش مصاب بسوء التغذية الجماهيرية، وفقر الدم السياسي، حيث عجز عن خوض معركته في مواجهة تيار الجنجويد، ولم يطرح نفسه كقوي اجتماعية وسياسية لها خطاب واضح وصريح، رغم أن هذه المجموعة كان يمكنها أن تتقوي بالفريق عبدالرحمن الصادق المهدي، لأن أي حزب للأمة غير مرتبط بالسلالة المهدوية لن يقوى على الوقوف على رجيله ولن تلتف الجماهير حوله، الا باسم ال المهدي والفريق الأمير عبدالرحمن شاب طموح، وله شعبية وسط الأنصار خاصةً، لكن حركته موسمية، ولا يخوض معاركه بالأصالة ويخشى إخوانه وأخواته. ونقول للسيد الأمير إن معركة السودان الوجودبة الفاصلة، أتت بك الي المدرعات وشاهدك الشعب السوداني، فلا تحجبنك وشائج الأسرة، وتذكر (لن تنفعكم ارحامكم ولا أولادكم، يوم القيامة يفصل بينكم)..
والسياسية عراك وتدافع لذلك يمثل تيار الاعتدال في حزب الأمة من حيث الموضوعية التيار المستقبلي، لكنه يتعرض لإرهاب فكري ومعنوي وحسي وتهديد ووعيد، وأحيانا تنزع عنه حتى الجلابية جناح ام جكو، ويتركونه ام فكو، ويفتقر هذا التيار الي المال الذي يحتفظ به صديق الصادق المهدي في جيوبه العميقة ويترك الآخرين!!
اما الحلة الثالثة والأخيرة ربما التي تبدوا ظاهرة للعيان، هؤلاء يدَّعون أنهم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وأنهم تيار يدين الدعم السريع ويدين القوات المسلحة ويقف صفاً لوحده، ونقطة ضعفهم انهم مثقفين يتحدثون بالمطلق عن الحرب، ولكنهم لايملكون مشروع ورؤية تعينهم على مواجهة الواقع الحالي، ورغم هذا التعدد الذي قد يذهب البعض إلى أنه مصدر ثراء الا انه يمثل حالة تشرزم ستقضي على هذا الحزب في أول استحقاق انتخابي قادم، وحق للميرغني والحزب الاتحادي الديمقراطي أن ينال ثقة أكبر من جماهير الشعب السوداني، واقرب منافسيه يتعرض لهذا التصدع .
والشعب السوداني الذي نهبت ممتلكاته ونكلت به المليشيا سيلفظ كل من كان معاوناً للظالمين، ومطيةً للمجرمين، وغداً ستشرق الشمس، ويجد حزب الأمة نفسه في السهلة، بعد أن تآكل رصيده، ونفد ماعنده، بتعاونه ورهانه على مليشيا الدعم السريع.
✒️ يوسف عبدالمنان..
27 ديسمبر 2025م





