يس ابراهيم الترابي يكتب : مرتكزات النظرة الإسلامية لقضايا صحة الطفل(٤)
يس ابراهيم الترابي يكتب : مرتكزات النظرة الإسلامية لقضايا صحة الطفل(٤)
نتناول في هذه الحلقة الرابعة موضوعا مهما ضمن ما جاء في الورقة العلمية الضافية التي قدمت في الورشة التدريبية التي أشرت إليها في الحلقات الثلاث السابقة، وضمن فقرة السلوك الصحي الوقائية نبعث بالقضية الصحية الخامسة.
*التطعيم وتحصين الأطفال ضد الأمراض*
ولقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي عام ١٤٣٠هه الموافق ٢٠٠٩م بيانا مفصلا للتشجيع على التطعيم ضد شلل الأطفال جاء فيه:
١- يجب على المرء أن يصون جسده وجسد من يعولهم ويحافظ على سلامتها ويجنبها كل ما يضر بها – قدر الإمكان- لقوله تعالى (ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) سورة البقرة الآية[١٩٥]، والمحافظة على سلامة الأبدان من كل ما
يعرضها للسوء من آكد الواجبات في الشريعة الإسلامية.
٢- حمّل الإسلام الآباء والأمهات مسؤولية عظيمة في المحافظة على أبنائهم وبناتهم ورعايتهم في كل شؤونهم ، ومنها شأنهم الصحي، وخصوصا من لم يبلغ الحلم منهم ، ووردت في ذلك أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم(كلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته).
٣- امتنّ الله عز وجل على الإنسان بأن خلقه في أحسن تقويم ، قال سبحانه وتعالى(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) سورة التين الآية [٤]، وامتدح عز وجل نبيه زكريا عليه السلام حين سأله ذرية طيبة ، والدعاء بالذرية
الطيبة يشمل العافية والسلامة في الجسم ، قال عز وجل(هنالك دعا زكريا ربه قال ربِّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) سورة آل عمران الآية [٣٨].
ورغّب الإسلام المرء في ابتغاء أسباب القوة وبما ينفعه ،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك) أخرجه مسلم في صحيحه ، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة.
٤- وقد وردت في الحثّ على التداوي والأخذ بأسباب الشفاء والعلاج أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم(تداووا فإن الله عزوجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم).
٥- يعتبر تطعيم الأطفال علاجا وقائيا من المرض الذي يخشى منه قبل وقوعه ، وهو ما يسمى في عصرنا الحاضر بالطب الوقائي ، وقد أقرّ الإسلام هذا المبدأ ، فقد ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله(من تصبح بسبع تمرات من تمر المدينة لم يضره سحر ولا سم).
٦- يدعو الإسلام إلى الاستفادة من كل بحث أو إنجاز علمي يسهل حياة الإنسان وييسرها على هذه الأرض ، فهو قد جاء لتحقيق خير الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
٧- إن دفع الأمراض بالتطعيم لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع أدواء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوكل إلا بمباشرة الأسباب الظاهرة التي
نصبها الله تعالى مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وقد يكون ترك التطعيم إذا ترتب عليه ضررا محرماً.
(أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي الأستاذ الدكتور أحمد خالد بابكر).