مقالات

يسين ابراهيم الترابي يكتب: التكافل الاجتماعي في عبادات الإسلام وفضل الإنفاق في سبيل الله

 يسين ابراهيم الترابي يكتب: التكافل الاجتماعي في عبادات الإسلام وفضل الإنفاق في سبيل الله

 

 

ذكرت لكم في مقال سابق إنه قد تم إهدائي أثناء تغطيتي لفعاليات الاجتماع الدوري الأول لأمناء الزكاة بالولايات ومديري الإدارات العامة بالأمانة العامة كتاب بعنوان(الوجيز في فقه الزكاة وتطبيقاتها المعاصرة) لمؤلفه الدكتور جابر إدريس عويشة الأستاذ المساعد

بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية وقد صدر عن الإدارة العامة لخطاب الزكاة(إدارة البحوث) بالأمانة العامة لديوان الزكاة بالسودان.

وأشرت إلى أنني قد اقتبست عنوان المقال من عنواني بابين متجاورين في هذا الكتاب، وقد تناولت في الباب الأول (التكافل الاجتماعي في عبادات الإسلام) ، وها أنا اليوم أتناول الباب الثاني من هذا الكتاب الفقهي والمعنوي للزكاة الذي سأفرد لكم منه حلقات تباعا.

*فضل الإنفاق في سبيل الله*
ما من شريعة من شرائع الأمم حضت على الإنفاق في وجوه الخير والبر، وحذرت من الشح مثل شريعة الإسلام، لأن حب المال والتملك والاحتفاظ بما يقع في أيدي الناس من الأمور التي تشق على النفوس الشحيحة.
الإنفاق في سبيل الله صنو الجهاد بالنفس الذي فرضه

الله تعالى على الأمة المسلمة (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) التوبة [١١١] ، وإنفاق المال في سبيل الله هو من أصدق موازين الإيمان ومقاييس النفوس وهو علامة التقوى وآية الهدى.
والإنفاق هو الأصل في الشرع ، وقد شرع قبل الزكاة لأنه

الأصل الشامل الذي تخصصه نصوص الزكاة ولا تستوعبه ، وقد ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس (إن في المال حق سوى الزكاة)- حديث فاطمة بنت قيس رواه ابن ماجة وتكلم فيه علماء الحديث وحكموا بضعفه.

*النصوص الواردة في فضل الإنفاق*
قال تعالى (من ذا يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم* يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) سورة الحديد الآيتان [١١-١٢].

وقال تعالى (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم) سورة آل عمران الآية [٩٢].
وقال تعالى (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) سورة البقرة الآية [٢٦١].

وقال تعالى (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ، فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) سورة الحديد الآية[٧].
وقوله تعالى (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ، وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) سورة سبأ الآية [٣٩].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ، فيقول أحدهما: اللهم اعطِ منفقا خلفا ، ويقول الآخر: اللهم اعطِ ممسكا تلفا)، رواه البخاري ومسلم.
*فوائد الإنفاق:*

١- الإنفاق من أسباب معية الله( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) سورة النحل الآية[١٢٨].
٢- (إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء). رواه الطحاوي.

٣- إن الله يسخر للمتصدق ما يكون سببا لنمو ماله ويجعل البركة فيه(من يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
٤- الإنفاق يدل على السخاء والكرم ، والكرم أصل المحاسن.

٥- إن ظل المؤمن يوم القيامة صدقته ، ففي صحيح البخاري ومسلم ومسند أحمد(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، وذكر منهم: رجل يتصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
*أوجه الإنفاق:*

تنقسم إلى نوعين:
أ- قسم على سبيل الوجوب والإلزام.
ب- قسم على سبيل التطوع والاستحباب.
*ما كان على سبيل الوجوب والإلزام يشمل أمور منها:*
١- فريضة الزكاة: (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) سورة المعارج الآيتان[٢٤-٢٥].

٢- النذور: النذر ما يلزم المسلم نفسه به والوفاء به واجب(ليوفوا نذورهم) سورة الحج الآية[٢٩].
٣- الكفارات : وقد نوّع الإسلام وعدّد أنواع الكفارات وكلها إنفاق وتوسعة على الفقراء.

فمنها كفارة اليمين(إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم وكسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) سورة المائدة الآية[٨٩].
ومنها كفارة قتل الصيد في الإحرام (أو كفارة طعام مسكين) سورة المائدة الآية [٩٥].

وكفارة من يفطر في رمضان لمرض أو شيخوخة وهو لا يستطيع القضاء (فدية طعام مسكين) سورة البقرة الآية[١٨٤].
وكفارة من يفطر في رمضان عمدا وكفارة الظهار(فإطعام ستين مسكيناً) سورة المجادلة الآية[٤].

٤- الأضاحي : واجبة على القادر من المسلمين (من كانت له سعة فلم يضح فلا يقرب مصلانا) فيها توسعة على الفقراء والأسر الضغيفة.

٥- زكاة الفطر : (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين)، رواه أحمد في مسنده وابن ماجة في صحيحه.

٦- إسعاف الجائع والمحتاج : لا يجوز في شريعة الإسلام والمروءة أن يرى المسلم جاره يتلوى عاريا أو جائعا يعيش في بؤس وحرمان وهو من ذوي المقدرة واليسار، لا يقدم له معونة من مال أو طعام أو كساء؛ قال صلى الله عليه وسلم(ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم) رواه البزار والطبراني.

*ومنها ما كان على سبيل التطوع والاستحباب ويشمل أمورا منها:*
١- الوقف الذري والخيري: وهو من الصدقات المندوبة التي يستمر خيرها ويتجدد ثوابها إلى ما بعد الموت.
فالوقف الذري ما كان خيره ونتاجه خاصا بذرية المتوفي من أولاد وأقرباء ، أما الوقف الخيري فهو يشمل جميع جهات الخير ومواطن البر من مساجد ومدارس ومشافي ودار عجزة وغيرها.

والأصل فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية-معناها دائمة متجددة النفع لا ينقطع ثوابها- أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) رواه البخاري في الأدب المفرد ومسلم في صحيحه.

٢- الوصية: وهي أن يوصي المسلم قبل وفاته في حدود الثلث لجهات الخير (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين) سورة البقرة الآية [١٨٠].

٣- الضيافة: فهي خلق رفيع كان في الجاهلية وأقره الإسلام ووصى به النبي صلى الله عليه وسلم(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) رواه البخاري ومسلم.

٤- العارية : وهي أن يعير آخر متاعا أو ثوبا أو دابة ثم يرده بعد الانتفاع من دون مقابل أو عوض ، وأصلها(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وقد توعد القرآن الكريم من يمنع ذلك (فويل للمصلين& الذين هم عن صلاتهم ساهون& الذين هم يراءون & ويمنعون الماعون).

٥- الأيثار : وهو تقديم الغير على حظوظ النفس الدنيوية رغبة في الأجر والثواب، وذلك ينشأ من قوة اليقين وتوكيد المحبة، (ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) سورة الحشر الآية[٩].

٦- الهدية اوالهبة: وهي التبرع على الغير بشئ ذي قيمة سواء كان مالا أو غيره- وهي تمليك بلا عوض.
وقد ورد في الهدية (تهادوا فإن الهدية تدفع حر الصدر لا تحقرن جارة أن تهدي لجارتها ولو فرسن شاة) وقوله (تهادوا تحابوا).

ومنه الهبة والعمري : وهي أن يهب الإنسان آخر شيئا مدى عمره ؛ مثلا أعمرتك هذه الدار ، أين تسكن فيها مدى عمرك.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى